تعتبر صناعه السينما من أهم الصناعات التى تجلب على الدولة إستثمارات، وأموال كثيرة، كما أن للفن بوجه عام سواء كان دراما سينمائية أم دراما تليفزيونية او مسرحًا دور كبير فى الإرتقاء بثقافة المجتمع والعمل على تنشيط السياحة فى البلاد، وخلال السنوات الماضية وتحديدًا ما قبل ثورة 25 يناير كان هناك الكثير من المشكلات التى تواجه الفن بصفة على رأسها القرصنة للأفلام السينمائية وتصاريح التصوير الخارجى ورسومها الضخمه للاعمال السينمائية والتليفزيونية على السواء، مما أدى إلى تدهور الصناعة من الناحية الإنتاجية وتخوف المنتجين وباتوا في حالة شدْ وجذب، وفقًا لحالة السوق ورواج أفلام معينة مع الجمهور، وذلك كي يضمنوا عامل الإيراد بشكل أساسي وبعدها تأتي النظرة للمحتوى وما يعود به من فائدة على المشاهد، وكان لبعض النقاد أرائهم في حالة التدهور وكيفية الإرتقاء بها. في البداية يقول الناقد عصام زكريا، معروف أن السينما المصرية هى رائدة الإنتاج بالسوق السينمائى لأكثر من مائة عام، وهذا السوق فى صعود وهبوط مستمر وفقًا لما يتعرض له من أزمات إقتصادية، إجتماعية، سياسية، وفنية وبهذا نجد أن الأفلام فى فترات تكون جماهيرية وفترات أخرى غير جماهيرية، ويأتي على رأس ملامح الأزمة الحالية الملمح الإقتصادى، حيث أن العديد من صناع السينما سحبوا أيديهم من الصناعة خوفًا على نقودهم، وقلقًا من الأوضاع السياسية مما أدى إلى إنكماش كبير فى الصناعة. وتابع قائلًا، عدد دور عرض السينما فى مصر مؤسف، فنحن نتحدث عن 300 دور عرض فى بلد يشغله أكثر من 90 مليون نسمة، ومن المفترض أن يكون هناك المزيد من دور العرض لإستيعاب الصناعة، ويجب أن توُجِد غرفة صناعة السينما حلول لتلك المسألة، مشيرًا إلى أن الأفلام التجارية ضرورة فى أى بلد يصنع الفن، فعلى سبيل المثال فيلم Fast Furious 7 حقق إيرادات تجاوزت المليار دولار فى أسبوعين، وهو فيلم تجارى تافه، وهذا أمر بديهي بالعالم كله، ولو اقتصرت السينما على الأفلام الجادة فقط ستزول الصناعة خلال عام ثم تتلاشى الصناعة بأكملها، والأفلام الجادة لا تحقق الإيرادات والصناعة قائمة فى الأساس على الأفلام التجارية. أما الفنان أشرف عبد الغفور، نقيب الممثلين، فقال، من مشكلات الإنتاج أن منظومة سينما المخرج وسينما المؤلف تلاشت نسبيًا، وأصبحت سينما الممثل هى السائدة والرائجة، وشجعت عليها الإعلانات وشركاتها المختلفة، وأرى أن السينما المستقلة والأفلام المستقلة من ضروريات الموازنة فى الإنتاج السينمائى، ومن خلالها يتم تقديم موضوعات هامة وجيدة ومواهب جديرة بالإهتمام، ولابد من تنمية الوعى تجاه الفن الذى يستحق، كالأفلام المستقلة فشبابنا رغم أنه يتحلى بالوعى الكافى، تجدهم انصرفوا عن الافلام التى قد تحمل معنى وموضوعًا ليشاهدوا الأعمال الأخرى التى تذخر بها الشاشات وأرى أن للمشكلة جوانب كثيرة من ثقافة ووعى وغيرهما. فى حين قال المنتج السينمائى محمد حفظي، حتى يومنا هذا لم نر جديدا فى حل مشكلات صناعة السينما ولم تحدث اية تغييرات فى عهد الحكومة الجديدة ومازلنا فى انتظار الاهتمام بصناعة السينما واتخاذ قرارات من شانها ازالة عقبات الانتاج التى يواجهها منتجو السينما منذ فترات طويلة، ومن اهم هذه العقبات مشكلة القرصنة والتصوير الخارجى بل تم اضافة عقبة جديدة حيث اصبح التصوير الخارجى فى الشوارع يتطلب دفع رسوم اضافية من المنتج لصالح