رئيس قضايا الدولة في ضيافة رئيس محكمة النقض    تعظيم سلام لوزارة الداخلية    تحول جذرى فى عهد الرئيس السيسى |الدور المصرى فى إفريقيا .. عودة مدروسة وإنجازات ملموسة    غادة شلبي: التدريب المهني أحد مفاتيح الوصول إلى 30 مليون سائح    الجيش الإسرائيلي: الإصرار على إقامة مدينة إنسانية في غزة يضر بتحرير الأسرى    جواد ظريف: إيران أثبتت للعالم أنها لا تخشى إسرائيل النووية    مقتل أمريكي على يد مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية    وزير الرياضة: نتائج ناشئي الإسكواش تؤكد ريادة مصر العالمية    رومانو: أرسنال يحسم صفقة جيوكيريس من سبورتنج    بايرن ميونيخ يحدد بديل دياز من آرسنال    إصابة 3 أشخاص في حادث تصادم بالتجمع    حجز إعادة محاكمة أبناء كمال الشاذلي بتهمة الكسب غير المشروع للحكم 10 أغسطس    المحافظ والأكاديمية    أنغام تفتتح النسخة الثالثة لأكبر مهرجان فني ترفيهي بمدينة العلمين.. 18 يوليو    روبي من أوائل نجوم الفن في عزاء سامح عبد العزيز بالتجمع الخامس    انتظام تشغيل منظومة التأمين الصحي الشامل بالصروح الطبية بأسوان    لتعزيز صحة الجهاز الهضمي.. 7 طرق طبيعية لتخفيف الإمساك    قائمة أطعمة ومشروبات تسرع نزول الوزن    نادية الجندي تخطف الأنظار بإطلالة شبابية.. والجمهور: «العمر مجرد رقم» (فيديو)    رئيس هيئة السكة الحديد يعتمد حركة تنقلات جديدة داخل الهيئة 2025    النائب محمد الجبلاوى: صرف شركة أديس 5 مليون جنيه لكل أسرة مفقود ومتوفى فى حادث جيل الزيت خطوة جيدة    أردوغان: الإرهاب الانفصالي كلف تركيا حوالي تريليوني دولار    اعتماد الحد الأدنى للقبول بالتخصصات في التعليم المزدوج بالوادي الجديد    "حين تحوّل البرميل إلى قبر".. نهاية مأساوية لشاب على يد والده في سوهاج    بالصور.. مي سليم تخطف الأنظار من أمام شواطئ العلمين الجديدة    "يديعوت أحرونوت": الجيش الإسرائيلي أجرى مناورة تحاكي تعاملا مع غزو واسع قادم من سوريا    شعبة النقل الدولي: مصر تتمتع بمميزات كبيرة تؤهلها لتوطين صناعة السفن    محافظ الشرقية يوافق على 11 طلبا استثماريا خلال اجتماع مجلس إدارة المناطق الصناعية    الثور يتجاهل الاستفزازات.. 5 أبراج تفضل الصمت وتتجنب الجدال    رئيس جامعة جنوب الوادى يناقش الحوكمة الإلكترونية لنظم الصيانة بالجامعة    منتخب مصر الأولمبي يفوز على كولومبيا في البطولة الدولية للسلة بالصين    بعد الاتفاق على البنود الشخصية.. سانشو على أعتاب الانتقال إلى يوفنتوس    صحة المنيا: نتائج تحاليل شقيقتي الأطفال الأربعة المتوفين تصدر غدا.. وفحص الوضع البيئي بمنزل الأسرة    ما حكم استخدام مزيلات العرق ذات الرائحة للنساء؟.. أمينة الفتوى تجيب    حدث غريب في فرنسا.. سجين يهرب من محبسه داخل حقيبة زميله المفرج عنه    مصرع شقيقين أثناء الإستحمام بترعة في كفرالشيخ    هل يجوز المسح على الطاقية أو العمامة عند الوضوء؟.. عالم أزهري يوضح    أمينة الفتوى تحسم الجدل حول حكم الصلاة بالهارد