رحل محمد حسن رمزي في هدوء كما عاش في هدوء ميزة فى حياته التي امتدت لا لسنوات زاخرة ولكن لآلاف المشاهد واللقطات بوجوه باسمة وحزينة رسمها علي أشرطة السيليلويد لتبقي ظلاله علي عشرات العلب التي تحمل خاتم الإنتاج وبصمة محمد حسن رمزي، الذي كتب كلمة النهاية قبل ساعات من كتابة هذه السطور لتظلم شاشات السينما حداداً علي واحد من أهم صناعها. عاش محمد حسن رمزي متشبعاً بحب السينما، فقد ولد لأب تمرس في الإنتاج والإخراج السينمائى، وقدم الكثير من الأفلام في العصر الذهبي للسينما كمخرج ومنتج وكاتب وممثل، وأسس نواة شركة إنتاج سينمائي وطنية ثم كان الرئيس الأول لغرفة صناعة السينما منذ نشأتها حتي وفاته عام 1977 والمفارقة أن محمد حسن رمزى الابن، لم يسع للجلوس علي مقعد رئاسة غرفة صناعة السينما طوال سنوات عمله بالانتاج وعضويته لمجلس إدارتها، ولكنه رحل عن عالمنا بعد أشهر من جلوسه علي مقعد رئاستها. ولا شك أن العيش وسط مناخ سينمائي أثر في نشأته وأكسبه خبرة كبيرة، رأي أن يسخرها في مجال الانتاج عكس شقيقته هدي رمزي التي وقفت أمام الكاميرا لسنوات قبل أن تتراجع خلفها، أو ابنه شريف رمزي الذي ما زال يؤسس لمشواره السينمائي بعيداً عن أفلام والده ومشاركاً في بعضها، فقد كان محمد حسن رمزي من المنتجين القلائل الذين شاركوا في دفع الحركة السينمائية بعد انحسار دور مؤسسة السينما التي اثرت السينما في مرحلة الستينيات وانطفأت شعلتها في بداية السبعينيات من القرن الماضي التي شهدت دعماً محدوداً للأفلام انتهي كلياً في نهاية السبعينيات واعتمدت شركة آل رمزي التي تولي محمد حسن رمزي إدارتها في نهاية السبعينيات في نواتها علي أفلام حسن رمزي الثلاثين وبدأت رحلتها مع إنتاج أفلام جديدة كان أول فيلم يحمل توقيع رمزي الابن كمنتج فيلم «العاطفة والجسد» ثم توقف ليتخرج من كلية التجارة ثم يعود بعد وفاة والده ليفاجئ بخسائر تجاوزها بإصراره علي استكمال إنتاج فيلم «المرأة الأخري» ثم عمل كموزع لعقد من الزمان حتي استعاد قوته الإنتاجية علي الساحة ليستأنف ممارسة فعل الانتاج والتوزيع السينمائي في التسعينيات. ومع انطلاق ما تعارف عليه البعض بموجة سينما الشباب في التسعينيات اقتحم الساحة السينمائية الكثير من المنتجين الغير معنيين بالسينما لتتغير سياسات رمزي في التعامل تجاه الساحة السينمائية فعاد للإنتاج وتوسع في إقامة دور العرض السينمائي والتحالف مع كيانات انتاجية أخري مما رفع من جودة الفيلم المصري مع المنافسة علي التجويد والدفع بنوعيات أفلام هجرتها السينما المصرية طويلاً ورغم الايجابيات الكثيرة التي رافقت هذه التحالفات إلا أنها لم تنفِ عن أصحابها تهمة الاحتكار مع امتلاك الجميع لكافة خيوط اللعبة السينمائية من انتاج لتوزيع لدور عرض سينمائي وهو ما أثر سلباً علي المنتجين الأفراد الذين لم يكن امامهم إلا اللعب بقواعد تكتل رمزي ووائل عبد الله وهشام عبد الخالق أو اللجوء لمعسكر إسعاد يونس التي امتلكت نفس الإمكانيات وأعتقد أن المقصود بالتحالف كان العمل علي ضبط الساحة السينمائية حتي لا تتكرر مأساة أفلام المقاولات التي حصلت علي مسماها من دخول المقاولين لساحة الانتاج في الثمانينيات. ولكن رغم جدية كثير من التجارب التي قدمتها هذه التكتلات إلا أن عملها بآليات السوق التي تخضع للعرض والطلب أو الانحياز للأذواق السائدة مع تفشي ظاهرة الكوميديانات الجدد جعل البعض يهاجم أفلامهم من خلال مهاجمة نجوم هذه الافلام التي تجنح كثيراً للاستسهال ولا ننفي عن رمزي رحمة الله المشاركة في صنع أفلام لا يمكن وصفها بالسيئة لأنها أفلام جماهيرية ولكنها تفتقد لكثير من عناصر الفن السينمائي الي جانب أفلام كبيرة وهامة كان آخرها فيلم الجزيرة للمخرج شريف عرفة. ومن المعروف عن محمد حسن رمزي إنه كان متشدداً تجاه الأفلام التي يتولي توزيعها حيث كان يرفض الكثير من الأفلام لمنتجين أفراد من تلك التي تتحصل علي أموال انتاجها من مص دماء الشباب والاستسهال في تعبئة شرائط الخام فهو يضع السينما دائماً في خانة الترفية ولا يحب الأفلام الفلسفية ولكنه كان يراعي عدم الخروج علي عادات وتقاليد المجتمع في الأفلام التي يتولي توزيعها حتي لا يشعر إنه يأكل من مال حرام علي حد تعبيره الذي تكرر مراراً في كثير من الأحاديث الصحفية والتليفزيونية. ومن المعروف أن رمزي خاض الكثير من المعارك طوال تاريخه الانتاجي أبرزها كان الخلاف مع شركة إسعاد يونس وأزمة فيلم الديلر وأخيراً معركته مع المنتج محمد السبكي بعد تولي رمزي رئاسة غرفة صناعة السينما ولكن المعركة الاهم التي اتحد فيها رمزي مع كثير من منافسيه وحلفائه كانت معركة القرصنة بعد أن قام بدور بارز في محاربة القرصنة علي الأفلام السينمائية المصرية واتخذ خطوات جدية قبل وأثناء رئاسته لغرفة صناعة السينما مع توحش مافيا الفضائيات التي التفتت الي قرصنة الأفلام ونقلت معركة السينما المصرية من الانترنت للفضائيات ليخاطب رمزي العديد من الجهات الدولية من شركات الأقمار الصناعية لاتحاد المنتجين الامريكيين والاتحاد الأوروبي ومراكز بث هذه القنوات من الأردن وقبرص واليونان كما شارك مؤخراً في مؤتمر الابداع الذي اقامته أخبار اليوم تحت رعاية رئيس الجمهورية وساهم في وضع التوصيات التي تصلح منظومة السينما المصرية. وكانت معركة محمد حسن رمزي الأخيرة التي طلب فيها من السيسي التدخل بمخاطبة الدول العربية والأوروبية لإعادة 100 مليون جنيه تخسرها السينما لصالح قراصنة الفضائيات وهو ما يفيد اقتصاد مصر ويجعل هذا المطلب المشروع، وردة اخيرة نضعها بكل ود علي قبره مع دعواتنا له بالرحمة والمغفرة.