منذ عدة أعوام كانت لنا الأسبقية فى عرض، الأفلام الأجنبية قبل الدول العربية ووقتها كنا بحكم عملنا نشاهد الأفلام قبل عرضها جماهيريا إذا كان للرقابة موقف من بعض المشاهد وكان يتم مناقشة السادة الرقباء فى هذه المشاهد ومدى تأثير الحذف على السياق الدرامى للعمل، وفى أغلب الوقت كان رأى النقاد والصحفيين ينتصر لعرض المصنف الفنى كاملا وهذا كان العصر الذهبى للرقابة على الأفلام الأجنبية فى مصر.
أما فى وقت انسحاب الريادة من تحت أقدامنا فقد أصبحت الأفلام الأجنبية تعرض أولا فى لبنان أو دبى ليقوم جهاز الرقابة على المصنفات الفنية لديهم بممارسة تشويه النسخة الأصلية من خلال حذف المشاهد ثم يتم تصدير النسخة المشوهة لنا. وهذا بالطبع له سعر مختلف بالمقارنة عما إذا حصلنا على النسخة الأصلية من بلد منشأ الفيلم «أمريكا»، فشركات التوزيع يكون لها حق توزيع الفيلم فى الشرق الأوسط بالكامل لكنها تعطى النسخة الأصلية للأفلام لمن يدفع أكثر ليعبث بها كما يشاء من خلال رقابة بلده ثم تتلقفها فروع شركات التوزيع لدينا بأسعار أقل ليتم عرضها. -لكننا لاننكر أن هناك شركات توزيع مثل «فوكس» و«وارنر» تحرص على توزيع أفلامها فى مصر فقط، وهذا العام كان لها نصيب الأسد فى عرض 3 أفلام متميزة حصدت أكبر كم من الجوائز فى الجولدن جلوب ثم الأوسكار وهى «Argo» «lif of pi» «Lincolnh» - وبالطبع عندما تقوم الجهات الرقابية فى أى بلد بحذف مشهد أو أكثر من فيلم أجنبى فى هذا الزمن لابد أن تشعر بخيبة الأمل لأننا أولا ضد الرقابة على الإبداع الفنى وضد العمل بقوانينها التى تقترب من 50 عاما والتى لاتناسب هذا العصر، ثانيا إنه ليس مقبولا على الإطلاق تصدير فيلم لنا عبثت به رقابة قد تكون أكثر تشددا من الرقابة لدينا، وبدلا من هذا الإجراء التعسفى ظللنا منذ زمن نتساءل: لماذا لا يتم سن قوانين جدية بشأن تصنيف الفئات العمرية التى تشاهد الأفلام الأجنبية، وذكر معلومات عن طبيعة الفيلم ومدى وجود مشاهد قد لايتقبلها المتفرج ليكون له حق الاختيار بين المشاهدة أو المقاطعة، أنا من أنصار إما عرض المنتج الفنى كاملا أو منع عرضه نهائيا احتراما لصُناعه وللفيلم نفسه وللمتفرج الذى دفع ثمن تذكرة الفيلم، خاصةً أن المتفرج فى جميع الأحوال سيشاهد العمل كاملا من خلال الإنترنت أو أى وسيلة أخرى، والمؤكد أن هذا المتفرج ناضج ولديه عقل ولن يتأثر بأى نماذج سلبية موجودة فى أى عمل فنى، فمن غير المنطقى تغيير رأى المتفرج فى معتقداته الثابتة ومبادئه التى نشأ عليها من خلال عمل فنى والمؤكد أيضاً أن المسئولين عن تشويه الأفلام الأجنبية بحذف بعض مشاهدها يدركون ذلك جيدا ومع ذلك لديهم إصرار على تصدير نسخ سيئة للمتفرج الذى دفع ثمن تذكرة الفيلم ولا يعنيهم مطلقا إذا كان هذا الفيلم حاصلا على أكبر الجوائز أو لم يقترب حتى من باب الترشيح. المهم أنه يحذف بلا رحمة مشهدا قد يراه من وجهة نظره فقط أنه غير لائق أخلاقيا عرضه على المتفرج - وبمناسبة الأخلاق فى أمريكا توجد قاعات عرض سينمائى تعرض أفلام «بورنو» فقط، هذه القاعات بلا جمهور لأن ما تقدمه من بضاعة لايجد إقبالا جماهيريا - المهم أن مقص الرقيب فى الدول العربية اقترب من ثلاثة أفلام حصلت على جوائز الأوسكار منها فيلم يعرض حاليا هو Django أو «دجانجو حُرا» للمخرج كوينتين تارانتينو الذى تدور أحداثه حول تجارة العبيد واستغلالهم، وفيه لعب الممثل والمغنى الأمريكى