جيل    محافظ كفرالشيخ يبحث الاستعدادات النهائية لتدشين حملة «100 يوم صحة»    تنسيق الجامعات الأهلية 2025.. تفاصيل الدراسة في برنامج طب وجراحة حلوان    مصدر يكشف لمصراوي سبب تأخر بيراميدز في ملف التعاقدات الصيفية    مايا مرسى تكرم «روزاليوسف» لجهودها فى تغطية ملفات الحماية الاجتماعية    نقيب الصحفيين: علينا العمل معًا لضمان إعلام حر ومسؤول    وكيل الأزهر يدعو الشباب للأمل والحذر من الفكر الهدام    وزراء العدل والتخطيط والتنمية المحلية يفتتحون فرع توثيق محكمة جنوب الجيزة الابتدائية | صور    خبراء: قرار تثبيت أسعار الفائدة جاء لتقييم الآثار المحتملة للتعديلات التشريعية لضريبة القيمة المضافة    جرم غامض من خارج النظام الشمسي يقترب بسرعة هائلة.. هل يشكّل تهديدًا للأرض؟    وزير الأوقاف: شراكة الإعلام والمؤسسات الدينية خطوة تاريخية لمواجهة تحديات العصر الرقمي    ذكري رحيل السيدة عائشة الصديقة بنت الصديق.. تعرف على أهم الكتب التي تناولت سيرتها    بعد قبول الاستئناف.. أحكام بالمؤبد والمشدد ل 5 متهمين ب«خلية الإسماعيلية الإرهابية»    مدبولي: ضرورة التزام الجهات الحكومية بسداد مستحقات شركات الكهرباء    رسالة محبة ووحدة من البطريرك برتلماوس إلى البابا لاوُن الرابع عشر في عيد الرسولين    القديس يعقوب بن زبدي.. أول الشهداء بين الرسل    لاعب الأهلي السابق يكشف عن أمنيته الأخيرة قبل اعتزال الكرة    حالة الطقس في الإمارات اليوم.. صحو إلى غائم جزئياً    مستوطنون يحرقون بركسا زراعيا في دير دبوان شرق رام الله وسط الضفة    في شهادة البكالوريا .. اختيار الطالب للنظام من أولى ثانوى وممنوع التحويل    «دوروا على غيره».. نجم الزمالك السابق يوجّه رسائل نارية لمجلس لبيب بسبب حمدان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عاصفة الخليج.. ولعبة عض الأصابع
نشر في صباح الخير يوم 07 - 08 - 2019

سُلطات جبل طارق البريطانية احتجزت ناقلة النفط الإيرانية «جريس 1» يوم 4يوليو، خلال عبورها المضيق، وذلك استجابة لقرار أمريكى بفرض الحصار على إيران!!.. بريطانيا انساقت للمواجهة دون أن تضع فى حساباتها أن هناك أكثر من 15 سفينة تحمل عَلمها، وتمُرّ بمضيق هرمز يوميّا.. طهران ردت باحتجاز ناقلة النفط البريطانية «إستينا إيمبيرو» أثناء مرورها بمضيق هرمز 14يوليو.. بريطانيا أوفدت وسيطًا إلى طهران؛ لبحث الإفراج عن الناقلة المحتجَزة، فى الوقت الذى دفعت فيه غواصة نووية من فئة «آستيوت» وعدة قطع حربية لتعزيز تواجدها البحرى فى الخليج، وحماية سُفنها..
لكن إيران بعد واقعة الاحتجاز، لم تعترض أى سفينة بريطانية خلال عبورها مضيق هرمز، حتى قبل وصول وحدات الحماية، وذلك حتى تؤكد أنها لا تستهدف وقف الملاحة، بقدر ما تسعى للضغط، بهدف الإفراج عن سفينتها المحتجَزة بجبل طارق.. بريطانيا تحمّلت تبعات القرار الأمريكى، لكن مايك بومبيو وزير خارجية أمريكا أكد بصلف: «على بريطانيا حماية ناقلاتها بالخليج.. أمريكا لا تريد خوض حرب ضد إيران»!!.
