تعتبر صناعة السينما واحدة من اهم الصناعات علي مستوي العالم لما لها من تأثير اقتصادي وثقافي واجتماعي وان كل دولة تسعي للتقدم تدعم هذه الصناعة علي ارضها وتحميها وتذلل من امامها جميع المعوقات لتحقيق استفادة كاملة من مردوداتها المختلفة خاصة أنها الصناعة الوحيدة التي يعاد تصديرها للخارج اكثر من مرة ولبلد واحدة عدة مرات. وقد كانت مصر في فترة من الفترات إحدي الدول الرائدة في هذه الصناعة المهمة بل ان صناعة السينما كانت تعد الصناعة الثانية في مصر بعد صناعة القطن ولكن في الفترة الاخيرة بدأت تعاني هذه الصناعة كثيرا من المشكلات والمعوقات التي تحد من تطورها ونموها من هذه المشكلات حالة السطو المنتشرة للفيلم المصري من دور العرض او من غرف المونتاج قبل عرضه جماهيريا مما يؤدي بطبيعة الحال الي تكبد منتجي الفيلم خسائر فادحة كما ذكر احد السينمائيين فقد تم انتاج37 فيلما خلال عام2009 بلغت اجمالي تكلفتها ما يقرب من250 مليون جنيه مصري يقابلها بسبب عمليات السطو والقرصنة خسائر تقدر بمئات الملايين من الجنيهات. في البداية يقول منيب الشافعي رئيس غرفة صناعة السينما باتحاد الصناعات ان صناع الفيلم المصري يتعرضون لخسائر فادحة سنويا بسبب عمليات القرصنة التي تقع علي الفيلم المصري بمجرد عرضه ليوم او يومين في دور العرض فقد ساعدت التكنولوجيا الحديثة هؤلاء القراصنة في سرقة جهد واموال فريق عمل كامل وليس المنتج بمفرده ولذلك فان الغرفة تعمل جاهدة علي مواجهة هذه الظاهرة وحماية المنتج السينمائي عن طريق حقوق الملكية الفكرية وتنظيم التصرفات التجارية الواردة علي الافلام والانتاج السينمائي وهذا هو ما يعني الغرفة خاصة وهي صاحبة دور رائد في ذلك لانها تمثل جميع افرع هذه الصناعة من انتاج وتوزيع ومعامل واستديوهات ودور عرض مما يترتب عليه حماية التداول التجاري لاعضائها علي ما يتم انتاجه من افلام مشيرا الي انه لن يكون هناك تطوير لصناعة السينما إلا بالتصدي لجريمة القرصنة علي الافلام المصرية والتي تتم بشكل ملفت للنظر لدرجة انه لم يسلم فيلم تقريبا خلال العام الماضي من عملية السرقة التي تكبد صناع السينما خسائر بملايين الجنيهات وتؤثر علي شركات الانتاج مستقبلا بل وسيؤدي الامر الي تقلص الانتاج خلال السنوات القادمة اذا ما تم التعامل مع الامر علي انه جريمة فلابد لجميع الجهات المعنية التصدي لها ولذلك فانا اطالب المنتجين ان يتكاتفوا وان يصبحوا كشخص واحد لحماية مصالحهم اما بالنسبة لدور الغرفة فقد بدانا بالفعل بالتعاون مع شرطة المصنفات الفنية بوزارة الداخلية وجهاز الرقابة علي المصنفات الفنية لشن حملات تفتيشية مستمرة لمحاصرة سارقي الافلام من تجار ومنافذ بيع او بعض المواقع علي الانترنت بالاضافة الي تشديد الرقابة علي دورالعرض لعدم دخول احد المشاهدين بكاميرات تصوير واطالب المشرعين والاجهزة المعنية بضرورة التحرك لاصدار قوانين رادعة لعمليات القرصنة والحفاظ علي حقوق الملكية الفكرية والعمل علي زيادة التوعية باهمية حماية المنتج الفكري والابداعي. ويضيف ابراهيم ابوذكري رئيس اتحاد المنتجين العرب قائلا كلما تطورنا في حماية الفيلم من السطو تطور السارقون في اداوتهم فللأسف السارق دائما يبحث عن كل ماهو جديد تكنولوجيا يستطيع من خلاله سرقة الفيلم بل والاكثر من ذلك سرقته بصورة نقية وشديدة الوضوح ثم يقوم بعد ذلك بوضعه علي مواقع الانترنت او طباعته علي اسطوانات مدمجة تباع علي الارصفة وفي بعض منافذ البيع فأنا اري انه لو تم التعامل مع سرقة الفيلم علي انه جناية مثلها مثل التهريب او السطو علي الاموال او المنقولات. فتشديد العقوبة وتجريم الفاعل هو الحل الامثل للحفاظ علي الانتاج السينمائي لان الخسائر ليست علي المنتج فقط بل تمتد لمؤسسات ضخمة تعمل في العديد من المجالات الاستثمارية الاخري وتعرضها لخسائر تصل لمئات الملايين.
