ضربات مصرية جوية أطاحت بالعقل الداعشى الذى خيل إليه سهولة انتهاك حرمة الدم المصرى، التى جاءت ردا فاصلا وقاطعا على ما نشره ذلك التنظيم الإرهابى عبر مقطع فيديو لعناصر من التنظيم وهم يقومون بذبح 20مصرياً تم اختطافهم منذ فترة، وهو ما ردت عليه مصر فعلا لا قولا بعد ست ساعات فقط من وقوع هذه الجريمة منذ توجيه أول ضربة جوية لها محددة أهدافها نحو مدينة درنة شرقى ليبيا لإسقاط قتلى من تلك الجماعة الإرهابية، ثم لحقتها ضربات جوية متلاحقة ضد معسكرات ومناطق تمركز وتدريب ومخازن أسلحة وذخائر التنظيم الإرهابى بالأراضى الليبية ثأرا لأرواح أبنائها الأبرار. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ولكن كان لابد من البحث والقراءة فى تبعات تلك الخطوات المصرية المتلاحقة واستطلاع آراء الخبراء حول التصعيد الداعشى وعلاقته بالحديث عن سيناء بالإضافة إلى موقف الدول العربية والغرب من هذه الحرب الاضطرارية. أحمد بان- الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية يقول: الملاحظ أن الضربة المصرية كانت على درجة عالية من الذكاء وكانت ضربة نوعية لبعض الأماكن وكانت بمثابة الطلقة الافتتاحية لمسلسل من الضربات المركزة التى اعتمدت على تحديد الأماكن ببعد استخباراتى جيد، وأعتقد أيضا من خلال الاستعانة بصور الأقمار الصناعية الروسية بعد أن رفضت أمريكا أن تعطينا صورًا لمواقع التنظيم فى ليبيا عبر أقمارها. وأعتقد فى استمرار هذه الضربات المتقطعة على جانب والسعى بتشكيل تحالف إقليمى يكون لمصر موقع الصدارة فيه.. ويضيف: داعش ضمنت فعلها الإرهابى مجموعة من الرسائل.. إحداها إلى مصر بهدف إنهاك الجيش المصرى ورسالة إلى أوروبا بأننا على الشاطئ الآخر من أوروبا وقادرون على استهدافكم، وبأن فصلا جديدا من الحرب سيبدأ مع بناء دولة لهم فى هذا المكان. إضافة إلى محاولته مخاطبة جمهور السلفيين فى مصر والجماعات القريبة منه فكريا باعتباره المدافع عن حقوق المسلمين، وأنه عندما تحدث عن وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة كان يغازل هذه المجموعات بأنه قادر على الحديث بلسانهم وتبنى أفكارهم ومطالبهم فى إشارة إلى تلك القضايا المشهورة. أما عن استراتيجية هذا التنظيم الآن وعلاقته بالجماعات الإرهابية المتفرقة فى مصر، فأعتقد أنها تقوم على تسخين الجبهة الشرقية فى سيناء والغربية فى ليبيا ومحاولة إشعال الجبهة الجنوبية انطلاقا من السودان مع تحريك عناصره أو المتعاطفين معه فكريا فى الداخل بهدف كسر الدولة المصرية. • داعش يعد خطواته فى حين يرى د.جمال عبدالجواد الباحث السياسى، أنها حرب حقيقية قادتها مصر ضد الإرهاب، ولكن عندما تفكر هذه الجماعات الإرهابية فى الرد على تلك الضربات.. فإنها ستتحسب أيضاً رد الفعل المصرى بعد أن وصلتها رسالة قوية أن مصر لن تسمح بحدوث عدوان على أرضها أو شعبها دون عقاب.. وهذه الرسالة السياسية كانت الأقوى التى دعمها الفعل العسكرى والأمنى من خلال هذه الضربات، وأيضا كانت هناك رسالة مهمة جداً من هذه الضربات المصرية موجهة إلى المواطن المصرى بتأكيد أن لديهم حكومة ونظامًا قادرًا على الدفاع عنهم، ولن يتردد فى اتخاذ الإجراءات الضرورية مهما كانت عواقبها ومستعدًا للتعامل معها، وبالتالى إفشال الرسالة المعنوية إلى الشعب المصرى التى وجهتها تلك الجماعات لتقسيم الجبهة الداخلية المصرية.. ولكن رد عليها المصريون مرددين خلف الرئيس السيسى «شعب وجيش يد واحدة». • تحالف عربى قادم أكد د.