ثلاث ساعات تفصل بين القصر الجمهورى بمصر الجديدة وبيت العائلة بالعدوة. فى طريقى لم يتأكد لى سوى سقوط هذه المحافظة من ذاكرة المسئولين، لكن تفاءلت عندما نجح «الشراقوة» أخيرا فى انتزاع لقب «بلد الريس» من «المنايفة» بعد استحواذ دام لأكثر من 04 عاما. طريق طويل إلى العدوة لا يتخلله بين الحين والآخر سوى أسماء لقرى تشابهت معالمها كما تشابه سكانها، فالجميع يرتدى الجلباب الريفى مصطحبا ماشيته خلف عربته الحديدية، بينما شغلت ورش السيارات جانبى الطريق بلا منافس. وهكذا، حيث أخذت الطرق فى الضيق شيئا فشيئا حتى وصلنا إلى قرية العدوة مسقط رأس الرئيس الحالى والتى تبعد عن مدينة الزقازيق بحوالى 6 كيلومترات.
فى طرق ترابية غير ممهدة دخلنا إلى القرية والتى علق على بابها تهنئة للدكتور مرسى رئيس الجمهورية.. قرية بسيطة شأنها شأن كل القرى إلا أن أهم ما لفت انتهابى على مدخل شوارع القرية، هو طوابير «التوك توك» المتراصة على قارعة الطريق، حيث إنها وسيلة المواصلات الوحيدة للدخول إلى القرية، وهنا أدركت كلمة السر «التوك توك» فى حديث الرئيس أثناء كلمته حول الاهتمام بجميع الشرائح فى مصر حتى سائقى التوك توك، هذا بالإضافة إلى ملصقات دعاية مرسى، التى تكسو حوائط القرية وأعمدة إنارتها ومدارسها ومستشفياتها. البيوت بسيطة كسكانها، متلاصقة وكأنها تسند بعضها بعضا كعادة سكان أهل القرية، من أناس يحملون كل سمات الشخصية المصرية البسيطة، على وجوههم تبدو مشقة الفقر وبساطة الحياة، وقد خطت خطوطا فى وجوههم كتلك الخطوط التى رأيتها تشق الأرض وكأنها طقس ريفى يرسم نقوشه على معالم القرية.
كان هدفى الأول هو زيارة شقيقات الدكتور مرسى حيث لم نسمع أو نجد من يتطرق بالحديث عنهن خاصة بعد معرفتى بوفاة والدته ومن ثم كان البحث عن أختيه الكبرى فاطمة والصغرى عزة للحديث معهما، وبالاستعانة بعم سيد مرشد «القرية» وصلنا إلى بيت الحاجة فاطمة.
∎ نصيحة الحاجة فاطمة. الستر يامحمد
فى حارات ضيقة تسلمنا الواحدة للأخرى حتى وصلنا إلى بيت الحاجة فاطمة الأخت الكبرى للدكتور مرسى.. بيت ريفى بسيط طرقنا بابه فأجابنا شاب فى العشرينيات مرتديا جلبابا أبيض متحققا فى هيئتنا ثم طلب منا الانتظار بعد أن أعلمناه بأنفسنا ليجرى مكالمة تليفونية سامحا لنا بعدها بالدخول، وإلى مدخل قصير ينتهى إلى ما يشبه الحظيرة وعلى يساره بضع درجات سلم لنجد باب الشقة مفتوحا وعلى سرير على يسار الداخل تجلس الحاجة فاطمة وإلى جانبه «كنبة» تجلس عليها سيدتان جارتا الحاجة وقد جاءتا للاطمئنان عليها، بينما علق على الحائط المواجه للسيدة فاطمة صور للدكتور مرسى فى مراحل عمرية مختلفة شارحة لنا مناسبة كل صورة متأملة لكل منها فى فخر.. جلست بجانبها على السرير متأملة بساطتها وفطرتها فهى سيدة هادئة كأمهاتنا فى الريف بزيها البسيط المتواضع إلا أنها حملت قسمات وجهها عبئا يفوق سنوات عمرها، لكن لسانها على لم يتوقف عن ترديد عبارات الحمد والشكر، فأخبرتنى بكلماتها التى فضلت أن أكتبها كما جاءت على لسانها، حيث كانت نصيحة الأخت الكبرى للرئيس «يامحمد احنا مش عايزين مناصب»!.. وإلى نص كلماتها:
احنا ست أخوات، 4 صبيان وبنتين محمد وأنا وسعيد وسيد وحسين وعزة، ومحمد أكبر منى ب4 سنين بس هو أبويا وأخويا وابنى.