اما مدكور ثابت رئيس لجنة حقوق المؤلف والحقوق المجاورة بجهاز نقطة الاتصال لحماية الملكية الفكرية ورئيس هيئة الرقابة علي المصنفات الفنية السابقة فيري ان التقديرات التي ذكرها بعض السينمائيين عن خسائر بلغت100 مليون جنيه العام الماضي من جراء سرقة الفيلم المصري ضئيلة جدا وانها قد تخطت هذا الرقم بكثير خاصة ان السطو علي الفيلم المصري لم ينج منه فيلم خلال العام الماضي ولذلك فان احصاء السرقات وكم الخسائر الناتجة من ورائها امر في اية الصعوبة ويؤكد علي ضرورة تكاتف اصحاب الحقوق دون الاعتماد علي اي مصدر حكومي وان يتولو بانفسهم البحث عن حقوقهم في الخارج بمعني ان يكون هناك مجموعة من المكاتب المتخصصة في حماية حق المؤلف مهمتها لمطاردة في الخارج مثلما تفعل الولاياتالمتحدة.
ويضيف ان هناك دورا يقع علي الجهات المختصة بصناعة الفيلم ايضا في مقدمة هذه الجهات غرفة صناعة السينما ونقابة السينمائيين والمنتجين وان تتكاتف هذه الجهات في توكيل محامين في الخارج والا فان الحقوق ستظل مسلوبة وضائعة وسيتأثر الانتاج السينمائي بالسلب وسيتأثر الدخل القومي للبلد. ويلفت الي ان الطريف في الموضوع أنه كلما كان الفيلم ناجحا زادت سرقته وبالتالي زادت خسائره وزاد امام ذلك ظاهرة اكثر خطورة وهي ظاهرة فيلم الدرجة الثانية الذي لايقع تحت طائلة القرصنة مما يؤدي بطبيعة الحال إلي تدهور المنتج السينمائي بشكل عام وقد تفسر لنا هذه الظاهرة ايضا سرعة عرض اي فيلم جديد علي القنوات الفضائية بعد عرضه الجماهيري بفترة قصيرة جدا واخيرا فانا اطالب بضرورة انشاء ادارة بغرفة صناعة السينما تتولي الدفاع عن حقوق المنتجين ويتم تمويلها من خلال صندوق خاص تكون اعتماداته المالية من رسوم التصرف والتبرعات او اي مصادر اخري وبالتنسيق مع جهاز نقطة الاتصال لشئون حماية حقوق الملكية الفكرية باعتباره جهة اختصاص فالتعاون بين نقطة الاتصال والجهاز المعني بالشرطة والنيابة والمحاكم الاختصاصية سيكون صاحب دور حقيقي في فرض الحماية المنشودة فاخطر ما في ظواهر حق المؤلف علي المستوي الخارجي هو ضياع نسبة كبيرة من الدخل القومي جراء هذا السطو ولذا فان اي محاولات للحفاظ علي هذه الحقوق ليست مسألة حفاظ علي حقوق افراد بقدر ما هي حفاظ علي العائد الاقتصادي للدولة يرفض يوسف عثمان نقيب السينمائيين السابق ان توصف الثقافة علي انها سلعة كما قام احد المسئولين بوصفها بذلك.