جيمى فوكس دور العبد «دجانجو» الذى قادته الظروف لتحريره من العبودية من خلال طبيب الأسنان كينج شالتز الذى يمارس مهنة صائد الجوائز من خلال مطاردة المطلوبين للمحاكمة وقتلهم ولعب دوره الممثل الألمانى «كريستوف فالتز»، وهو بالمناسبة اقتنص جائزة أفضل ممثل مساعد فى أفلام أوسكار 3102 عن دوره فى هذا الفيلم من روبرت دى نيرو عن دوره فى فيلم «سيلفر ليننج بلايبوك» و«توم لى جونز» عن دوره فى فيلم «لينكولن». المهم أن بطل الفيلم يحاول تحرير زوجته برومهيلدا «كيرى واشنطن» بمساعدة دكتور كينج شالتز «كريستوف فالتز» من قبضة الثرى الشرير كالفن كاندى «ليوناردو دى كابريو» الذى يضم فى مزرعته عدداً كبيراً من العبيد يستغلهم فى تسليته، لكن العبد المخلص لسيده ستيفن الذى لعب دوره صموئيل جاكسون يكتشف الأمر ويخبر سيده «كالفن» بحقيقة الغرباء الذين دخلوا منزله بحجة شراء مزرعته بما فيها من بشر. لتبدأ رحلة المساومة بين الطرفين تتبعها معركة دموية بينهما لينتهى الأمر بانتصار دجانجو. طبعا لابد أن يجذبك أداء أبطال فيلم المخرج كونتين تارانتينو خاصة ستيفن «صموئيل جاكسون» العبد الذى يبدو مسيطرا على سيده وقد ظهر ذلك فى المشهد الذى جمعه بسيده كلفن كاندى «ليوناردو دى كابريو» ومرورا ب «جيمى فوكس» دجانجو وكريستوف فالتز. والأمريكية السمراء كيرى واشنطن.. أما المشاهد المحذوفة فهى قبلة بين البطل والبطلة إلى جانب جمل حوارية.
والفيلم الثانى الذى طاله مقص الرقيب هو silver linings playbook للمخرج ديفيد راسل والذى حصلت بطلته جينيفر لورانس 23 سنة على جائزة أفضل ممثلة فى مفاجأة من العيار الثقيل ولعب البطولة أمامها برادلى كوبر وروبرت دى نيرو وجاكى ويفر وقد تعدت إيرادات الفيلم حاجز120 مليون دولار فى الأسبوع الأول من شهر مارس منذ عرضه فى منتصف نوفمبر2012. أما فيلمAnna karenina الذى توزعه شركة يونايتد موشن بيكتشرز للمخرج جو رليت المأخوذ عن أحد روايات الكاتب الروسى الشهير ليو تولستوى والحائز على جائزة أفضل تصميم ملابس فى أوسكار هذا العام فهو لم يسلم من مقص الرقيب لدينا. والمفروض أن أحداث الفيلم تدور حول الثالوث الشهير الزوج الذى لعب دوره جودى لاو والزوجة لعبت دورها كيرا كنثلى والعشيق هو الممثل آرون تايلور،. وحول حرمان المتفرج من مشاهدة أفلام الأوسكار كاملة قال عبدالستار فتحى رئيس الرقابة على المصنفات الفنية: لا تحاسبونى على فيلم لم يأتنى كاملا أصلا وغرفة صناعة السينما هى المسئولة عن استيراد هذه الأفلام وقد عقدت جلسات عديدة مع منيب الشافعى رئيس غرفة صناعة السينما للبحث عن صيغة فنية يتم بموجبها عرض الأفلام الأجنبية كاملةً على الرقابة لدينا حتى نكون مسئولين بالكامل عن حذف أى مشهد وفقا للقوانين التى نعمل بها وكيفية تناول المخرج للموضوعات الشائكة التى لها علاقة بالدين والسياسة والجنس لأن المتفرج فى النهاية لا يعنيه إذا كان ما يشاهده فيلما مرشحا لجوائز الأوسكار أو حتى حاصلا على أحد جوائز أكبر مهرجان سينمائى ومسألة تصنيف الأفلام وتحذير المتفرج أن بها مشاهد قد تجرحه فهذا إجراء غير مجد لأن المتفرج ينقصه الوعى السينمائى، وعندما نضع له هذه المحاذير سيكون الأمر دعاية للفيلم، بدليل أن بعض منتجى الأفلام لدينا يطلبون وضع لافتة «للكبار فقط» ومعظم العائلات لا تهتم بهذه اللافتات وإذا تم عرضه كاملا ستجدين من يعترض ويرفع قضايا حتى لو من باب الشهرة.