الحقيقة، أنه منذ انسحاب أمريكا من الاتفاق النووى مايو 2018، والتوتر مع إيران يتصاعد.. فى مايو نفذت إيران عمليات تخريبية استهدفت ناقلتَى نفط سعوديتين، وناقلة نرويجية، وسفينة شحن إماراتية، بميناء الفجيرة الإماراتى، خارج مضيق هرمز؛ لتؤكد أن الحظر الذى يستهدفها سيطال الجميع لو تم تطبيقه فعلًا.. وفى يونيو استهدف هجوم جديد ناقلتَى نفط قادمتين من السعودية والإمارات فى مياه بحر عُمان، ما أدى إلى حدوث انفجارين كبيرين بهما.. الحرس الثورى أسقط طائرة مُسَيرة أمريكية منتصف يونيو، لكن واشنطن استبعدت العمل الانتقامى؛ لأن ردود فعله المتوقعة، قياسًا على طريقة إدارة إيران للأزمة، تهدد بحرب، عواقبها وخيمة؛ امتلاك إيران لمنظومة صواريخ (S-300) الروسية تسمح باصطياد الطائرات والصواريخ المهاجمة، إضافة لقدرة الصواريخ أرض/أرض الإيرانية على استهداف كل المنشآت والقواعد العسكرية الأمريكية بالخليج.. وترامب يدرك أن الانزلاق للحرب يحد من فرصه فى الفوز بالانتخابات، لذلك اعتمد على وساطة شينزو آبى رئيس وزراء اليابان.. اختيار غير موفق؛ لأن طوكيو ليست مؤهلة للوساطة؛ حيث لم توفد أى مسئول رفيع لطهران منذ ثورة الخمينى 1979!!، والمهين أن تتزامن زيارة المبعوث اليابانى مع عملية تفجير الناقلة اليابانية!!، خامنئى كشف للإعلام أن «آبى» يحمل رسالة من ترامب، وبدا أمام الكاميرات وكأنه يوبخه.. ترامب كعادته تراجع، وأنكر علمه بالوساطة!!.
مبررات إثارة الأزمة
أزمة الخليج لن تتجه للهدوء، أمريكا فجرت الموقف، وتسعى لتصاعده، حتى تتوقف إمدادات البترول من الخليج إلى دول العالم، التى تمثل 20 % من حجم تجارة النفط الدولية، ما يفتح أسواقًا جديدة أمام البترول والغاز الصخرى الأمريكى، كما أنها تأمل فى أن توسع حرب الناقلات دائرة التأييد للموقف الأمريكى، ما يجبر إيران على المرونة والتفاوض.. اللجوء للعمل العسكرى أمر مستبعَد، على الأقل فى الظروف الراهنة، ولكن إثارة الأزمة تستهدف من وجهة النظر الأمريكية تحقيق ثلاثة أهداف:
الأول: التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران، يضع قيودًا على الصواريخ الباليستية، إضافة لتقييد الأنشطة النووية.
الثانى: فتح الباب أمام الشركات الأمريكية لعَقد صفقات مع إيران بعد رفع اسمها من لائحة الدول الراعية للإرهاب.
الثالث: تحصيل مقابل الحماية من «الفزّاعة الإيرانية»، وعقد صفقات تسليح جديدة مع دول الخليج.
روسيا من جانبها تحاول تفعيل دورها فى الأزمة، دعمًا لحليفها الإيرانى؛ وقّعت اتفاقًا عسكريّا مع طهران، لأول مرّة فى تاريخ العلاقات بين الدولتين، كما تنظم مناورات بحرية مشتركة مع إيران فى الخليج ومضيق هرمز.. عُمَان تقوم بدور الوساطة بين طهران وكل من لندن وواشنطن، وهى تركز على تبادل الإفراج عن الناقلات المحتجزة، وتهدئة التوتر فى المنطقة، كبداية لتهيئة المناخ لتناوُل المشاكل الرئيسية.
ردود الفعل الإيرانية
اتسام ردود الفعل الإيرانية بالحدة، يرجع إلى شدة تأثير العقوبات الأمريكية عليها؛ صادرات الخام الإيرانى بلغت أقل من 300 ألف برميل/ يوم أواخر يونيو، مقارنة بأكثر من 2.5 مليون برميل فى أبريل 2018، أى بنسبة 12 % فقط من معدلاتها قبل شهر واحد من انسحاب ترامب من الاتفاق النووى.. والأنكى، أن الأسواق قد استغنت عن النفط الإيرانى، ولم تَعُد تتأثر بنقصه؛ لأنها وجدت البدائل.. إلّا أن عدوانية السياسة الإيرانية أتت ببعض الثمار، الإمارات انسحبت من حرب اليمن، تجنبًا لهجمات الطائرات المُسَيرة على المطارات والمواقع الاستراتيجية، وأوروبا تحاول أن تنأى بنفسها عن النزاع.. وأمريكا التزمت باحترام الطلب الإيرانى بأن يكون عبور المضيق بإخطار مسبق، وسلمت بتقاسمها للسيادة مع عُمان.
