بدرى بدرى بدرى.. والأيام بتجرى.. والله لسه بدرى والله يا شهر الصيام».. إنها الأغنية التى طالما تغنيت بها يوميا طوال شهر رمضان ولم أقصد بهذه الأغنية سواى أنه «كان بدرى عليك يا رمضان مشوفناش عزومات كالعادة».. ولكن إذا كان لهيب الأسعار سنويا هو من يلتهم العزومات.. إلا أن هذا العام السياسة كانت السبب فى تقليص حجم العزومات إن لم يكن غيابها من الأصل.. فالمسيرات الموجودة فى جميع الشوارع أرهبت «فلان» للوصول إلى «علان» ليس هذا فحسب.. وإنما الآن إذا اجتمع فلان عند علان ستجدهما منقسمين بسبب السياسة... فالسياسة فرقتنا وجعلت البيت الواحد منقسما وبسبب هذه الانقسامات انقطعت الزيارات واللمة والأهم العزومات.. فإذا كانت الأخوات على رأى واحد كان أزواجهن مخالفين أو أبناء العم أو الخال أو حتى الجد وكل له أسلوب.. فهناك العصبى ذو الصوتالعالى والحليم والمستهتر والمستهزئ وبسبب النقاشات السياسية امتنعت البيوت عن العزومات بسبب هذه الاختلافات.. لأن نهاية كل عزومة شجار وخناق وعتاب.. وغالبا الأهل خسروا بعضهم.. السطور القادمة مشاهد فى العديد من البيوت منعت العزومات تحت شعار «حفاظا على العيلة مفيش عزومات فى أى ليلة» وبيوت أخرى تحت شعار «يغور الأكل المهم الأهل».
∎أنا مش معاهم
منال الرحمانى محاسبة فى أحد المستشفيات الخاصة متزوجة حديثاً قالت: فى خلال شهر رمضان لم يتم عزومتى إلا مرتين إحداهما حدث فيها مشكلة كبيرة ونزل أخى من البيت وهو غاضب من والدى وزوجى وكل ذلك بسبب اختلافات وجهات النظر السياسية والحديث فى السياسة.. وبعد هذه المشكلة قررت والدتى أن تعزم كل صاحب وجهة نظر فى يوم خاص به.. وكانت هذه هى العزومة الثانية.. أما والدة زوجى فلم تستطع أن تعزمنا لأنها بجوار جامعة القاهرة ولم نستطع الذهاب إليها بسبب الأحداث والخوف من العنف.. أما عن باقى العزومات الخاصة بالأهل والأصدقاء والمعارف فتم إلغاؤها تماماً للاختلاف فى وجهات النظر.. وذلك لأن الأحاديث ستظل متعلقة بالسياسة ومن يؤيد ومن يعارض فى نهاية النقاش سنظل فى اختلاف قد تصل حدته إلى شجار قد يتطاول باليد وهو ما حدث مع زوجى وزوج أختى.. وبدلا من أن أخسر أختى قررنا إلغاء العزومات فى مقابل الحفاظ على العائلة.
∎خناقة فى بيتى
أما هدى نصر الله مدرسة أولى لغة عربية فقالت: قمت بعمل 3 عزومات فقط، الأولى كانت فى أول رمضان وكانت النقاشات وقتها هادئة لأن جميع أطراف العائلة كانوا متفقين على تأييد الجيش للشعب وعزل مرسى.. فمرت بسلام، أما العزومات الثانية فكانت بعد طلب الفريق السيسى تفويضا من الشعب لمجابهة الإرهاب.. فانقسمت الأحاديث بين مؤيد لطلب السيسى وبين معارض متخوف من الفاشية العسكرية وكان النقاش محتدا بين الطرفين وصل إلى حد النزاع، أما العزومة الأخيرة التى انتهت بسببها العزومات فكانت بعد حادثة المنصة التى راح فيها مجموعة من الإخوان تنازع المعازيم بسبب تأييد البعض أن العسكر والداخلية هم من وراء هذه المذبحة وآخرون رأوا أن الإخوان هم من يقتلون أنفسهم حتى ينالوا الشهادة.. ووصل النقاش بصوت عال إلى مجىء الجيران للاطمئنان علينا بعدما احتد النقاش وأخذوا يكسرون الأطباق والأكواب وبعدها رفضت كل العزومات وألغيت قائمة عزوماتى حفاظا على ما تبقى من أفراد العائلة.
∎ما اتعزمتش !!
