المسلمون في جنوب السودان.. جمعتهم الديانة وفرقتهم السياسة (الحلقة10) بينما بدأ العد التنازلي لاستفتاء تقرير مصير جنوب السودان بانتهاء فترة تسجيل أسماء الجنوبيين في الاستفتاء المقرر في 9 يناير .. رصدت "روزاليوسف" في جولة بالخرطوم " العاصمة السودانية " وفي مدينة جوبا " عاصمة الجنوب " اجواء من التوتر والحذر بين الجانبين خوفا من ردود أفعال غير محسوبة في حالة إذا ما انتهي الاستفتاء بالانفصال . وبات مصير السودان ومستقبله بعد حدث 9 يناير الفاصل في تاريخه قضية تفرض نفسها علي كل سوداني بما في ذلك ان هناك تحركات جديدة من أطراف مختلفة مثل الحركات المتمردة في دارفور في طريقها للسير علي نهج الحركة الشعبية في طلب تقرير المصير ايضا .. وتنقل " روزاليوسف " في سلسلة حلقات من العاصمتين الجنوبية والشمالية الواقع علي الارض وتداعياته بما فيها المصالح المصرية . روج القائمون علي قضية جنوب السودان وعلي رأسهم الحركة الشعبية خارجيا لازمتهم علي انها صراع عقائدي بين مسلمين مسيطرين علي مقاليد الحكم في الخرطوم ويحاولون تطبيق الشريعة الإسلامية علي مسيحيين وديانات اخري في الجنوب ، وعليه جاءت مطالباتهم المتكررة للمجتمع الدولي بالتدخل لحمايتهم .. رغم ان الواقع ان نسبة المسلمين في الجنوب تفوق نسبة المسيحيين في حين تأتي الاغلبية لديانات أخري افريقية. يضاف الي ذلك لسيطرة المسيحيين واصحاب الديانات الاخري علي مقاليد الحكم في الجنوب بحكم مرجعية القبائل الثلاث التي تتشكل منها حكومة "الجنوب الدينكا والنوير والشلك".. في حين ان المسلمين موزعون علي ولايات الجنوب دون ان يكون لهم تواجد سياسي مؤثر بما يعني انهم لم يستفيدوا من ايديولوجية حكومة الخرطوم المركزية التي اعلنت منذ ثورة الإنقاذ في 1989 تطبيق الشريعة الإسلامية في السودان جميعا . " روزاليوسف " حرصت علي رصد واقع المسلمين في الجنوب وما ان كانت هناك مضايقات من حكومة الجنوب واصحاب الديانات الاخري في اقامة صلواتهم واداء شعائرهم الدينية، فضلا عن مواقفهم السياسية خاصة فيما يتعلق بالاستفتاء والخيار الذي يفضلون التصويت له ان كان وحدة او انفصالاً. أقدم مسجد «مصري» تنتشر المساجد في جوبا عاصمة الجنوب ، وهناك مساجد وجمعيات اسلامية دعوية لها مقرات بجوار الكنائس مثل جمعية الدعوة الاسلامية .. وتتجمع الجمعيات في مجلس اسلامي عام يدير شئون المسلمين في الجنوب .. وياتي علي راس مساجد جوبا " المسجد العتيق " وهو اقدم مسجد في الجنوب وانشأه الملك فاروق وقت ان كانت مصر والسودان تخضعان لحكم اسلامي واحد .. ويتواجد المسجد في منطقة الملكية وهي المنطقة التي تعبر عن الامتداد التاريخي للتواجد المصري في الجنوب . فالملكية كان المقر الرئيسي للحكم العثماني وخلال تلك الحقبة شهد الجنوب جوانب تنموية متعددة علي ايدي المصريين بدليل انه مازال يحتفظ بالاسماء الملكية حتي الان .. وتبدو الجذور التاريخية للتواجد في مدرسة الملكية وهي اقدم واكبر مدرسة بالجنوب أنشأها المصريون أيام الحكم الملكي بجانب سوق الملكية احد اكبر الاسواق التي يعتمد عليها الجنوب ومعظم تجارة من الشمال وكذلك نادي الملكية وهو من اكبر اندية الجنوب الرياضية .. وفي تلك المنطقة توجد القنصلية المصرية في الجنوب بجانب مقر بعثة الري المصري في جوبا. اكبر مسجد في جوبا «كنيسة» في حين ياتي اكبر مساجد الجنوب وكثرها اقبالا من المسلمين " المسجد الكبير" الذي انشاه رجل اعمال كويتي .. زارت "روزاليوسف" مقر المسجد .. احد الموظفين يقوم باعمال النظافة الداخلية استعدادا لصلاة الظهر، في حين تجمع المشرفين علي لجنة المسجد في ساحتة يتدارسون شئونهم انتظارا لاقامة الصلاة يروي بشير جرنج المشرف العام علي لجنة المسجد قصة انشائه ان مكان المسجد كان كنيسة كاثوليكية واشتري الارض رجل اعمال كويتيا يدعي عبدالله سرية عام 1983 وتقدر مساحتها الف متر .. وقام بانشاء المسجد وبعد ان قرر البقاء في الجنوب قرر العودة الي بلاده تاركا المسجد واعماله اثناء حرب العراق والكويت بسبب موقف السودانيين في العراق الداعم لغزو بلادهم . ويقول بشير إلي ان المسجد من اكبر المساجد في الجنوب حيث يصل عدد المصلين في شهر رمضان والاعياد الي 3 الاف شخص في حين يصل العدد في صلاة الجمعة الي 1200 شخص تقريبا وفي الصلوات العادية الي 150 شخصا .. وقال ان في جوبا حوالي 14 مسجدا في حين يصل عدد المساجد في ولاية بحر الغزال إلي 50 مسجدا. ونفي المشرف علي المسجد الكبير ان تكون هناك مضايقات يتعرضون لها في الجنوب وقال انهم يعاملون كمواطنين بالدرجة الاولي ويتمتعون بكامل الحقوق والحرية وان علاقاتهم بالديانات الاخري جيدة ويسودها الاحترام والود بدليل ان في الاسرة الواحدة قد نجد المسلم والمسيحي بدون اي حساسيات او مشاكل وعليه ليس من المستغرب ان نري في اسم الشخص الواحد القاباً مسلمة ومسيحية. يدعمون الانفصال ويرفضون العروبة وحول مواقف المسلمين في الجنوب السياسية اكد موسي قرنق احد اعضاء المجلس الاسلامي في الجنوب انهم لا يريدون الوحدة مع الشمال وانهم كمسلمين في الجنوب يدعمون الانفصال لان الشماليين "خونوا" أشقاءهم في الجنوب وتعاملوا بعنصرية معهم في السنوات الماضية فضلا عن جرائمهم في دارفور حيث يقتلون الاطفال . وقال الحركة الاسلامية في الشمال هدفها السياسة ولاعلاقة لهم بالدين ، مشيرا الي ان الشماليين كانوا يفصلون بينهم في امور كثيرة حتي الزواج فكانوا يرفضون مسلمي الجنوب من مسلمي الشمال ، وقال انهم يفضلون الانضمام الي الاتحاد الافريقي عن جامعة الدول العربية. ونفي موسي ان يكون هناك دعم خارجي للمسيحيين علي حساب المسلمين وقال ان الشماليين هم من يروجون الي المصطلحات الغربية حتي يسيطروا علي السودان مثل العنصرية والعروبة . واضاف انهم كمسلمين في الجنوب لايجمعهم تنظيمي سياسي معين وانما مفرقون بين التنظيمات السياسية القائمة ومنهم من لايعمل بالسياسة.