∎ ومين أقربهم لقلبك؟
- كلهم زى بعض، بس محمد فوق الكل لأنه أول ولد يعيش لأمى وأول فرحتها.
∎ عملتى إيه لما عرفتى أنه بقى رئيس؟
- فرحت طبعا، أصله لكان عالبال ولا فى الحسبان، ده يوم ما خد الدكتوراه من أمريكا بقت الفرحة مش سيعانا وبعدها دخل مجلس الشعب وربنا وفقه أكتر بس فى الأول لما عرفت أنه هيترشح للرياسة زعلت.
∎ ليه؟
- مكنتش عايزاه يبقى رئيس، الناس مش حلوة وكل واحد له كلمة وفى ناس مش بيتمر فيها حاجة وهو غلبان وطيب، كان خلاه فى منصبه أحسن بس هنقول إيه ربنا اللى اختاره بقى وخلاص.
∎ ولسه خايفة عليه؟
- طبعا أكتر من الأول، من الشعب والمكايد اللى عايزين يوقعوه فيها وقلت له الكلام ده.
∎ وقالك إيه؟
- قاللى اسكتى يابت أنت عارفة حاجة! اللى هايعمله ربنا هو اللى هيكون. قلتله ونعم بالله! بس أنت مش عايز مناصب يامحمد، قاللى هو أنا بتاع مناصب بس ده طريق ولازم نمشى فيه، وكان يقول لأمى كده وتقوله احنا غلابة يامحمد فيقولها سلميها لله ولما أمى ماتت كنت جنبه ودايما يسأل عليا وكل يوم بيكلمنى.
∎ وليه مسفرتيش تتعالجى فى مصر؟
- يووه.. من ست سنين وأنا تعبانة وهو اللى بيودينى عند الدكاترة الكبار ويصرف عليا وبياخدنى عنده، ويقول ياختى خليكى هنا وغيرى جو، لكن أنا مش برتاح ومبقدرش أقعد هناك وأسيب بيتى وجوزى وهو تعبان وكمان بحب أقعد فى دارى وفى حالى والناس تدخل عليا وتشوفنى لكن هناك مفيش كده.
∎ عندك أولاد؟
- عندى محمد وسحر ووليد وأحمد اللى فتح لكم الباب، 3منهم فى كليات و2 دبلوم وليد فى كلية حقوق وأسماء فى هندسة واللى فى دبلوم بيشتغلوا بعيد عن خالهم وقاللى سيبيهم يشقوا طريقهم.
- أنا أنصحه! ده تبقى عيبة أنا فلاحة وهو متعلم وعارف كل حاجة.
أنهينا الحديث مع الحاجة فاطمة إلا أن كلماتها ظلت تتبعنا بالدعاء لأخيها بالستر ورجاحة الرأى. فخرجنا بعدها متوجهين إلى بيت الشقيقة الصغرى للدكتور مرسى وهى الأخت عزة.. لكننا لم نبتعد كثيرا حتى وصلنا إلى بيتها والذى خرج قليلا عن حيز الشوارع الضيقة إلى مكان أكثر رحابة حيث تحيطه الزراعات.