وزارة الداخلية، والعمل بعربة "أمن مركزى" فى اماكن التصوير وذلك الشئ لم يكن يحدث من قبل. وتابع، بالتالى فالعقبات فى تزايد ولم يتم تقليصها رغم انها من اهم مطالبنا ازاله عقبات التصوير الخارجى التى تكلف النتجين مبالغ مادية كبيرة وتحتاج لتصريحات روتينية كثيرة نعطل العمل، فلابد على الحكومة ان تنتبه لاهمية السينما كصناعة وكعامل مؤثر فى تثقيف المجتمع المصرى وكوسيلة مهمه جدا يمكن استخدامها فى تنشيط السياحة من خلال التصوير فى الاماكن السياحية التى نواجه عقبات فى التصوير فيها واذا ماتم تسهيل التصوير فى هذه الاماكن سيعود ذلك على قطاع السياحة بشكل كبير وبالتالى سيعود على الدولة بربح مادى كبير جدا وبذلك لابد من ازالة كل العقبات التى من شأنها تأخير تقدمنا. وألمح د. عادل يحيى، نائب رئيس أكاديمية الفنون، إلى أن مصر طيلة تاريخها كانت تملك كيانات إنتاجية كبيرة من شركات إنتاج خاصة، وهيئات إنتاجية عامة أو حتى إنتاج فردى ولكن بعدما تعرضت إليه من مشاكل إقتصادية وسياسية، أصبح من الصعب على المؤسسات أن تنتج إنتاجًا غزيرًا كما كان الحال فيما مضى، وأصبحت تغامر بفيلمين أو ثلاثة فى كل موسم، وتعتبر القرصنة مشكلة عالمية، تتعرض لها الأفلام الاجنبية التى تُّسرق بأعلى جودة، رغم هذا تحقق إيرادات مذهلة لكن الجمهور يهتم بالحدوتة ولا يلتفت إلى التقنيات، طالما حصل على الحدوتة بتفاصيلها، لذلك مشكلة القرصنة وقْع تأثيرها أضخم فى وسطنا الإنتاجى. وأضاف أن من حلول مشكلة القرصنة لابد وأن تتمركز فى متابعتها من البداية، مثل أن تصنع علامة مائية مميزة بلون مختلف عن غيرها فى كل نسخة حتى يستنى لنا اكتشاف أين تمت القرصنة؟ وبأى نسخة؟ وفى أى دور عرض؟ وليس هناك مشكلة دور عرض فى مصر، لإن عدد دور العرض هو عملية نسب وتناسب مع حجم وعدد المشاهدين، وبما أن هناك إحجام عن المشاهدة وتردد على دور السينما، فلا تختص دور العرض بالمشكلة. وأتم قائلًا: ليست هناك محدودية مواضيع مرتبطة بأفلام الراقصة والبلطجى، هذه النوعية موجودة من قديم الأزل ورأيناها فى أفلام مثل " الفتوّة " وغيره الكثير فالمنتج حاليًا يطمح فى الربح ولذلك يعرض ما يتوقع أن يلقى إقبالًا جماهيريًا، ليست المشكلة فى محدودية المواضيع قدر ما هى مشكلة محدودية قبول المجتمع للموضوعات المطروحة فى السوق، ولهذا صلة بتركيبة المجتمع ذات نفسه وسيكولوجيته، ومن أكبر الأخطاء أن تتدخل الدولة فى الإنتاج، يجب ألا تتدخل بشكل مباشر فى عملية الإنتاج السينمائى وفهناك تجارب مؤخرًا شابها المجاملات وصرف مكافأت دون وجه حق، من الممكن للدولة تقديم مساعدتها بإنشاء بنك للاستثمار فى صناعة السينما يمنح قروض بفوائد قليلة لمن تراوده فكرة الإنتاج ويملك الموهبة. وقال المنتج السينمائى والتليفزيونى محمد العدل، الحكومة تحدثت كثيرا عن اهتمامها بالسينما والفن المصرى بشكل عام وقالت إنها ستزيل كل العقبات والمشكلات التى تواجه الانتاج الفنى فى مصر ولكنها قامت بعمل دعايا فقط ولم يحدث شئ على ارض الواقع ولم تهتم بالغن ومازالت المشكلات قائمة، وتمثل مشكلة القرصنه الاهم بين تلك المشكلات فهى التى تكبد المنتجين خسائر مادية هائلة والدولة هى الوحيدة التى بيدها غلق تلك القنوات التى تخترق فضاءنا وكذلك مشكلة تصاريح ورسوم التصوير الخارجى حيث ازداد الامر سوءا بعد قرار وزاة الداخلية بفرض رسوم لتأمين التصوير الخارجى، ولذلك