يمثل الأطفال نصف سكان العالم، ويعانى 20% منهم من اضطرابات نفسية معيقة لهم، ويعد الانتحار هو السبب الثالث للوفاة عالميا بين المراهقين، و43% من هذه الفئة العمرية تعانى من اضطرابات نفسية تتطلب علاجًا متخصصًا. هكذا بدأ الدكتور أحمد عكاشة، أستاذ الطب النفسى طب عين شمس، المحاضرة الافتتاحية فى المؤتمر العملى للطب النفسى الوصلى وطب الأطفال الذى أقيم فى جامعة عين شمس مؤخرا، وكان من منسقى المؤتمر الدكتوره منال عمر، مدرس الطب النفسى بمعهد الدراسات العليا للطفولة التى أوضحت فى حديثها مع "اليوم السابع" أن المؤتمر يهدف إلى الكشف عن الحدود الأوسع والأشمل المشتركة بين طب الأطفال وطب نفس الأطفال. ونظرا لأن الأطفال يمثلون القاعدة العريضة من المجتمع، لذلك نجد أن نسبة الاضطرابات النفسية لدى الأطفال كثيرة ومتزايدة، فعلى سبيل المثال حالات الانتحار كانت مقتصرة أغلبها على الشباب، ومن هم فوق سن الأربعين نتيجة لتراكم بعض المشاكل التى أدت إلى الاكتئاب، ولكننا الآن نجد أن حالات الانتحار أصبحت منتشرة بشكل واضح عند الأطفال، هذا ما يدعوننا إلى الانتباه بشكل أكبر للاضطرابات النفسية التى تحدث للطفل، ومع ذلك هناك مشكلة أخرى، وهى أن عدد أطباء النفس المتخصصين أطفال ضئيل جدا بالنسبة لعدد الأطفال. وعن علاقة الطب النفسى بالأمراض الأخرى أكدت عمر أن هناك بعض الأمراض تكون بحاجة إلى تواجد الطبيب النفسى مثل الأمراض المزمنة (السكر- السرطان - أمراض الدم - الربو....) وغيرها، فكل هذه الأمراض ثؤثر على جودة أداء الطفل، لأنها أمراض مستمرة فترة طويلة مع الطفل، فبالنسبة لمرض السرطان على سبيل المثال نجد أن الطفل يقضى معظم وقته فى المستشفى لتلقى العلاج، وباقى الوقت إما يعانى من الآثار الجانبية للعلاج أو فى حزن شديد لعدم ممارسته بعض الألعاب مع غيره من الأطفال، فالأطفال عادةً يعتقدون أنه بمجرد أخذ الدواء يكون قد شفى من المرض، ولكنه يصدم بأن المرض مستمر معه، هنا تحدث له حالة اكتئاب، فالمؤتمر كان يتحدث عن هذه الأمراض المزمنة، وكيفية تأثيرها على الطفل فقد يصبح عدوانيا وقد يصاب بالاكتئاب. وهذه الأمراض المزمنة ليست وحدها هى المعوق بالنسبة للطفل، بل تداعيات المرض نفسه وتاثيرها عليه هى المشكلة، والمشكلة أيضا تكمن فيمن هم حول الطفل، وكيفية تقبلهم له وهو مريض والتعامل معه، لذلك يشير المؤتمر إلى أن جميع الأمراض المزمنة سوف يكون لها بالتبعية آثارها النفسية على الطفل. وأكدت عمر أنها قدمت بحثا عن أمراض الأطفال المزمنة وفرط الحركة ونقص الانتباه، وثبت أنها من الأمراض المنتشرة جدا بين الأطفال فى سن ما قبل الدراسة، فيبدأ من سن 4 سنوات إلى سن 6 سنوات، وهو ببساطة عدم إنجاز الطفل لبعض المهمات فى وقت محدد، وذلك بسبب تأثره لما حوله من أشياء قد تجذب انتباه أكثر من المهمة المحددة له، فإذا تكلم أحد وهو يعمل الواجب المدرسى مثلا وكان حديثه شيق للطفل أو انتباه إلى صوت فى الشارع أو حركة ما فهو ينتبه بالضرورة إلى هذه المؤثرات أكثر من انتباهه إلى عمل الواجب المدرسى. فالآباء والأمهات قد يظلمون أبناءهم بالضغط عليهم وعدم إدراكهم لهذا المرض فيلاحظ الأب مثلا أن طفله شديد الانتباه لفيلم أكشن فى التليفزيون ولا ينتبه لما يطلب منه، فهم يعتقدون بذلك السلوك أنه يفعل