12 مليار دولار هى حصيلة حزم المساعدات، التى حصلت عليها مصر من السعودية والإمارات فى بادرة أولى لدعم الدول العربية للاقتصاد المصرى بشكل فعلى بعد سقوط نظام الإخوان، ولكنها فى الحقيقة ديون على مصر لأنه يتم إنفاقها على صرف مرتبات موظفى الدولة ،فهذه المساعدات بدون إنتاج وعودة الروح للقطاعات الاقتصادية ليس لها أى جدوى وسيدفع الثمن المواطن المطحون.. ويبقى السؤال: أين تصرف هذه الأموال؟! منح وقروض انهالت على الاقتصاد المصرى بعد رحيل الإخوان وكأنهم كانوا شوكة فى ظهر مصر، فكان على رأسها السعودية فقد قامت بتقديم حزمة من المساعدات لدعم الاقتصاد المصرى لمواجهة التحديات التى يواجهها حاليا يبلغ حجمها الكلى خمسة مليارات دولار وتتكون من مليار دولار منحة نقدية، ومليارى دولار منحة عينية «منتجات بترولية وغاز»، بالإضافة إلى مليارى دولاروديعة لدى البنك المركزى دون مصاريف تمويلية، كما قدمت الإمارات منحة إلى مصر تُقدر ب «مليار دولار» ووديعة فى البنك المركزى دون فائدة قيمتها «2 مليار دولار»، فضلاً عن دعم الطاقة والمواد البترولية، ولحقت الكويت بباقى البلاد العربية لتقدم لمصر 4 مليارات دولار لدعم الاقتصاد المصرى، وهو ما يرفع حجم ما قدمته ثلاث دول خليجية لمصر إلى 21 مليار دولار خلال أيام من رحيل مرسى.
وفى نفس السياق: أعلن الاتحاد الأوروبى عن موافقته على أن مصر ستحصل على منح وقروض بقيمة «6.5 مليار دولار» لدعم التحول الديمقراطى فى مصر، وقد نجحت هذه المنح فى رفع الاحتياطى النقدى إلى 12 مليار دولار، ومن هنا اختلف خبراء الاقتصاد بين مؤيد ومعارض حول إيجابية وسلبيات هذه المنح والقروض التى انهالت على الاقتصاد المصرى.
وبسبب هذه المنح والقروض فقد زاد الاحتياطى النقدى لدى البنك المركزى، قال البنك المركزى المصرى: الخميس إن حجم الاحتياطى من العملات الأجنبية لديه ارتفع الشهر الماضى ب6,1 مليار دولار، مما يشكل زيادة بنسبة 11٪، ليصل إجمالى الاحتياطى إلى 16 مليار دولار
وبهذه الزيادة للشهر الثانى على التوالى، يكون حجم الاحتياطى من النقد الأجنبى لمصر قد تجاوز الحد الأدنى الحرج الذى كان عليه قبل بضعة أشهر والمتمثل فى 15 مليار دولار، وهو مقدار لا يكفى إلا لتغطية استيراد ثلاثة أشهر من حاجيات البلاد الأساسية.
قدم البنك المركزى تفسيراً لسبب صعود حجم الاحتياطى من النقد الأجنبى بسبب القروض والمنح التى أتت لمصر من الدول العربية.
∎الفخ!
وفى هذا الإطار أكد الخبير الاقتصادى الدكتور فخرى الفقى - أن هذه المنح والعطايا والمساعدات التى تمن علينا بها الدول الخارجية، سواء بمقابل أو بدون مقابل هى مجرد فخ يقع فيه الاقتصاد المصرى، حيث إن كل هذه القروض لن تحل المشكلة، لأن هذا التدفقالدولارى يقلل عملية المضاربة على الدولار، وبالتالى فالعجز سوف يؤثر سلبًا على الاحتياطى النقدى الأجنبى، وبالتالى سيؤثر على سعر العملة المحلية، وذلك لأن هذين القرضين السعودى والإماراتى فى ظاهرهما لايمكن أن يحلا الأزمة، لأن الحكومة فى ذلك الوقت تستطيع تمويل السلع الأساسية والأدوية فى الأجل القريب. وذلك ما يهم الطبقة المتوسطة والفقيرة، وبالتالى فى مفهومهم الخاطئ أنه هذا هو الأساس، ولكن بالنسبة لباقى السلع الأخرى التى لها بديل أو ترفيهية يكون عن طريق الاستيراد دون تحمل الحكومة أى مصاريف وأعباء لتوفيرها.
