لم يسأل السينمائيون فى مصر أنفسهم، لماذا وصل بنا الحال الى ما نحن عليه ؟ أن نبحث عن أفلام لتمثل مصر فى مهرجانات مصر، فلا نجد ما يصلح ، وتلجأ إدارات المهرجانات الى السبكى ليفرج عما لديه من انتاج للمشاركة فى القاهرة السينمائى .. ومن قبله مهرجان الإسكندرية السينمائى، مع العلم أن فيلما واحدا قد تنتجه دولة غير منتجة أصلا للسينما، وليس بها ستديوهات قد يمثلها فى معظم مهرجانات العالم، وهو ما يحدث حاليا للأردن التى طاف فيلم "ذيب" كل مهرجانات العالم ورفع علمها فى أثناء فوزه بجوائز.. وقبله أفلام مثل الموريتانى "تمبكتو" و"الفلسطينى "عمر" وفيلم المغرب" جوق العميين " أفلام رغم أنها منتجة فى دولة قليلة الإنتاج السينمائى، بل منها كما ذكرت دول لا تنتج السينما.. تمثل بلادها خير تمثيل، ونحن نهلل لما ننتجه من أعمال تجارية ونتفاخر بالإيرادات وشباك التذاكر وحفلات افتتاح وقنوات تنقل وصحف تنشر.. وهى أفلام مع تقديرى لها لا يمكن أن تعيش أكثر من أسابيع عرضها؛ لأنها تجارية وهى ليست عيبا.. فالسينما تجارة وصناعة أيضا.. ومن صنعوا أفلاما مهمة عينهم أيضا على الشباك.. وقد ذكرت الفنانة بوسى حكاية مدهشة عن النجم الراحل نور الشريف .. عندما كان ينتج فيلما بمواصفات فنية خالصة ليس هدفه الأول شباك التذاكر، ويعرض الفيلم فى مهرجانات عربية أو حتى عالمية ، ويحقق نجاحات كثيرة وجوائز، وفى أثناء عرضه لا يحقق ما يأمل له كانت تنتابه حالات حزن .. فتقاطع هى هذه الحالة بتذكير واقع وهدف التجربة.. فتقول له: أنت صنعت الفيلم لهدف وحققت هذا الهدف وهو السينما .. رحم الله نور الشريف، سيظل تاريخا بما قدم، وستظل السينما التى قدمها تخلد ذكراه.. سيظل شباك ذكره مفتوحا للجميع، كلما شاهدنا له فيلما من أفلامه .. والسؤال المحير هو: هل أصبنا بإحباط ، هل توقفنا عن التفكير فى تقديم سينما بمواصفات تجارية لكنها تصلح للمهرجانات ؟ فأنا أجزم أن فيلما ك"يوم للستات" الذى لم تنته منه إلهام شاهين لظروف إنتاجية، أو "الليلة الكبيرة" الذى انتهى منه سامح عبد العزيز وهو من إنتاج السبكى، أو "البر التانى " أو "من ضهر راجل" أفلام جيدة، ونتمنى أن ينتهى منها صانعوها لتمثل مصر تجاريا وفى المهرجانات أيضا ..فالكلام عن تدخل وزارة الثقافة ، ودعمها للسينما لن يحل المشكلة ، فحتى لو قام وزير الثقافة حلمى النمنم بمحاولات توفير دعم، لن يكفى إنتاج أفلام بمواصفات جيدة ، لأن إنتاج فيلم واحد حاليا يحتاج إلى 15 مليون جنيه على الأقل ، ومن ثم على النجوم أن يعيدوا النظر فى مسألة الأجور، وأن تعود إسعاد يونس لتنتج، وأن يعود فاروق صبرى ونجله وليد صبرى للإنتاج السينمائى بقوة، وأن تستعيد كل الشركات الصغيرة والكبيرة قوتها حتى بالمشاركة فى الإنتاج مع آخرين ، وللمرة المائة أقول: إن السبكى ليس له ذنب فيما يحدث.. هو تاجر شاطر.. فبدلا من أن ينتج مسلسلا تليفزيونيا ويظل ستة أشهر يتابع ويبحث عن قنوات تسويق، هو يعرف كيف يدير رأس ماله بطريقته الخاصة ، تعامل مع السينما كبضاعة وبنفس الآلية "عرض وطلب" .