فالسينما صناعة للفكر والتنوير قبل ان تكون صناعة ذات مردود مادي يساعد في زيادة الدخل القومي لانها من اسرع الادوات في توصيل وتأصيل المعلومة ولكن نجد غالبا الجهات الرسمية المسئولة عن تطوير وتنشيط هذه الصناعة لايقدم لها اي دعم يذكر وهذا اهم الاسباب الاساسية لتأخر هذه الصناعة التي كانت في يوم من الايام الصناعة الثانية في مصر بعد القطن هذا بالاضافة الي اسباب اخري كثيرة مثل تقلص دور العرض في مصر, فقبل ان نبحث في مشكلة القرصنة ونحاول ان نضع لها حلولا لابد من عودة الصناعة لقوتها مرة اخري وان ننهض بها من جديد والدولة يقع عليها العبء الاكبر في احياء هذه الصناعة الاقتصادية والثقافية المهمة وان تعمل علي تعميق وتفعيل القوانين والاتفاقيات الدولية التي تجرم ممارسة القرصنة علي المنتج الابداعي وتتخذ من الدولة التي تقوم بذلك مواقف حاسمة لان المنتج لايستطيع ان يواجه هذه الجريمة بمفرده بل لابد ان تسانده في ذلك منظمات ومؤسسات شرعية ومعنية بداية من وزارة الثقافة وغرفة صناعة السينما وحتي نقابة السينمائيين فمصر تملك امكانيات ضخمة لصناعة الفيلم ولديها قدرة تنافسية عالية تجعلها تغزو العالم في هذا المجال. ولكن المشكلة هي كيف يتم استغلال هذه الامكانيات فالازمة ازمة اهتمام وادارة وشعور باهمية السينما كصناعة تساعد بشكل مباشر في زيادة الدخل القومي ومعد اساسي لزيادة العملة الاجنبية. ويلفت د. فاروق الرشيدي وكيل نقابة السينما واستاذ الاخراج بالمعهد العالي للسينما. ان هناك سرقة اخري اكثر خطورة تتم في مجال السينما وهي سرقة حق الاداء العلني الخاص بالفنان فقد نصت مواد القانون82 لسنة2002 علي ان لكل كاتب سيناريو او مخرج او ممثل حقا يسمي حق الاداء العلني يستطيع ويصرف لكل منهم اضافة الي ان هناك حق للاداء العلني للحقوق المجاورة واقصد بها الممثل وللاسف لم يفعل هذا القانون ونجد ان الدولة تدفع هذا الحق للمؤلف الدرامي الاجنبي ولاتدفعه للمصريين ويسير علي نفس النهج المنتج الخاص ولذا اطالب باعادة هذا الحق المهدر الي اصحابه عن طريق عمل جمعيات اهلية خاصة تتعاون مع النقابات الخاصة بالمهن السينمائية والتمثيلية لجلب هذا الحق الذي اعتبره سرقة حق شرعي. وان يكون هناك عقد موحد لكل من الفنانين السينمائيين, وكذلك الممثلين ينص علي ضرورة اخذ الفنان حق الاداء العلني بالنسبة المقررة عالميا وتفعيلا لقانون حماية الملكية الفكرية. وعن اشهر القضايا التي تلقاها جهاز نقطة الاتصال لافلام مسروقة يقول رمضان السيد عبد المقصود عضو بلجنة حقوق المؤلف والحقوق المجاورة بجهاز نقطة الاتصال ان جميع الافلام التي تم عرضها العام الماضي لم تسلم من القرصنة وقد كان اشهرها فيلم دكان شحاته وكلمني شكرا وامير البحار والتي قام بالسطو عليها احد مواقع الانترنت الشهيرة بعد عرض هذه الافلام بيوم او يومين مما عرض منتجي هذه الافلام لخسائر فادحة ويكاد تكون تكلفة الفيلم الفعلية لم تتحصل بسبب هذا السطو لان عدد رواد دور العرض يتقلص بسرعة شديدة بمجرد عرض الفيلم علي الانترنت.
