استكمالا لما بدأناه الأسبوع الماضى من أطفال لا يجدون مكانهم فى المدارس المصرية وعرضنا حكاية الطفلة حنين العبقرية التى لا تجد فى مدرستها ما يتناسب مع قدراتها العقلية التى تسبق المواد والمناهج الدراسية ولم تجد فيها ما يواكب شغفها بدخول المعمل والعيش فى دنيا الاختراعات التى تحلم بها ليل نهار.. وحيث كان من حسن حظها وصول صوتها لرئيس الجمهورية عن طريق اهتمام الدكتور عصام حجى المستشار العلمى لرئيس الجمهورية بها ومقابلتها مع وزير التعليم الذى أكد لوالدها التحاقها بفصل للمتميزين فى مدرسة بالمعادى.. هناك العديد من الأطفال الآخرين الذين يشبهون حنين ولكن لم يحالفهم الحظ بالوصول لوزير التربية والتعليم.. وشريحة أخرى لا تجد لها مكاناً فى المدارس لأنهم يعانون من مرض فرط الحركة ونقص الانتباه.. هؤلاء الأطفال تبنت حالتهم الأمانة العامة للصحة النفسية بوزارة الصحة وأوصلت صوتهم للدكتور عصام حجى الذى أكد لهم أن منظومة التعليم وخطة التطوير الشامل ستشملهم وستشمل كل ذوى الاحتياجات الخاصة خاصةً أن من بينهم أطفالا معدل ذكائهم عال جداً، فربع العباقرة والمخترعين كانوا من ذوى الاحتياجات الخاصة وممن يعانون فرط الحركة ونقص الانتباه..وقد أكد لى شخصياً أن (هذه الخطة التطويرية لن ترتبط بوزير أو بنظام سياسى معين بل ستكون خطة شاملة لسنة 2014 - 2020 وسوف نطرحها للمناقشة المجتمعية وسنشرك بها أولياء أمور ومتخصصين وذوى الاحتياجات الخاصة الذين تشملهم خطة التطوير وستحدث انطلاقة ملحوظة فى المنظومة التعليمية .
∎ صوت الأطفال:
كان أبطال المشهد أصحاب الشأن هم الأطفال الذين تمثل لهم مدارسهم مشكلة حياتهم فهم لا يندمجون بها ولا يجدون من يحتويهم ويفهمهم..بل إن بعضهم كانت مشكلتهم صارخة مثل مينا إيهاب 9 سنوات، حيث بدأ حديثه معى قائلاً:«أنا أكره المدرسة فالمديرة ضربتنى وكسرت صباعى عشان بتقول أنا شقى (هكذا لخص مينا حكايته مع مدرسته وتحكى والدته قائلة :«المديرة تعامل مينا بأسلوب قاسٍ تضربه وتوبخه دائماً لشقاوته بدلاً من أن تحاول أن تحتويه وتستوعب مشكلته ذهبت وعملت لها محضرا وذهبت لمكتب الوزير واشتكيت ولكن لا جدوى لا أعلم ماذا أفعل بابنى ولا أجد مدرسة أكون مطمئنة أنها مؤهلة للتعامل معه).