إيران لاتزال تتمسك بتشددها، حتى إنها رفضت استقبال «بومبيو» فى طهران، ومحسن رضائى- أمين مجلس تشخيص مصلحة النظام- تعهد بألّا تسمح بلاده لأى من الولايات المتحدة أو بريطانيا بالسيطرة على مضيق هرمز.. ذلك أنها أكثر الأطراف المستفيدة من التصعيد؛ لأنه سمح لها بجس نبض أمريكا وبريطانيا، وتحديد الإطار الذى تستطيع أن تتحرك فيه دون أن تتعرض للعقاب، وأقصى مدى للتصعيد دون إثارة للحرب، وقد تأكدت أن كلّا من أمريكا وبريطانيا، يعمل فى اتجاه منفصل عن الآخر، لاختلاف أهدافهما، وأن كليهما ليس على استعداد للمخاطرة بالحرب.. أمريكا تعتزم تشكيل تحالف دولى متعدد الجنسيات لحماية المرور بمضيقَى هرمز وباب المندب!، ومدخل المحيط الهندى عند خليج عُمَان.. بريطانيا من جانبها مستمرة فى تعزيز قواتها البحرية بالخليج، وفى قاعدتها بالبحرين؛ لتأمين حركة السفن التجارية بالمنطقة، وتسعى لإنشاء قوة حماية بحرية بقيادة أوروبية لضمان حرية الملاحة فى الخليج.
الخلاف السابق كانت له انعكاسات سياسية؛ إيران سعت لاستكمال اجتماعات فيينا وفق معادلة «4+1» بَعد استبعاد الولايات المتحدة، وبريطانيا وافقت بهدف إنقاذ الاتفاق النووى.. الدول الأطراف فى الاتفاق مع طهران «روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا، وألمانيا»، اتفقت فى فيينا 28يوليو الماضى، على عَقد اجتماع على مستوى الوزراء؛ لبحث كيفية إنقاذ الاتفاق النووى، وتوافقت على أن رفع العقوبات عن إيران جزء أساسى فى الاتفاق، وهو مكسب كبير يعزز الموقف الإيرانى.
انعكاسات التوتر
لجنة الحرب لسوق لندن للتأمين اعتبرت منطقة الخليج من المناطق عالية المخاطر، نتيجة لتكرار الحوادث والتهديدات، ما يفسر ارتفاع أسعار الشحن ورسوم التأمين بمعدلات كبيرة.. استمرار تصاعد التوتر فى الخليج يهدد بعودة شبح حرب الناقلات التى نشبت بين إيران والعراق 80/1988، واستهدفت فيها 546 سفينة تجارية، منها 259 ناقلة نفط عملاقة، وقتل قرابة 430 بحارًا مدنيّا، خلال هذه الفترة.. وإبان هجمات القراصنة الصوماليين، تم اتباع نظام المرافقة الأمنية للسفن التجارية والناقلات، لكن هذا النظام لم يعد مناسبًا حاليًا، فكثافة مرور الناقلات بالخليج تضاعف عدة مرّات، وصار الأمْرُ فى حاجة لإعادة تنظيم وتنسيق بين الدول المستفيدة؛ لتبادل المعلومات والإخطار المسبق عن السفن، وتنظيم قوافل العبور، أمّا التهديد بعودة حرب الناقلات فإن الأوضاع الدولية والإقليمية لم تَعُد تحتمل حربًا مماثلة فى المُدة، والتطور فى الأسلحة بات لا يضمن عدم وصول التصعيد إلى مرحلة الحرب الشاملة.. ما يعنى أن الجميع يضغط، لكنهم حريصون على تجنب الحرب.
•••
احتواء الموقف بالدبلوماسية الهادئة، هو السبيل الوحيد للحد من الخسائر الفادحة للتصعيد.. وإلى أن يتم ذلك، فإن على دول الخليج الاعتماد على مسارات بديلة لنقل النفط، وهى متاحة بالفعل.. خط أنابيب بقيق/ينبع السعودى «بترولاين» يمكنه نقل نحو 5ملايين برميل/يوم.. خط أنابيب حبشان/الفجيرة بالإمارات سعتة 1.8 مليون برميل/يوم.. خط أنابيب العراق/تركيا ويربط شمال العراق بميناء جيهان التركى على البحر المتوسط.. خط سوميد ويمتد من العين السخنة على خليج السويس إلى سيدى كرير على ساحل المتوسط غرب الإسكندرية.. هذه المسارات تؤمّن عمليات نقل النفط حتى تتم تسوية أزمة، اعتادت أطرافها «إيران من ناحية، وأمريكا وبريطانيا من ناحية أخرى» تقسيم الأدوار والمصالح لعقود طويلة، وهى حقيقة تقلل من توقعات الحرب فيما بينها.. هى لعبة عض الأصابع؛ لتحسين شروط التفاوض، وإعادة تقسيم الأدوار والمكاسب، وفقًا لتوازنات جديدة للقوى، وبالطبع على حساب دول المنطقة.•


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.