هذا عن قصد، ولكن هذا غير صحيح فعقله ينتبه فقط إلى الأشياء التى تشد انتباهه وعندما ينتبه إليها يؤديها بذكاء شديد، فأغلبهم أذكياء بالفعل وهذه المشكلة تظهر أكثر فى المدرسة، فشرح المدرس يكون من خلال كلام عادى ليس به أى نوع من التشويق ليجذب انتباه الطفل له، لذلك ينتبه الطفل مجبرا إلى من هم يعملون أشياء من حوله تجذب انتباهه، فبذلك يتأخر بالضرورة فى مذاكرة مواده الدراسية، لذلك يمكننا أن نعرف أنه لكى نجذب انتباه الطفل لشىء ما لابد أن يكون بشكل مثير جدا. بالإضافة للمشكلة السابقة هناك مشكلة أخرى ملازمة لها فهؤلاء الأطفال يعانون أيضا من فرط الحركة، فلا يستطيعون الجلوس وقتا أكثر من خمس أو عشر دقائق، وقد يجد صعوبة فى التنفس إذا ضغط عليه فى الجلوس لوقت أطول من ذلك، هذا بالنسبة للطفل الخالى من الأمراض المزمنة، فما بالكم بطفل مصاب بأحد الأمراض المزمنة، بالإضافه إلى فرط حركة ونقص انتباه هذا ما تحدث فيه البحث فبالتأكيد يضاعفها، فالأمراض المزمنة تعد وحدها تحديا كبيرا يواجهه الوالدان، وعندما يصاب الطفل يعانى من البداية من أحد هذه الأمراض باضطراب النشاط الزائد وعيوب نقص الانتباه فإن الأمر يسبب مزيدا من العناء للوالدين ويحتاج إلى مزيد من الرعاية لا تقل فى أهميتها عن الرعاية الطبية للطفل. فعلى سبيل المثال أطفال فرط الحركة ونقص الانتباه غالبا غير قادرين على ملاحظة وإدراك انخفاض مستويات السكر فى الدم لديهم، وذلك يؤدى إلى حدوث نقص السكر الحاد. وعن الملاحظات التى لابد أن يلاحظها الوالدان ليتأكدا من أن طفلهما يعانى من فرط الحركه ونقص الانتباه، تؤكد عمر أن هناك (موضة) شائعة هذه الأيام، وهى عندما يلاحظ مشرف المدرسة أن هناك طالبا كثير الحركة فيقول لوالديه (أن طفلكم مريض بفرط الحركة ولا بد من علاجه)، وعلى الرغم من أن مبادئ علاج فرط الحركة لا يأخذ لها أدوية قبل سن 6 سنوات، ولكن الآن تحت ضغط المدرسة على الوالدين والتهديد المستمر بفصل الطفل من المدرسة قد يضطر بعض الأطباء إلى إعطاء الطفل العلاج، وهذا غير صحيح، ولكى نعرف أن هذا الطفل مصاب بفرط الحركة ونقص الانتباه لابد من ملاحظة نقطتين أساسيين من الثلاث النقاط التالية: 1.أن يكون مفرط فى الحركة. 2.لديه تشتت فى الانتباه. 3.مندفع. بالإضافة إلى ملاحظة هذين النقطتين أيضا لابد من أن يكونوا متكررين فى مكانيين مختلفين مثل: 1.البيت فيكون غير منتبه لما تطلبه منه. 2.المدرسة كثرة الشكوى من الحركة. 3.النادى كثرة شكوى المدرب لعدم انتباه إلى التدريب. فإذا لاحظنا هذه النقاط فيكون الطفل مصابا بالفعل بفرط الحركة ونقص الانتباه وبحاجة إلى علاج. وتضيف عمر يعد مرض فرط الحركة ونقص الانتباه من الأمراض المنتشرة هذه الأيام، فكانت الإحصائيات تقول إن النسبة من 5% إلى 7% من الأطفال، ولكن الآن وصلت النسبة إلى 25% تقريبا، وليس هناك سبب محدد لانتشار هذا المرض فهناك آراء كثيرة منها التلوث والمشروبات الغازية والإضافات الكيميائية على الطعام والأطعمة المحفوظة، وهناك تجربة من أمهات مختلفة هى تجربة غير مؤكدة قامت الأمهات بمنع المشروبات الغازية والأطعمة المحفوظة فلاحظت هدوء طفلها نسبيا، ولكن لا نستطيع تعميم هذه التجربة، ولكن يمكن أن تقوم كل أم بإجرائها فهى غير مضرة وتلاحظ تأثير ذلك على طفلها.