آمال مرتضى مترجمة فى أحد مكاتب الترجمة قالت: لم يعزمنى أحد من العائلة لأنهم على اختلاف سياسى معى.. فهم خلايا نائمة إخوانية ويدافعون باستماتة عن الإخوان.. ليس هذا فحسب بل يريدون كتم أى صوت غير صوتهم غير قابلين لسماع صوت آخر وغير مقتنعين سوى بأحاديثهم.. واتفقنا قبل رمضان بعدما تم عزل مرسى ألا نتحدث فى السياسة، وكانت النتيجة أنهم رفضوا طلبنا.. فأخبرت أهلى أو بالأخص خالاتى لأنهم الأكثر حدة وعنف فى الأحاديث ألا أتحدث معهم حتى نلم شمل العائلة فى رمضان.. فأخبرونا بسهولة وبرود أنهم لم يقيموا عزومات لنا وطلبوا منا ألا نقوم بعزمهم فى رمضان أو أى مناسبة.. ومن وقتها لم يرفعوا حتى سماعة الهاتف لمحادثتى أنا وأهلى وكل هذا بسبب السياسة.. فهم الآن ينظرون إلينا على أننا قتلة لمجرد أننا متفقون فى الرأى مع الفريق السيسى بدون أن يسمعوا وجهة نظر أو يحاولوا فهم الطرف الآخر بل هددونا أننا إذا نزلنا لتفويض الفريق السيسى ستقطع علاقتنا نهائيا وبالفعل هذا ما حدث.
∎يوم ويوم
محمد موسى مهندس إلكترونيات 929 سنة قال: لأنى ثورى من الدرجة الأولى.. لأننى رفضت العنف ورفضت وجود الإخوان وكنت من أوائل من مضوا على ورقة تمرد وكنت من أوائل من نزلوا الميدان يوم 30يونيو أخذ بعض أهلى وأصدقائى موقفا فقد يكون بعض أهلى مناصرين للإخوان على الرغم من أنهم ليسوا من الجماعة.. إلا أنهم رافضون تماما موقفى على اعتبار أن ما أفعله ضد الديمقراطية والشرعية والشريعة وأن الديمقراطية والحرية تتلخص فى الصندوق وأن مجيئهم كان باختيار الشعب.. فإنهاء فترتهم لابد أن تكون عن طريق الصندوق بعمل استفتاء على بقائهم من عدمه.. ولأننى رفضت هذا المبدأ لأن شرعيتهم جاءت بالصندوق ولكن عدم استمرارهم سيكون بقوة الميادين وأن شرعية العزل بالميدان.. أصبحنا مختلفين فى الرأى ودائما ما نحتد فى آرائنا.. لا أحد يريد أن يسمع أو يفهم أو يحترم وجهة نظر الآخر ... لذلك اتفقت مع زوجتى أن نعزم أهلها فى يوم وخاصة المتفقين على آرائنا ونعزم أهلى فى يوم مختلف حتى لا يحدث خلاف ونخسر بعضاً، ففى النهاية نحن أهل ولابد أن نندمج مهما اختلفت سياستنا ولذلك قمت بعمل عزومتين ولكن للأسف لم يعزمنى أحد.
∎الزحمة والسياسة قلة مزاج
عادل جودة مرشد سياحى قال: نحن فى قلة مزاج منذ بداية الأحداث.. انقسمنا بين مؤيد ومعارض انقسمنا مؤمنين بالصندوق وغيرهم كافرون بالصندوق.. اكتشفت أن لا حياة لمن تنادى وأن هناك تخويناً ومؤمرات طوال الوقت.. وإذا جئت بالفيديو لأخبر أهلى أن الإخوان هم من يفسدون فى مصر.. يقومون بتشكيك كل شىء وهكذا هم عندما يخبرونى أن الداخلية هى المفسدة.. فهى من قتلت فى محمد محمود وهى من قنصت عيون الكثير أقوم بتشكيكهم.. وطالما الشك دخل فى الأحاديث انهارت العلاقات.. فالسياسة مثل السرطان إذا دخلت علاقة بين أهل وأصدقاء نهايتها الموت.. لذلك اعتذرت عن كل العزومات التى سأذهب إليها وأخرج منها مكتئبا.. فالأحاديث لا تنتهى بالاقتناع وإنما لابد أن يرفع أحد صوته على الآخر مثلما يحدث فى برامج التوك شو.. للأسف نحن لسنا فى عصر الديمقراطية وإنما نحن الآن فى عصر بناء دولة وأنا مؤمن أن بناء الدولة بحاجة إلى قائد يضرب بيد من حديد.