∎ الأخت الصغرى تؤكد على زواج الإخوانى من إخوانية
عزة.. الشقيقة الصغرى للدكتور مرسى حاصلة على الثانوية العامة ومتزوجة من خطيب مسجد يعمل بالسعودية إلا أنهم مستقرين بالعدوة: ترددت فى البداية للحديث معنا إلا أنها قبلت بعد أن وافق زوجها والذى يبدو عليه التدين كما يبدو عليها الالتزام حيث بساطة مظهرها من عباءة يغطيها خمار وملامحها التى تعبر عن الزوجة المصرية والتى لم نعد نراها سوى فى قرانا الريفية بدأت حديثها قائلة: هو أبويا مش أخويا فهو أكبر منى ب 91 سنة وبعد وفاة والدى لم أكمل تعليمى، وتكفلنى شقيقى دكتور مرسى فى منزله ثلاث سنوات فى الزقازيق حتى أنهيت دراستى الثانوية ثم تزوجت عن طريق الأهل وقد تكفل أيضا بجميع مصاريف زواجى، وعندى 4 صبيان محمد 3 ثانوى ومصعب أولى ثانوى وبلال تانية إعدادى وياسين ثالثة ابتدائى، وكان قد حاول مساعدتى على استكمال تعليمى، لكن ظروف سفره وعمله فى ليبيا حالت دون ذلك. وعن نجاح دكتور مرسى تقول كان عندى يقين بفوز أخى رغم زهده فى هذا المنصب، فهو لم يترشح إلا أنه قرار الجماعة التى فرضت ذلك ولازم يسمع طبعا.
∎ إيه القرار الأهم ليبدأ به من وجهة نظرك؟
- أنه يجيب حق الشهدا وبعدين كل حاجة هتتصلح. لأنه لولا الشهدا ما كان فيه مرسى.
∎ وإيه رأيك فى اللى بيقول أن دكتور مرسى هياخد قراراته من الإخوان؟
- أقول إنه هو رئيس لكل المصريين بمن فيهم الإخوان، وهو قدم استقالته من الجماعة والحزب وإذا كان هو ترشيح الإخوان فهو رئيس المصريين.
∎ هل أنت منضمة إلى الجماعة؟
- نعم أنا من الأخوات ومنضمة للجماعة من سنة 5991 وأنا عضوة هنا فى الشرقية، أما عن النشاطات التى تقوم بها فتقول: بنحضر لقاءات وبنظم نفسنا ونتولى تدريب وتعليم الزهرات «الأطفال الصغيرات» فى الصيف حيث نعمل لهن حلقات تحفيظ وتعليم، إضافة إلى حلقات تعليمية للكبار والفتيات فى الجامعات والمدارس وهناك مسئولة عن ذلك وهى الأخت عايدة وهى المسئولة عن قرية العدوة، كما أننى كنت من المشاركات فى حملة طرق الأبواب هنا فى العدوة لأننا مقسمون على المحافظات ونحن الآن ما لا يقل عن 52 عضوة من الأخوات الكبار غير طالبات الجامعة وهن فى ازدياد بينما الكبيرات فى السن يتولين التربية إضافة إلى تزويج الفتيات الأخوات من رجال الإخوان.
∎ واللى مش أخوات؟
- فقالت ضاحكة: اللى مش أخوات ينضموا لنا أو ربنا يسهل لهم. ثم أضافت قائلة: احنا بنعمل كده علشان يكون فى توافق فكرى بين الاثنين. يعنى أنا وزوجى من الإخوان لذلك فيه توافق كبير بين أفكارنا ومستقبلنا.
∎ أنت ترتدين الخمار مثل زوجة دكتور مرسى فهل ترين أن هذا زى يناسب زوجة الرئيس؟ - الخمار مناسب جدا لها وهى من على لسانها قالت: أنها مش هغيره لأنها مقتنعة به جدا. أما عن البروتوكول وغيره فلا يهم لأن المهم أن ما ترتديه هو الزى الشرعى الخاص بنا ومش هيتغير، حتى فى أوروبا هيحتقرونا لو غيرنا لبسنا عشان المنصب.