سعيد اللاوندى خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن موقف مصر واضح منذ البداية.. فلم تكن ضد داعش تحديدا ولكن ضد الإرهاب بشكل عام، وهو ما أقرته الحكومة المصرية ضد الإخوان سابقا باعتبارها جماعة إرهابية نتيجة أعمال العنف والإرهاب التى قامت بها تجاه الشعب المصرى. كما لابد أن أشير إلى دور مصر فى رفع الحظر عن تسليح الجيش الوطنى الليبى ولنا علاقات جيدة مع الحكومة المنتخبة، ومجلس التعاون الخليجى. ويقول جورج إسحاق مقرر لجنة الحقوق السياسية بالمجلس القومى لحقوق الإنسان: نحن ندعو مجلس الأمن لاتخاذ تدابير قوية لمحاربة الإرهاب لاسيما فى ليبيا التى باتت مقسمة فعلاً وبات الوضع فيها غاية فى التعقيد. وأطالب المسئولين فى الدولة بعمل لجنة خاصة بالتخطيط لإنقاذ باقى المصريين فى ليبيا، لأن رقم مليون ونصف المليون مصرى هناك رقم كبير ومفجع، ومن يعود من المصريين إلى ليبيا يكون على مسئوليته الشخصية وأتمنى على الدولة أن تكون هناك شفافية فى المعلومات التى تخرج من المسئولين فيها، لأن هذه الشفافية مطلوبة فى أوقات الأزمات والمصائب! أما أستاذ القانون الدولى وعضو مجلس النقابة العامة للمحامين الدكتور إبراهيم إلياس.. فله وجهة نظر أخرى.. يقول: مبدأ استخدام القوة يكون فى أضيق الحدود، ومن ثم مرفوض دوليًا أن يكون بلد كبير مثل مصر فى مواجهة مع ميليشيات صغيرة، مثل «داعش»، وكان من الأولى أن تنسق مصر مع الأممالمتحدة أولاً، لأن مصر دولة عربية ويجب أن يكون هناك رد ولكن فى إطار دولى. ويقول د. سمير صبرى المحامى رغم أن أطراف النزاع الأخرى فى ليبيا وصفت الضربة المصرية بأنها اعتداء على أراضى دولة أخرى، ولكن هذه الأطراف ليست ممثلاً شرعيًا لليبيا وفى نظرى لا توجد قيادة شرعية على الأرض إلا قوات اللواء «خليفة حفتر» وهو الذى يعتبر قائدًا عامًا للجيش أمام القوى الدولية. من جهة أخرى أقول لكل خائف أو معترض على الضربة الجوية المصرية إن هذا الخوف والقلق لا يليق إلا بالجبناء، لأننا لابد أن نصطف ونؤيد قواتنا المسلحة فى الحفاظ على هيبة الدولة خارجيًا وداخليًا وحماية مواطنيها ومنع العبث بمقدرات الشعب، وأقول لهم إن أمريكا بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر وجهت ضربات فى أفغانستان للقاعدة، وقالت أمريكا وقتها إنها تدافع عن حقوق وأرواح مواطنيها وعن أمنها القومى.. لماذا هذا كان مقبولاً لأمريكا وغير مقبول لمصر! الإعلامى والكاتب حسين عبدالغنى يقول: أنا أرى أن تتم الضربات المصرية بعد ذلك فى إطار تصور سياسى وتطور استراتيجى وليس مجرد ضربة انتقامية، لأننا نعطى للعدو أن يفرض علينا قواعد اللعبة الإجرامية التى يريد أن يلعبها، خاصة أن الضربة الجوية حدثت بعد تنسيق أمنى واستراتيجى مع الطرف الشرعى فى ليبيا الذى أخذ الثقة والشرعية من الانتخابات ووصل إلى البرلمان الذى يقف اليوم فى صراع مع الإخوان المسلمين الذين حكم القضاء عليهم بحل برلمانهم! أستطيع أن أقول إن حادثة مقتل المصريين على أيدى داعش خلق حالة من حالات الاصطفاف والوحدة لدى جموع كبيرة من الشعب، وهذه الوحدة حتى لا تكون وقتية وتنتهى مع الأيام كما حدث فى رائعة المصريين الذين جمعوا أربعة وستين مليون جنيه لقناة السويس فى أقل من أسبوعين هذا أيضًا كان تعبئة للشعور الوطنى لدى المصريين ولكن كيف تقتنص القيادة فى مصر هذا الالتفاف وتجعله دائمًا وفى مصلحتها عندما تحقق أمرين العدل والحرية، فلابد أن تتم محاسبة كل من سرق وأفسد بشكل حقيقى لابد أن تكون السياسة الخارجية لمصر هى مكملاً يخدم السياسة الداخلية فى البلد، لأن رفع رأس مصر والمصريين تكمله سياسة وإدارة حكيمة تحقق العيش والحرية والعدالة الاجتماعية. حتى الآن مازال خير وثروات البلد يمتلكها 10% من المصريين ومن بينهم من سرق وأخذ قروضًا ولم يسددها وأخذ أراضى الدولة لابد من عقاب كل هؤلاء ومحاسبتهم ولابد أن نخرج من سياسات عصر مبارك المجحفة بحقوق الفقراء والبسطاء. كذلك أرى أن مصر هى الدولة الوحيدة المؤهلة لخلق حل سياسى لجميع الأطراف الليبية فى العملية السياسية لأننا أولى بليبيا من غيرنا ولو قمنا بالتنسيق مع الجزائر من الممكن أن يعود دور مصر الرائد فى حل الأزمات العربية وهو نفس الكلام الذى ينطبق مع الأزمة السورية، مصر هى البلد الوحيد المخول لحل كل هذه النزاعات إذا كان لها تصور حكيم واستراتيجى وسياسى، وأعتقد أن مصر بعد القذافى لابد أن يكون لها دور وأن تحافظ على مصالحها مع ليبيا وعلاقتها بهذا البلد الذى سيظل نقطة ضعف فى أمن مصر إذا لم تتم معالجة دائه سياسيًا وأمنيًا! •