وأشار إلى أنه لا يبقى سوى السؤال أين تذهب هذه الأموال؟ وفى أى شىء ستصرف؟ وتتحمل مصر أعباء إضافية ومخاطر لا تستطيع تحملها، وفى المقام الأول لابد أن يتحقق الاستقرار والأمان حتى نستطيع استثمار رأس المال وهذه القروض وإلا سينهار الاقتصاد، وتكون كل هذه الأموال بدون فائدة.
∎الفرصة!
وأشارت الدكتورة هالة السعيد - عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية -إلى أن وجود مبلغ مثل هذا الذى حصلت عليه مصر من الإمارات والسعودية ، بالإضافة إلى قرض صندوق النقد الدولى فرصة لمساهمة فى زيادة الاحتياطى النقدى للبنك المركزى، هذا سيقوى مركزه ويرفع الاحتياطى بشكل ملحوظ خلال الفترة القادمة، مما سيعطى أيضًا حافزًا للاستثمارات الأجنبية أن تأتى مرة أخرى إلى مصر، وتزيد من ثقتها عندما يحدث استقرار اقتصادى، هذا بالإضافة إلى رفع التصنيف الائتمانى لمصر، بعد أن انخفض بدرجة كبيرة وإلى مراتب قليلة فى الفترة الأخيرة، وهناك طرق كثيرة يمكن أن نستعين بها لرفع النمو الاقتصادى فى مصر، وأول هذه المشروعات يمكن للحكومة أن تقدم صكوكًا لتنمية وتطوير الزراعة وهذا بدوره سيؤدى إلى زيادة فرص العمل وتنشيط الاقتصاد، وأيضًا يجب حث المصريين فى الخارج على زيادة تحويلاتهم إلى مصر.
وأشارت إلى أنه يجب الاستفادة من حزمة المساعدات بإضافتها إلى صندوق دعم مصر وإقامة مشروعات والإعلان عن قيمة هذه المشروعات بشفافية، وألا تكون هذه المنح فى دخول سد عجز الموازنة العامة للدولة أو سداد أقساط سابقة.
ودعت د. هالة الدول العربية لتشجيع الاستثمار فى مصر وتوفير فرص العمل والعمل على استعادة السياحة الخليجية.
وأشارت د. هالة إلى أن إعلان السعودية والإمارات عن تعهدات بمساندة مصر بنحو 8 مليارات دولار خلال الفترة القادمة ساهم فى بث طمأنة نسبية لدى مجتمع الأعمال الدولى تجاه الوضع المالى فى مصر خلال الفترة الانتقالية، إلا أن المستثمرين والمؤسسات المالية الدولية لا تزال غير واثقة تجاه استقرار الأوضاع المحلية مع مخاطر عدم التزام الدول الخليجية بتعهداتها وعدم الإعلان بعد عن شروط وآجال تلك المساعدات المالية.
∎الديون!
وأشار الخبير الاقتصادى جودة عبدالخالق إلى أنهذه القروض هى فى حقيقتها ديون تلقى بأعبائها على المواطن البسيط على الرغم من أن هذه المساعدات لها إيجابيات، فهى جاءت فى فترة زمنية صغيرة جدا وتعكس رغبة كبيرة من الدول العربية فى الوقوف إلى جانب مصر. كما أنها ستخفف من الضغوط على سعر صرف الجنيه أمام الدولار وتعمل على الحد من عمليات المضاربة على العملات الأجنبية وستساهم فى القضاء على السوق السوداء فيما يتعلق بالعملة الأجنبية.
أما عن سلبيات هذه المساعدات فقد أوضح د. عبد الخالق أن هذه القروض ترهق ميزانية الدول النامية ولا تحقق التنمية، واعتبر أنه من الخطأ القول إن القروض تحقق التنمية، بل تحقق الفقر والتخلف وتؤدى إلى سلسلة من المضاعفات التى تؤدى إلى الجدولة وإحلال قرض مكان قرض بفائدة أعلى وتغرق الدولة فى القروض وتصبح عبئا على ميزانيتها وتسبب تخلفاً وإرهاقاً للأجيال المتعاقبة.
وقال: إن المنح والمساعدات سوف تحقق شهرعسل مؤقتًا للاقتصاد المصرى تعود بعده المشاحنات السياسية والاختناقات الاقتصادية فى جميع المنتجات مع زيادة الأسعار.
وقال: إن غالبية الدول المانحة تعانى من أزمات اقتصادية وسياسية داخل بلادها ولن تستمر لفترة طويلة فى تقديم هذه القروض والمنح ولا يمكن الاعتماد عليها.