∎ وماذا عن النقاب ؟
ارتديته عندما كنت فى السعودية كزى، لكننى لم أرد ارتداءه رغم أنه فضيلة لأننى أرى فى الخمار كافيا.
- أجابتنى فى انفعال لماذا انتقل إلى القاهرة وأترك بلدى! والعدوة كلها أقاربنا وناسنا، ولما أحب أشوف أخويا بسافر اطمن عليه. وعلى العموم كل واحد له دور فى المكان اللى هو فيه والقاهرة مش آخر الدنيا.
ودعتها متمنية أن يرزقها الله بالبنات فهذه كانت أمنيتها التى أمنت عليها.
ومن نساء إلى رجال العائلة حيث انتقلنا إلى بيت الأسرة والذى يبعد عن وسط القرية بكثير، وبمجرد وصولنا عن طريق الدليل «عم سيد» الذى تعهد بوصف الطريق لنا لم يميز البيت عن غيره سوى صورة كبيرة للدكتور مرسى معلقة على واجهة المنزل.. منزل العائلة الريفى الذى يشبه منازل أخرى كثيرة متجاورة مكون من ثلاثة طوابق تبرز من الطابق الثالث أسياخ الحديد حتى يتسنى إضافة دور جديد حين تدعو الحاجة أو تسمح الظروف. الجميع يترقب من يدخل ويخرج من البيت خاصة بعد فوز دكتور مرسى، تلك البلدة التى لم تر شوارعها يوما عدسات الكاميرا لا فى زيارة مسئول ولا وزير، اليوم باتت محط أنظار عيون وكاميرات مختلف الفضائيات والشاشات حتى أن أطفال الجيران يسيرون خلف غريب القرية وكأنه زائر عزيز أملا فى التقاط صورة أو مجرد ابتسامة.
دخلنا البيت ولم يختلف داخله عما رأيناه خارجه من منزل بسيط متواضع للغاية، الدور الأرضى به غرفتان ليس للسكن ثم قابلنا شاب طلب منا الانتظار ثم صعدنا إلى الدور الأول والذى يمثل بيت الأسرة حيث صالة تفتح عليها أربع حجرات، ما يهمنا فيها هى الغرفة على يسار الداخل مباشرة وهى غرفة الدكتور محمد رئيس الجمهورية والتى تربى فيها منذ الصغر والتى يغلب عليها البساطة، بما تحويه من كتب السنة وتفاسير القرآن الكريم، وهو ما يوضح تربيته الدينية.
وفى حديث لنا مع شقيق الرئيس الأستاذ سعيد البالغ من العمر 15 سنة والذى كان منشغلا بالحديث مع إحدى القنوات الفضائية مرتديا الجلباب - الزى الريفى المميز- إلا أنه كان غاضبا لتأخره عن الذهاب إلى أرضه، فهو مزارع، كما أنه مشرف فنى بمديرية الإسكان بالشرقية واصفا بعد هدوئه سعادته غير العادية بفوز شقيقه بالرئاسة، ومؤكدا على توقعه بفوز مرسى من أول جولة وحتى الإعادة لأن كما قال: يقينى أن الشعب مش ممكن يرجع الحزب الوطنى تانى.
كلمات شقيق الدكتور مرسى والذى جلس معنا بغرفته ليحكى لنا عن البداية والتى قال عنها:
الوالد كان فلاحا يعول العائلة جميعها وقد نزلت للعمل فى المرحلة الثانوية للمشاركة فى توفير دخل للعائلة، وبعد عامين من عودة الدكتور مرسى من الولاياتالمتحدة توفى والدنا، فتحمل هو المسئولية ليكون بمثابة أب لنا.
وقد عرض على إكمال تعليمى إلا أننى رفضت وقررت العمل مشرفاً فنياً بمديرية الإسكان.
∎ وماذا عن أخوتك؟
- الدكتور محمد مواليد 1591 فاطمة مواليد 6591ربة بيت ومتزوجة، وسعيد مواليد 9591وموظف بمديرية الإسكان والسيد مواليد 3691 وأمين معمل بمدرسة العدوة الثانوية وحسين مواليد 5691 ومدرس رياضيات بمدرسة صبيح الإعدادية.