أما ندى 11 سنة فكانت سعيدة باللوحة التى رسمتها فى الحديقة التابعة لقسم الصحة النفسية الخاص بالأطفال وعندما سألتها عن المدرسة أجابت: (هناك طول الوقت دروس وحفظ ومافيش لا تلوين ولا حاجات حلوة نلعبها ودايماً يزعقولى فى المدرسة ويقولوا علىّ شقية ومش بركز).. السيدة روضة والدة ندى تقول: (عندى ثلاثة أولاد ولد وبنت فى كليات الطب والهندسة وابنتى الصغيرة هى ندى واجهت مشاكل فى المدرسة بسبب قلة تركيزها وشكواهم أنها دائمة السرحان وكثيرة الحركة مما جعلنى أحضر لقسم الصحة النفسية للأطفال بمستشفى العباسية، وعرفت أن ندى مصابة بفرط الحركة ونقص الانتباه وأحلى ما وجدته هنا هو التوجيه لى بكيفية التعامل مع ابنتى لكن المشكلة فى المدرسة فهم ليسوا قادرين على التعامل معها لأنهم لا يفعلون شيئاً سوى التلقين للحفظ وغير مستعدين لبذل مجهود مع أى طفل تربوياً ونفسياً.. فى قسم الصحة النفسية تتلقى جلسات العلاج السلوكى وأجدها مستمتعة بالأنشطة فى يوم النشاط فترسم وتلون وتوجه طاقتها فى الفن ولكن يجب أن تكون المدرسة مؤهلة للتعامل مع الأطفال الذين يعانون فرط الحركة، والمدرسون صبورون ويتفهمون أن الحركة الزائدة رغماً عنهم فيوجهون طاقات الأولاد لأشياء مفيدة).. مازن سنوات أيضاً ممن يعانون فرط الحركة ونقص الانتباه.. يقول مازن(أنا مش بتبسط إلا لما بكون هنا فى الجنينة بنقعد نلون ونتبسط وبحب كل الناس هنا لكن المدرسة دايماً زعيق ومش بحبها) والدة مازن تعمل صيدلانية تقول :(للأسف لا يوجد فى المدارس المصرية المدرسون المؤهلون للتعامل مع كل طفل حسب سلوكه وحالته النفسية إلا القليل منها وأسلوب التلقين والتحفيظ هو السائد وهو ما ينفر الأولاد وعندما علمت ما يعانى منه مازن عن طريق الكشف عليه أصبحت أحضر بانتظام لمستشفى الصحة النفسية ونتلقى العلاج والحمد لله أجده متقبلاً للعلاج وسعيدا بالمشاركة فى هذه الجلسات.. ويوم الأنشطة يكون متحمسا فهو يحب الرسم والتلوين).
∎ عنف وبلطجة
سألت الدكتورة إيمان جابر مدير إدارة الأطفال والمراهقين بالأمانة العامة للصحة النفسية بوزارة الصحة من واقع خبرتها مع الأطفال وأسرهم: ما حجم المشكلة فى المدارس المصرية وكيفية تعاملها مع الأطفال؟
فأجابت: «الأهالى عامة يشكون من النظام التعليمى والمناهج الصعبة حتى بالنسبة للأطفال الأسوياء وكثيرا ما يأتى الطفل يعانى اكتئاباً أو مرضاً نفسياً وتكون المناهج وضغط المدرسة عاملاً مساعداً فى إصابته بمرض نفسى صحيح أنها ليست السبب المباشر ولكنها عامل مساعد فتسبب له ضغطاً إضافياً والعدد الأكبر من الأطفال يأتى بسبب العنف داخل المدارس لأنهم يتعرضون للضرب من المدرسين أو لبلطجة من زملائهم وهذا يحدث خاصة فى مدارس الأولاد ولنكون منصفين فهناك مدرسون على درجة من الوعى عندما نزلنا للمدارس لتوعيتها بالأمراض النفسية للأطفال خاصة مرض فرط الحركة وقلة الانتباه حول لنا المدرسون والإخصائيون النفسيون حالات وهذا دليل على وعيهم ولكن للأسف المشكلة فى العدد الأكبر الذى يفتقر لهذا الوعى ويتعاملون بجهل مع الأولاد».
وعندما سألت الدكتورة إيمان عن الخطوات التى يتبعها الأب إذا شك فى إصابة ابنه بمرض نفسى كفرط الحركة أجابت الدكتورة إيمان جابر:« يأتى الأب بابنه العيادة الخارجية فيدفع جنيهاً واحداً ثمن التذكرة ويدخل للكشف عليه وتشخيص حالته ويصبح له ملف اجتماعى يشمل كل المعلومات عنه وعلى أساس تشخيص الطبيب يكون العلاج حسب مرضه فإما علاج نفسى بجلسات، سعر الجلسة عشرة جنيهات واذا كان من غير القادرين يمكن أن تخفض سعر التذكرة أو يعفى منها ولكن تكون المشكلة فى المواصلات ولو كان الطفل يعانى مرض فرط الحركة والذى يعانى منه حوالى 9٪ من تلاميذ المدارس يكون له علاج نفسى ودواء أيضاً حسب درجة المرض ويمكن أن تكون الجلسات جماعية أو فردية على حسب الحالة ويكون العلاج النفسى عن طريق الرسم والألعاب وغيره من أحدث طرق العلاج النفسى للأطفال».
-وهناك كورسات تدريب للأهل وأيضا علاج أسرى جماعى لأفراد الأسرة والطفل.