رصد علماء الفلك جرماً سماوياً غامضاً يشق طريقه عبر الفضاء بين النجوم، وأُطلق عليه اسم 3I/ATLAS، ليُسجل كونه ثالث جسم مؤكد من خارج النظام الشمسي يعبره في العصر الحديث، بعد "أومواموا" في عام 2017 و"بوريسوف" في 2019. ويُعتقد أن الجرم، الذي يُرجّح أنه مذنب، يتحرك بسرعة فائقة تتجاوز 210 آلاف كيلومتر في الساعة، ومن المتوقع أن يقترب من الشمس في أواخر أكتوبر 2025، قبل أن يواصل رحلته مغادراً النظام الشمسي. وأكدت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) أنه تم التحقق من أن الجرم لا ينتمي إلى النظام الشمسي في غضون 24 ساعة فقط من اكتشافه، وهو ما أثار اهتماماً علمياً واسعاً بشأن مصدره الغامض وطبيعته. خصائص فريدة تثير الفضول يتميّز الجرم 3I/ATLAS بسلوك يُشبه المذنبات، إذ يُحيط به غلاف من الغازات والجليد، مع احتمال وجود ذيل مرئي، في مشهد يضفي عليه طابعاً درامياً في السماء. ويُقدَّر قطر الجسم مع هالته المحيطة بنحو 24 كيلومتراً، ما يجعله أكبر حجماً بشكل ملحوظ مقارنة بسابقيه "أومواموا" و"بوريسوف". ومن بين خصائصه اللافتة أيضاً مساره غير المعتاد، إذ يعبر النظام الشمسي بزاوية تكاد تكون عمودية على المستوى المداري للشمس داخل مجرة درب التبانة، وهي زاوية وُصفت من قبل علماء الفلك بأنها "نادرة للغاية" وتعزز الغموض المحيط بهذا الزائر القادم من أعماق الفضاء. لا خطر على الأرض... ومشهد محتمل في السماء أكّدت وكالة ناسا أن الجرم 3I/ATLAS لا يشكّل أي تهديد لكوكب الأرض، إذ من المتوقع أن يمر بالقرب من الشمس على مسافة تعادل 1.5 ضعف المسافة بين الأرض والشمس، دون أن يقترب من كوكبنا بأقل من 1.6 وحدة فلكية، أي نحو 240 مليون كيلومتر. ومع اقترابه من الشمس خلال الأشهر المقبلة، قد يصبح الجرم مرئياً بالعين المجردة أو باستخدام تلسكوبات بسيطة، ما يتيح فرصة نادرة لمتابعة هذا الزائر الكوني. من أين جاء؟ تشير التحليلات الأولية إلى أن المذنب ربما نشأ في منطقة تُعرف ب"القرص السميك" لمجرة درب التبانة، وهي منطقة تضم عدداً كبيراً من نجوم المجرة. ويُعتقد أن دخوله إلى النظام الشمسي حدث في منتصف عام 2023، وقد يستغرق عقوداً قبل أن يُغادره بالكامل في رحلته العابرة بين النجوم.