∎ وماذا عن الجماعة وانتمائك إليها؟
- أنا عضو فى حزب الحرية والعدالة منذ تأسيسه، أما عن الجماعة فلم أنتم إليها فأنا محب لهم فقط لأن وقتى لا يسمح بالتواجد معهم باستمرار. ودورى فى الحزب أن نجتمع كلجنة حزب ونشوف البلد محتاجة إيه ونعمله. وبسؤالى له عن كونه متحدثا لبقا رغم مجال عمله الذى يبدو بعيدا عن ذلك فقال لى أنا فى السياسة من 7891 وأهتم بمتابعة كل ما يجرى من أحداث إلى جانب عملى.
∎ وكيف ترى مهمة دكتور مرسى؟
- الله يعينه.. هى مهمة تقيلة لكن هنعمل إيه، لكن ليس هذا ما يقلقنى إنما عدم تسليم السلطة كاملة. وأعتقد أن هذا متعمد ليفعلوا فى الرياسة زى ما عملوا فى البرلمان يعنى كان فى مجلس منتخب ووزارة مش بتنفذ له الطلبات لذلك يثور عليه المواطن العادى، فأنا أخشى أن تكون سلطة الرئيس هى الأخرى منقوصة من خلال الإعلان الدستورى المكمل. فيخرج الناس عليه بعد 6 شهور ويقولوا عمل إيه؟
∎ طيب والريس يعمل ايه؟!.
- معرفش، الريس هو من يسأل عن ذلك مش هو اللى بيقعد معاهم «كبار البلد».
∎ وتفتكر هينجح ؟
- أنا متفائل لأنه دايما كان بيحب الاهتمام بالناس، وافتكر له وهو طالب بيعمل فصول تقوية لطلبة الثانوية العامة فى الصيف. فى مواد الفيزياء والرياضة. ولما كبر كان دايما يهتم بشئون القرية.
∎ وماذا عن تخوفات البعض من أن يكون د.مرسى مجرد واجهة، والجماعة هى من تحركه؟
- «يرد غاضبا»: اللى قال كده ناس مغرضة ودكتور مرسى لما تولى رئاسة الحزب استقال من الجماعة ولما تقدم للرياسة فجمد عضويته بالحزب.
∎ ولكن انفصاله شكليا كما يقول البعض؟
- هو بالطبع لن ينفصل عنها روحيا ولكن قيادته وتعليماته ستكون من «دماغه»، فالمرشد لا طاعة له عندما أصبح مرسى رئيسا للجمهورية.
وحول وضع الرئيس مرسى مرشحا عقب خروج الشاطر والذى أثار حساسية لدى شقيقه فقال: المرشد لم يصدر قرارا «الصبح» بأن ينزل مرسى الانتخابات ولكن مجلس شورى الجماعة اجتمع فى البداية وحدد الشخصيتين وفاز الشاطر وكان الدكتور موجود بعد خيرت ولما الحكومة لعبت مع خيرت والنظام أراد خروجه قررت الجماعة ترشيح مرسى.
∎ الناس بتقول إن السلطة مفسدة مش خايف على الرئيس؟
- بادعيله. ربنا يكفيه شر السلطة وهو إن شاء الله مش ممكن يتغير، وندعو له تكون البطانة صالحة وصادقة والخوف منها. ونفسى أول حاجة يعملها يرجع الأمن.
∎ لكن ظروف الناس هنا صعبة؟
- الناس هنا عندها شغلتين موظفين بالنهار وفلاحين بالليل فالكل عنده أرض وبهايم واللى عنده ميكروباص أو توك توك يشتغل عليه لأن النظام السابق طحن الناس.