ويعلق فخر الدين ابوالعز رئيس جهاز نقطة الاتصال لحماية حقوق الملكية الفكرية علي هذه القضية باعتباره الجهة المعنية بحماية المنتج الابداعي والفكري قائلا ان الجهاز قد اخذ علي عاتقه التصدي لمعالجة الموضوعات العامة والمشكلات العملية والتطبيقية وثيقة الصلة بمجالات الملكية الفكرية المختلفة للمنتجات التي تتعرض بشكل مستمر لعمليات السطو والقرصنة سواء كانت منتجا فكريا وابداعيا او منتجا صناعيا او تجاريا لما لذلك من اضرار جسيمة تؤثر بشكل سلبي علي تقدم اي دولة وتعطل من مسيرة تنميتها وقد كانت احدي المشكلات التي يعمل الجهاز دائما علي حلها ومواجهتها هي ظاهرة قرصنة الفيلم المصري الذي يعاني منه جميع القائمين علي العملية الانتاجية وبسبب لهم اضرار مالية بالغة فيقوم الجهاز مع الادارة العامة لمباحث المصنفات الفنية والجهات المعنية الاخري بتكثيف الحملات التفتيشية وفحص المضبوطات من اسطوانات تباع في منافذ بيع او علي الارصفة يتم ضبطها وبها شبهة جنائية للتأكد عما اذا كان مقلدة ام لا ويتولي هذا الامر لجنة حقوق المؤلف والحقوق المجاورة وهي احدي اللجان المختصة بالجهاز وبناء علي قرارها تصدر النيابة العامة الحكم سواء بالغرامة او السجن لمرتكب هذا الفعل.
ويضيف مدحت ابوالفتوح المدير التنفيذي للجهاز ان صناعة السينما واحدة من الصناعات الواعدة في مصروهي احدي الصناعات التي تقوم عليها اقتصاديات العديد من الدول لما لها من ادوار متعددة سواء في الارتقاء المادي والادبي والمعنوي بالمواطنين ولذلك فقد قام الجهاز بالتصدي لظاهرة قرصنة الفيلم بعدة طرق كان اهمها الاتصال بالجهات المسئولة والمعنية بهذه الصناعة وعقد دوارت وندوات خاصة بهذا الموضوع لكي تكتمل لنا جميعا المشكلة بأطرافها ونضع لها الحلول المثلي ورفع اي معوقات امامها. وقد وصل الجهاز للعديد من النقاط المهمة التي من الممكن ان تساعد في الرقي بهذه الصناعة اهمها العمل علي تشكيل لجنة عليا تتولي التنسيق بين كل الوزارات والجهات المعنية بالكتاب الثالث من القانون2002/82 الخاص بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة ووضع آلية لتطبيق ما جاء بالقانون من خلال جهاز نقطة الاتصال باعتباره الكيان القومي الوحيد الذي يضم في تشكيله كل الوزارات والجهات والهيئات والنقابات وثيقة الصلة بهذا الموضوع بالاضافة الي الخبرات القانونية والفنية الذي يضمها الجهاز والعمل علي انشاء منظمات وجمعيات اهلية تنوب عن المؤلفين في استيفاء حقوقهم المالية والحفاظ علي حق المؤلف الثابت لهم سواء كان الادبي او المالي وتمثيلهم امام الجهات لاتخاذ اجراءات الحماية القانونية المقررة.