اود ان اوجه رسالة الى الرئيس عبد الفتاح السيسي الذلى لم يقبل اختراق حدودنا البرية والجوية والبحرية كذلك ارجو ان ينفذ الامر نفسه فضائيا وارجو سرعة التنفيذ لانقاذ عقول شبابنا من الاختراق الثقافى وانقاذ صناعة السينما المصرية التى تمثل اهم الصناعات لدينا. وأشار الأب بطرس دانيال، رئيس المركز الكاثوليكي للسينما، إلى أن منتجين الزمن الجميل كانوا دارسين سينما فمن الصعب أن يخرج منهم عمل سئ ولا يقبلون بعمل ضعيف، فإن أردنا إعادة إنتاج أفلام السينما المصرية لابد وأن نقوم بدراسة ما انتجوه هؤلاء من فنون، وحاليًا سينما الممثل هى المتفردة، فالممثل هو من يختار الأبطال ويحدد المخرج ومفردات العمل إلى آخره، وهذا قادنا إلى أن كل من بحوذتهم المال قد يقدمون على الإنتاج، ومن أكبر المشكلات الحالية التى نواجهها فى الإنتاج هى التوزيع، التوزيع مشكلة كارثية قد ينجم عنها نجاح أفلام لا تستحق، وفشل أفلام جيدة المحتوى لاعتبارات عديدة لا صلة لها بالفن ومعاييره. وتابع، الفنان بإمكانه ومن واجبه إحداث الموازنة، وعلى سبيل المثال أفلام احمد حلمى على مدى السنوات الأخيرة لها قيمتها ونجاحاتها المتتالية، هى تجمع بين الفكاهة، قيمة الموضوع أو الفكرة، وتناسب معاييرنا كمجتمع، وأعتبر أن إرتفاع أجور الممثلين الابطال مشكلة أخرى كبيرة، ومن شأنها أن تخل بعناصر فنية عديدة داخل العمل، والقرصنة أيضًا مشكلة صعبة جدًا، وهي بحاجة لجهات حكومية وقانونية لفرض عقوبات وشروط جزائية، وفى مشاكلنا الإنتاجية نحن بحاجة لمنتجين يسعون لإيصال رسالة قوية، لا يستندون على مقولة "الجمهور عاوز كده"، لابد من وجود فنان قوى يستطيع أن يقدم رسالة معينة وحاليًا الفنان لا يرغب بذلك ولا يريد بذل المجهود. الناقدة الكبيرة ماجدة خير الله، أشارت إلى أن الإنتاج السينمائى تقلص بالطبع فى السنوات الأخيرة من حيث العدد والجودة وال Quality والموضوعات المطروحة، إلا أنه حتى لا تصبح الصورة قاتمة تمامًاوهناك بارقة أمل فى بعض المشروعات مثل الأفلام المستقلة وبعص من ينتجون أفلامًا بعيدة عن المواصفات التجارية وبذات الوقت جيدة، موضحة أن نوعية الافلام السائدة موجودة طيلة العمر، والسينما منذ بداياتها تقدم أفلام الراقصة والبلطجى وغيرها، والإنتاج حاليًا لا يتمثل فيها لكنها تلقى ضجة وإن كانت ضجة الرفض حتى، فهناك أفلام جيدة لا تلقى أى ضجة، مثلًا هل الناس تحدثت عن فيلم "ديكور" مثلما تحدثوا عن "حلاوة روح"؟ الصحافة هى من تسلط الضوء على الأفلام الرديئة وتصنع لها رواج رهيب وكأنها هى فقط التى بالسوق، رغم أن هناك أفلام جيدة بحق مثل "ديكور"، "فتاة المصنع"، "هرج ومرج"، "فرش وغطا"، "فيلا 69". وتابعت، كان هناك تجارب تستحق المتابعة في الفترة الأخيرة، مثل فيلم "خارج الخدمة " ل احمد الفيشاوى وشيرين رضا، وفيلم "قط وفار" ل وحيد حامد لكن ستجد أن من شاهدوهم قليلون ومن تحدثوا عنهم معدودين على الأصابع، ومثل هذه الأفلام لا تحظى بالدعاية الجيدة، لأن الناس ببساطة عايزة "الهيافة"، أما الأعمال التى بحاجة للتأمل والعقلانية، ستجد أن كمية المقبلين عليها تضاءلت كثيرًا عمن يقبلوا على "الهيافة"، ونحن لا نملك صناعة سينما، فصناعة السينما فى مكانين فقط "هوليود" فى أمريكا و"بوليود" فى الهند، فمثلًا لو أننتجت فيلم تدور أحداثه سنة 1900، تجد المصانع التى توفر لك الديكورات وسيارت الحقبة وأزياءها وملامحها