∎ وأنت من الناس المطحونين؟
- الحمد لله احنا بنشتغل وندور على رزقنا ورزق عيالنا وكل اللى حيلتنا 3 فدادين من أراضى الإصلاح الزراعى، نصيب محمد منها نصف فدان، إلا أنه لا يهتم به ويتركه لنا
وعندما سألناه عن أخوته الآخرين قال شقيق مرسى: كل واحد فى شغله حتى حسين معتصم فى التحرير حتى يتم إسقاط الإعلان الدستورى المكمل ليحصل الرئيس مرسى على صلاحياته كاملة
بينما توجهنا بالحديث إلى محمد سيد، ابن شقيق مرسى، شاب فى العشرينيات يرتدى بنطلونا وتيشيرت ويبدو عليه أنه شاب جامعى وقد عرفت بالفعل منه أنه خريج حقوق، وعن فوز دكتور مرسى قال: أنا توقعت فوز عمى، على الرغم من تضارب الأنباء والأخبار حول الفائز فى انتخابات الرئاسة، ومن أول ما جماعة الإخوان رشحت خيرت الشاطر كان عندى شعور أنه هيحصل مشكلة فى خوض مرشح الإخوان للانتخابات لذلك كان نزول مرسى تفاديا لخروج الشاطر وفعلا هذا ماحدث
∎ وهل كنت من المشاركين فى الحملة؟
- نعم، أنا كنت مشاركا فى حملة دعاية دكتور مرسى هنا فى الشرقية وكنا ننزل البلاد ونعمل وقفات ومسيرات ونعلق بوسترات وسينما الشوارع. وبصراحة كنت فى البداية قلقان إن الانتخابات تتزور لكن اللجنة نجحت فى أنها تدير العملية بشكل نزيه جدا والمجلس العسكرى أيضا نجح فى ذلك. وعن الخبرات التى تعلمها من عمه يقول تعلمت الصبر والاجتهاد والاعتماد على النفس وهذا هو شعار الدكتور مرسى فهو يكره المحسوبية والواسطة.
خرجنا من البيت شاكرين الحديث مع محمد والحاج سعيد الذى كان مشغولا بالذهاب إلى «الغيط» كما قال لابن أخيه: ياللا يابنى ورانا مصالح، وخرج معنا متوجها إلى حقله بينما توقفنا نحن بعدها للحديث مع إحدى جارات الدكتور مرسى والتى تسكن فى البيت الملاصق له وهى «مدام عزة» والتى رأيتها جالسة كشأن نساء كثيرات بالقرية على «عتبة» الباب وحولها صغارها يتأملون الداخل والخارج من بيت أسرة الدكتور محمد وعندما تحدثت معها أخبرتنى أنها مقتنعة بالرئيس الجديد وبنجاحه، وحكت لى عن الطبل البلدى الذى عم القرية ليال احتفالا بفوز الرئيس حتى أنها تدعم هذا النجاح بأنه عندما كان نائباً بمجلس الشعب 5002 حصل على لقب أفضل نائب فى محاربة الفساد. وأضافت قائلة: احنا جيرانهم من زمان وعمرنا ما شفنا منهم حاجة وحشة، ناس طيبين ومكافحين والمناصب عمرها متغيرهم حتى لما الدكتور فاز فى الانتخابات وكل يوم الصحافة والإعلام عندهم عمرهم ما اتكبروا على الناس، والدكتور كان دايما بييجى البلد ويطمن على أخواته وخصوصا أخته الكبيرة فاطمة، وكفاية أنه رفع راس الشرقية كلها وبقينا بلد الريس. وبسؤالها عما تريده من الرئيس قالت فى اقتضاب «يحكم بالعدل».
وهكذا انتهت الرحلة إلى القرية التى شهدت حالة من الحراك غير المعهود والتى ألفت دخول السيارات الملاكى أكثر من العربات الحديدية كما ألف سكانها رؤية الغرباء إلا أن توددهم الفطرى كان يخفى أى غربة..
القرية لم تطولها يد التطوير بعد، إلا أن نسائم الرئاسة رسمت ابتسامة على وجوه أطفالها ولسان حالهم يقول: «الريس من عندنا».