فى مقال سابق لى حملت مُنتجى السينما مسئولية تخليهم عن السينما تحت مُسميات «مفيش فلوس» أو«لا نريد الخسارة» أو قرصنة الأفلام أغلقت شركات الانتاج وما إلى ذلك من مبررات أعتبرها من وجهة نظرى مُبررات خايبة. لذلك حملت أفكارى واتهاماتى وذهبت بها لأحد كبار مُنتجي السينما محمد العدل. الذى انشغل عن السينما بالسياسة منذ ثورة25 يناير. وكان دائما محل علامة استفهام لى.. ليس لكونه مهتماً بُمجريات مايحدث على الساحة- الجميع كان ُمهتما والجميع تعاطى السياسة بشكل لم يحدث من قبل- بل لكونه كان مُشاركًا بشكل أو بآخر بدرجة تجعلك تتعجب وتتساءل لماذا ترك الإنتاج واتجه للسياسة؟ ولذلك بدأت حوارى معه بهذا السؤال: • لماذا تخليت عن السينما وتوقفت عن إنتاج الأفلام حتى إذا كانت قليلة التكلفة، خاصة أن «لا يوجد فيلم يخسر» بعد بيعه للقنوات الفضائية؟ - مبدئياً مقولة «مفيش فيلم بيخسر» لم تعد موجودة حالياً. «لماذا؟ لأن مصادر دخل أى فيلم تُمثل 60% من بيعه للتليفزيون المصرى وعروض السينمات خارج مصر،40% من الداخل. نحن فقدنا 80% من هذه المصادر. عندما تحولت القرصنة على الأفلام من «قرص مُدمج» إلى «قرصنة على القنوات التليفزيونية» بالتالى أصبح لم يعد لى تسويق بالخارج فى كُل من «العرض السينمائى والقنوات التليفزيونية»، لا أحد يريد الشراء لأن لدينا أكثر من50 قناة فضائية «نكرة» تعرض أفلاماً مسروقة، وبالتالى أصبحت مقولة «مفيش فيلم بيخسر» غير موجودة.. الإنتاج السينمائى محصور بين نوعين من الأفلام. أولهما أفلام التيك واى وبها «التوليفة» الطاغية على السينما، وتعتمد على المُقدمة الدعائية لجذب الجمهور لدور العرض وهنا تجدين المُنتج يجمع الفلوس ويمشى، وهذه النوعية لا أعرف أنتجها والنوعية الثانية من الأفلام تعتمد دعايتها الأساسية على «الدعاية السمعية» الجيدة التى يروجها الجمهور الذى شاهد الفيلم وهذه النوعية خسارتها شبه مضمونة، لأن الفيلم تم سرقته بكوالتى عالى الجودة من دور العرض وقد يكون الفيلم سرق من المُنتج نفسه.. وهنا لابد أن يكون للدولة دور فى حماية صناعة السينما. لأن هناك من يبحث عن وأد هذه الصناعة من خلال توجيه اتهامات للسبكى، والدولة مازالت تعتبر السينما والمسرح دور ملاهى. على فكرة الجمهور الذى يهاجم أفلام السبكى بمُجرد نزول المُقدمة الدعائية لأى فيلم له بالتليفزيونات لا يذهب أساساً للسينما حتى إذا كان العمل جيداً. مثل فيلم «عبده موتة» لمحمد رمضان والمُنتج أحمد السبكى من وجهة نظرى أعتبره أفضل من فيلم «إبراهيم الأبيض» لأنه أكثر التصاقاً بالواقع مع الوضع فى الاعتبار أن الأبطال والمُخرج وشركة الإنتاج كانوا بمثابة حماية ل«إبراهيم الأبيض» وأتحدى أى أحد منهم يقول متى آخر مرة دخل فيها السينما. اختراق • لماذا أجد فى حديثك دائما تحاملاً على الدولة وكأنها المسئولة الوحيدة بشكل مباشر عن قلة الإنتاج السينمائى؟ - الدولة غير مسئولة عن الإنتاج السينمائى لكن عليها حمايتى كمُنتج من قرصنة الفضائيات على الأفلام لماذا؟ لأن عام 2006 كان من المُفترض عمل نايل سات2، لكن المسئول وقتها وجد السعر باهظًا جداً مما دفعه لشراء نصف قمر فقط وكتب بروتكولاً مع فرنسا ينص على حق تصرفها فى النصف الثانى من القمر، وبالفعل قامت فرنسا ببيع النصف الثانى من القمر لأحدى الشركات الأردنية وأصبح مُشترى النصف الثانى من القمر يُذيع على نفس المدار الخاص بنا ما يريدمن خلال القنوات الدينية الوهابية وقنوات نكرة تذيع الأفلام. ما سبق يُعنى أن الدولة وافقت أنها تكون مُخترقة أعلم تماما أن وجود أى تغيير فى هذا البروتكول لصالحنا سيكلف الدولة الكثير، لكن فى النهاية لابد من وجود قانون يحمى المُنتجين، بالنسبة للمُنتجين صانعى الأفلام قليلة التكلفة هم خاسرون فعلا وهم أساساً غير مُنتظرين من أفلامهم مردودًا ماديًا. وأؤكد أن الدولة لاتعى دور السينما والمسرح وتعتبرها دور ملاهٍ بدليل أن وزيرة التضامن أصدرت قراراً بفرض ضرائب على السينما والمسرح. لأنها من وجهة نظرها دور للإلهاء فقط لا غير وليست وسيلة لمُحاربة الإرهاب. • أى دولة فى العالم تفرض ضرائب على أى مُنتج يتم شراؤه ولم يشك المواطنون من الضرائب المفروضة عليهم؟ - موافق أن تكون هناك ضرائب على السجائر والخمور وكل ما يضر، لكن فى هذا الوقت الدولة فى احتياج للسينما والثقافة، لا أريد أن أحمل الدولة شيئاً لكنها فى ذات الوقت لا تساعدنا لكى تشاهدنا بشكل صحيح. • مُشاركتك فى إنتاج الدراما التلفزيونية يؤكد تخليك عن السينما من أجل مكاسبك؟ - لم يشاهدنى أحد داخل بلاتوهات المُسلسلات سوى مرة واحدة فقط، ولم أشارك فى إنتاج الدراما التليفزيونية سوى بمسلسل «حديث الصباح والمساء»، ولن أكرر التجربة إلا بمعاييرى الخاصة مع احترامى لكل الأعمال الموجودة.. بالنسبة للسينما لم أتخل عنها والدليل أننى أدرس مشروع إنتاج عشرة أفلام دُفعة واحدة أغلب المشاركين فيهم سواء أمام الكاميرا أو خلفها سيشاركون فى الإنتاج وستكون لهم نسبة من الأرباح، على فكرة هذه الأفلام ستكون بمستوى فنى جيد وقليلة التكلفة وبعضها سيذهب لمهرجانات عالمية والبعض الآخر سيحقق أرقاماً فى شباك التذاكر وحاليا لدى 6 مشاريع سينمائية جاهزة للتنفيذ أصحابها شباب لديهم القدرة على التواصل مع المهرجانات بشكل جيد، وكل فيلم وصلنى معه مؤلفه ومخرجه وأبطاله ولست صاحب القرار فى الموافقة على هذه الأفلام معى مجموعة مكونة من مُخرجين وكُتاب سيناريو ومُديرين تصوير شغلتهم تقييم المشاريع فقط لا غير. المُشكلة الوحيدة التى تواجهنا فكرة «البطل المُطلق» المسيطرة على كل النجوم، ومشروع ال10 أفلام يعتمد على البطولة الجماعية، هذا المشروع باشتغل عليه منذ سنتين وباحاول أكمل مشروع ال10 أفلام لا أنكر أننى كسبت من السينما وإذا كان فيه إمكانية أننى أشتغل وأجعل السينما تقف على قدميها سأفعل بلا تردد. أنا وإسعاد • إسعاد يونس أنتجت سلسلة أفلام على غرار مشروعك ما الاختلاف بين التجربتين؟ - إسعاد لها تجارب رائعة لكن ظروف الإنتاج وتسويق الأفلام وقتها مُختلف تماماً عن الوقت الراهن حالياً نُفكر كيف أنتج الفيلم ثُم أقوم بتسويقه.. فى نجارب إسعاد السينمائية كانت تسوق الفيلم قبل إنتاجه. • حالياً أنت مُنتج مُنفذ لفيلم «مولانا» المأخوذ عن قصة إبراهيم عيسى ونعلم إن لك فكرك السينمائى ألا تخشى أن يتعارض مع فكر نجيب ساويرس خاصة أن له تجارب لم تحقق نجاحات؟ - إطلاقاً لم يحدث أى تعارض فى أفكارنا ولم يتدخل نهائياً فى السيناريو والحوار أو أى عنصر بالفيلم. أنا كُنت أُفكر فى إنتاج الفيلم لكن ظروفى لم تسمح وعندما فاتحت نجيب ساويرس تحمس جداً لأنه كان قد قرأ الرواية، وبالنسبة لتجاربه السابقة فكانت نوعاً من أنواع مُساعدة الصناعة وهو غير مسئول عن نتائجها، ولا يجب أن نحملها له.•