وكل شئ يخصها، فيلم حرب مثلًا، يصنعوا لك الدبابات التى كانت موجودة فى حقبة الفيلم، الشوارع ببيوتها، الاجواء كلها التي تساعدك على الخروج بفيلم جيد، وهذه تسمى صناعة السينما. وقالت خيرالله، لا منافسة من جانبنا على الساحات العالمية، لأنه ليس هناك جدية من المنتجين وشركات الإنتاج، ولو ألقينا نظرة على منتجينا سنجد، السبكى، وأشخاص ينتجون أفلام شبيهة بنفس إنتاجاته، ومن يرون انفسهم أساتذة كبار أمثال، إسعاد يونس، التى تمتلك دور عرض عديدة ورهيبة، لا تقدم على إنتاج أعمال متعددة، ولا يوجد إنتاجات مثل التى كنا نشهدها بالماضى كأعمال رمسيس نجيب الذى كان يتبنى روايات بالإنتاج وغيره، وهناك آخرين أمثال محمد حفظى من الأسماء التى تقدم أعمال مختلفة ومحترمة وتستحق التقدير، وهو يستحق الشكر والتشجيع، وهناك شركة نيو سينشرى أيضًا تقدم أحيانًا إنتاجات مختلفة عما هو مطروح وبها قيمة ومحتوى. أما وزارة الثقافة فكانت تمتلك دور العرض، فكان أى فيلم حتى ولو رديء وليس به نجوم يأخد فرصته فى دور العرض، وكانت منتشرة فى مناطق كثيرة من المحافظات، الدولة قامت بمؤامرة وقامت ببيعها لمن يشتري، وحاليًا، هناك أفلام عالمية تجرى تصويرها فى دبى وابو ظبى مثل " Fast & Furious 7 "، بلوك كامل للتصوير وتسهيلات ممتازة لصناعه إمكانات رهيبة خلال تصوير المطاردات وغيرها مثل " Mission Impossible " الجزء الأخير، الذي تم استقبال افتتاحه فى دبى بحفاوة كبيرة، لكن نحن نخلق تعقيدات رهيبة ونبحث عن كيفية إستغلال الناس بدلًا من مساعدتهم بتقديم تسهيلات تشجعهم أن يأتوا أكتر!. واتفق المنتج التليفزيونى وعضو غرفة صناعة السينما صفوت الغطاس مع كلام زملائه قائلًا، لم يحدث جديد حتى الآن من أجل النهوض بصناعة السينما وسبق أن ناشدنا الحكومة من أجل الإهتمام بقطاع السينما والعمل على حل المشكلات التى تواجه الصناعة سواء كانت قرصنة او تصاريح او رسوم التصوير الخارجى التى تمثل عائقا كبيرًا امام المنتجين فى السينما والتليفزيون، بل تمت اضافة رسوم جديده للتصوير الخارجى فى الشوارع ايضا من اجل تأمين طاقم العمل مما زاد الامر سوءا، فنحن امام صناعة تتدهور يوما بعد الاخر بسبب زيادة النفقات عليها وما يحدث لها فيما بعد من سرقه وقرصنة، وبالتالى فالكثير من المنتجين اصبحوا يبتعدون عن الانتاج بسبب الخسائر الماديه التى تحدث لهم. كما قال المنتج السينمائى هانى جرجس فوزي، عقبات الإنتاج السينمائى ما زالت موجوده فى العهد الجديد ولم نتخلص من اى منها ولم تحدث أية تغييرات فى صالح صناعة السينما المصرية التى تعتبر من اهم القطاعات الاقتصادية التى تجلب أموالًا كثيرة للبلاد اذا ما تم النظر اليها والاهتمام بها ومحاولة مساعدة صناعها على التخلص من عقبات الانتاج التى تواجههم، فحتى الان ما زالت هناك قرصنة بل وتزداد من يوم لاخر ولم تحدث اية خطوات للقضاء عليها او حتى تقليصها كما انه مازالت عناك عقبات فى التصوير فى الاماكن العامة مثل المطارات والسكة الحديد والاماكن الاثرية فنجد صعوبة كبيرة فى استخلاص تصريحات التصوير بها، وايضا زيادة تكلفة التصوير فى تلك الاماكن حيث حاسب على التصوير فيها بالساعة وذلك من اهم معوقات الانتاج السينمائى، ولابد ان تساعد الدولة منتجى السينما حتى يحدث انتعاش فى سوق الانتاج السينمائى الذى سيعود بطبيعة الامر على الاقتصاد المصرى ويسهم فى ارتفعه بشكل ملحوظ.