غزانا علم الجينات حتي أصبح من علامات الأحاديث اليومية والمجلات والجرائد والحوارات التليفزيونية حتي أصبح كل منا عالماً في الهندسة الوراثية وقادراً علي التفكير ببساطة في تصنيع صرصار أو قطة أو جاموسة وكأن الحكاية هيصة وهيوصة. أصابني القرف من التكرار ومن سيرة الجحش والحمار وقررت أن أنام تاركا الموضوع كله فلا داعي لوجع القلب. ولقد رأيت نفسي وأنا في المنام رأيت نفسي «أنام».. يعني نائم يري نفسه نائماً وكأن الحلم خلا من الأكشن أعني الحركة وليس في الحلم غرائب فهو مثل الفيلم العادي غير أن سريري كان واسعاً جداً يبلغ عرضه عشرة أمتار وطوله مثل عرضه وأنا فيه نائم في الوسط وحولي عشرة نماذج لي تشبهني تماماً في الشكل والطول واللون والعمر والاسم والرسم فهم سمراء «نسبة لسمير» خمسة يساراً وعلي يميني خمسة آخرون فنحن الآن أحد عشر سميراً في سرير واحد كلنا متشابهون مكررون متماثلون فلا حول ولا قوة إلا بالله، فنحن كلنا نسخ متكررة لا فرق بين الواحد والآخر نحن مجرد «أصفار» في أرقام بشر العالم أصفار متكررة تقع علي يسار المرصودين المتميزين الفعليين يعني نحن «شخوص» بلا أهمية ولا قيمة ولا هوية نحن أبناء المعمل في الليل الأكحل نحن معا أبناء الهندسة الواثية زملاء النعجة رفقاء الخروف نحن العشرة المكررون توافه يا صاحبي إن ناديت واحدا الكل نعم وإن سألت الواحد سؤالاً أجاب الكل معا نحن مجرد كورس أو كارثة نحن مجرد حادثة من فكاهات العلم الحديث نحن حلم أو قل نحن كابوس. وتصور يا عزيزي أننا قد جلسنا معاً علي الفراش وهرشنا «كلنا» الرأس وفكرنا وتفكرنا وتحركنا وطلبنا الشاي وجاء لنا الشاي تحمله الزوجات المكررات تبارك الله لقد حضرت تحمل الشاي والباسكويت عشر زوجات مكررات متشابهات خرفانات فخدمة الزوج وهو بالفراش رفاهية لا يعرفها هذا الزمن وبدأت الزوجات تقلب في فناجيل الشاي إنها عشرة فناجيل شايات متشابهات مكررات وتسمع صوت الملعقات المتخابطات في إيقاعات مكررات سيمفونية المعالق والكبايات وذاب في قعور الأكواب كيلو سكر بالتمام كل شيء أصابه طاعون الهندسة والتكرار كل شيء دخل الماكينة فتكرر وأثمر حتي أصبح مطاردا بالتعدد والتشابه. وبعد أن أفطرنا نحن كلنا وجلست الزوجات العشر معنا.. بدأت الزوجات يحاسبننا علي مشكلات المرتب الواحد الذي نتقاضاه كلنا فنحن رغم أننا نسخة من عشرة مخلوقات نتزوج عشر زوجات ولنا ولكل واحد عشرة أولاد فلنا مرتب واحد. فالشيء الوحيد الذي لم يتكرر هو المرتب والحكومة فهذه ثوابت جامدة لا يمكن أن تتعرض لطاعون الهندسة الوراثية ولا يهزمها العلم ولا التحديث. وعند الكلام عن الفلوس والمصاريف شد كل واحد منا لحافه وقررنا أن ننام حتي لا نفكر في شيء. ولقد تركنا الزوجات يصرخن من الغضب ويكررن السباب بلا سبب ولذنا بالهروب نوماً وتصاعد الشخير يتوالي من عشرة أنوف مسدودة عن عشر تشخيرات متتالية في نغمة متكررة أحدثتها الهندسة الوراثية. وصحوت من حلمي فلم أجد إلا ورقات الجرائد والمجلات وصورة الزميلة النعجة تضحك في سخرية وهي تقولي لي «يا.. أهبل».