مثل الكثير من المارة تعبر د. حنان يوميا سوق مدينة شبين القناطر، التى تسمى سوق المحطة، من حيث تسكن فى القليوبية إلى عملها بالقاهرة. توقفت حنان عند أطفال السوق، الذين يأتون ليبيعوا مع أهلهم كل يوم، وأولئك الذين يعيشون فى السوق ويبيتون فيها، تحدثت معهم، كان ما يجمع كل هؤلاء الأطفال أنهم بلا أحلام، فبحثت عن الطريقة التى تجعلهم يحلمون، فكانت ورشة سوق الأحلام. حنان هى الفنانة التشكيلية، د. حنان موسى، مدير عام ثقافة المرأة بالهيئة العامة لقصور الثقافة، التى تؤمن بأن الفن يمكن أن يغير حياة الناس، خاصة الأطفال، فقررت أن تنظم ورشة رسم لأطفال السوق، وشاركتها الفكرة د. هبة عبدالحفيظ بقسم الديكور بكلية الفنون الجميلة، التى رأت أن تسمى الورشة سوق الأحلام. وكانت الصعوبة هى كيف تقنع هؤلاء الأطفال بالمشاركة فى الورشة، وأين يمكن أن تجمعهم، وعرض أحد الشباب الذين تعرفهم وصاحب محل أجهزة محمول فى السوق، أن يستضيف الورشة داخل المحل أو أمامه. وبدأت حنان فى الحديث مع الأطفال وأهلهم للمشاركة فى الورشة، بصحبة صاحب محل الموبايل، حتى استطاعت أن تكسب ثقتهم، ولم يكن الأمر سهلا، «كان الأطفال وأهلهم يعتقدون أنى سأتاجر بهم، وسأظهرهم فى التليفزيون، باعتبارهم أطفال شوارع». • أول مرة أمسك ريشة استطاعت حنان أخيرًا أن تقنع الأهالى بالمشاركة فى الورشة، وشاركتها أيضا الفنانة التشكيلية هناء نصر، التى مارست هذه الخبرة فى ورش الفن ميدان من قبل، وأحضرت معها ألوان الماء والباستيل والورق وغيرها. «آكل وأشرب وأنام» هذه كانت أحلام أطفال السوق قبل الورشة، لكن خلال الرسم استطاعت حنان أن تحكى مع الأطفال ليجد كل واحد منهم حلمًا يريد أن يحققه وأن يرسم حلمه، «أكثر شىء تحبه، وأكثر شىء لا تحبه». بعض الأطفال كانوا يمسكون بالريشة والألوان لأول مرة فى حياتهم، مثل «شربات» ذات الخمس سنوات، ابنة بائعة السمك، التى لم تتركها أمها طوال الورشة، لتطمئن عليها. الورشة لم تكن فقط ليرسم الأطفال ما يرغبون فى رسمه أو فى رسم أقنعة للوجوه، ولكن للعب وللاكتشاف، «ندى» التى كانت خطوطها مميزة فى الرسم، أوصت أمها أن تقنعها حنان بألا تترك التعليم، أما أخوها محمد -16 سنة- فكان أكبر المشاركين سنًا، وصاحب أكبر لوحة. تتمنى حنان أن تتحول ورش سوق الأحلام لمشروع قومى تتبناه هيئة قصور الثقافة، بعد أن شاركت بأعمال أطفال السوق فى معارض فن الشارع فى قصر ثقافة الطفل بجاردن سيتى، وفى معارض المجلس الأعلى للشباب. وأن يتطور لفصول لمحو الأمية، ولاستخراج شهادات ميلاد لبعضهم، حتى يمكنهم استكمال تعليمهم، وأن يتعلموا قيم الانتماء والضمير وغيره من خلال الفن والحكى والأراجوز ومسرح الشارع.•