في إطار الجهود المصرية الرامية إلي انتشال عملية السلام من أزمتها الراهنة استقبل الرئيس حسني مبارك نظيره الفلسطيني محمود عباس بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة. تركزت مباحثات الرئيسين مبارك وعباس علي آخر تطورات عملية السلام وموقف الفلسطينيين بعد تخلي واشنطن عن محاولة إقناع إسرائيل بوقف الاستيطان لاستئناف المفاوضات المباشرة. وبحث الرئيسان الخيارات والبدائل التي يمكن أن تلجأ إليها السلطة الفلسطينية للخروج من المأزق الحالي الذي تعيشه عملية السلام جراء تواصل الاستيطان الإسرائيلي. حضر جلسة المباحثات من الجانب المصري مدير المخابرات العامة الوزير عمر سليمان ومن الجانب الفلسطيني كل من ياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ونبيل أبوردينة الناطق الرسمي باسم الرئاسة وسفير فلسطين بالقاهرة بركات الفرا. وعقب جلسة المباحثات أكد الرئيس عباس أن الجانب الفلسطيني لن يستأنف المفاوضات المباشرة ما دامت المستوطنات مستمرة وباقية. وأوضح أن مباحثاته مع الرئيس مبارك تناولت مستقبل عملية السلام والمفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والخطوات المقبلة، مشيرًا إلي أن هناك مشاورات تجري حاليا مع الإدارة الأمريكية، مضيفاً أن السيناتور جورج ميتشيل المبعوث الأمريكي الخاص لعملية السلام سيصل إلي المنطقة الاثنين المقبل كما سيكون هناك اجتماع للجنة المتابعة العربية خلال الأيام القليلة المقبلة. وشد عباس علي أنه أيا كانت النتائج والمشاورات فإن الموقف الفلسطيني العربي لن يقبل المفاوضات مع استمرار الاستيطان. وأشار إلي أنه بعد اجتماع لجنة المتابعة العربية ستلتقي القيادات الفلسطينية وعند ذلك تأخذ القرار. وردًا علي سؤال حول الخيارات والبدائل التي يمكن أن يلجأ إليها الجانب الفلسطيني قال إن الاعتراف بدولة فلسطينية جارٍ وحصلنا من الأرجنتين والبرازيل علي اعتراف بالدولة الفلسطينية وهناك دول أخري ستقدم علي نفس الخطوة. وأضاف: هناك خيارات أخري تتعلق باللجوء إلي مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة والرباعية الدولية وغيرها لكن كل هذه الخطوات ستأتي متتابعة بمعني أنه لن نذهب إلي الخطوة التالية إلا بعد أن نستنفد كل الوسائل من الخطوة الحالية وفي النهاية الأمر يعود إلي القيادة الفلسطينية لتقرر. وأكد أبو مازن علي أهمية الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية وقال إن كثيرا من الدول اعترفت بالدولة الفلسطينية ولدينا سفارات في جميع الدول العربية والإسلامية ودول عدم الانحياز ومن جهة أخري هناك أيضا دول في أوروبا الغربية وأمريكا اللاتينية وبالطبع الولاياتالمتحدة لن تعترف بدولة فلسطينية. وبينما أكد الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسي أن خيار التوجه إلي الأممالمتحدة للمطالبة بإقامة الدولة الفلسطينية مطروح، وفيما توقع عدم موافقة العرب علي منح واشنطن فرصة أخري في عملية السلام بعد أن فشلت في اقناع إسرائيل بوقف الاسيتطان قال كبير المفاوضين صائب عريقات إن القيادات الفلسطينية تأمل أن «تعترف الإدارة الأمريكية بالدولة الفلسطينية ضمن حدود 67، كرد علي الاملاءات الإسرائيلية في الاستيطان والممارسات الاحادية الأخري»، وشدد المسئول الفلسطيني علي أن «عملية السلام تمر بمأزق خطير»، وأوضح أن «المطلوب قرارات وإذا ارادت أمريكا الحفاظ علي خيار الدولتين عليها الاعتراف بالدولة الفلسطينية ضمن حدود 67». وردت الإدارة الأمريكية علي الطلب الفلسطيني قائلة علي لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية فيليب كراولي إنها مازالت تأمل في التوصل قبل الصيف المقبل إلي اتفاق سلام، وذلك في وقت باتت واشنطن فيه قبلة المسئولين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث توجه أمس وفدان الأول فلسطيني ضم رئيس الوزراء سلام فياض وصائب عريقات والثاني إسرائيلي يترأسه وزير الدفاع ايهود باراك إلي الولاياتالمتحدة. ومن المقرر أن يجري الوفدان بشكل منفصل مشاورات مع وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قبل مشاركتهما في مؤتمر ينظمه مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط. في غضون ذلك قررت «اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء في القدسالمحتلة طرح مشروع لبناء مائة وثلاثين وحدة استيطانية في «مستوطنة جيلو في القدس خلال الأسبوع المقبل. من جانبه انتقد عمير بيرتس وزير الدفاع الإسرائيلي السابق وعضو الكنيست عن حزب العمل موقف الحكومة الإسرائيلية الرافض لوقف الاستيطان لمدة ثلاثة أشهر، وقال بيرتس - في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية أمس - إن حالة الجمود السياسي الراهنة التي تجتاح مفاوضات السلام مع الفلسطينيين تنطوي علي انعدام المسئولية من قبل الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتانياهو، وأضاف: إن حالة الجمود ستؤدي أيضا إلي توسع رقعة الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية المستقبلية. موضحا أن تقديم بعض التنازلات لاستئناف المفاوضات يصب في المصلحة العليا لإسرائيل. وأعرب بيرتس عن اعتقاده بأنه كان يتعين علي حزبه أن يعود لصوابه منذ فترة وينسحب من الحكومة. وفي إطار ردود الأفعال الدولية علي سياسية الاستيطان أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن أسفه لكون إسرائيل «لا تأخذ في الاعتبار الدعوة الموحدة للمجتمع الدولي» حول تجميد الاستيطان، مشيرا في الوقت نفسه إلي أنه ينبغي ألا يضع ذلك حدا لمفاوضات السلام. وقال مارتن نيسيركي المتحدث باسم بان كي مون إن الأخير «جدد طلبه لكي تفي إسرائيل بالتزاماتها الواردة في خارطة الطريق حول تجميد جميع النشاطات الاستيطانية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة بما في ذلك القدسالشرقية». من جهتها جددت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون معارضة دول الاتحاد ال27 للاستيطان الإسرائيلي «غير الشرعي» في الضفة الغربية، وقالت اشتون إن «موقف الاتحاد الأوروبي حول المستوطنات واضح: انها غير شرعية في نظر القانون الدولي، وهي عقبة أمام السلام». وفي غزة اغارت طائرات من سلاح الجو الإسرائيلي أمس علي ثلاثة أهداف في القطاع تابعة للفصائل الإسلامية بينها «ورشة لإنتاج وسائل قتالية» في وسط غزة. إلي ذلك أعلنت حركة فتح إن ميليشيا حماس اختطفت واستدعت نحو 40 قياديا وكادرا من أبناء الحركة في إقليم شرق غزة خلال أقل من أسبوع واحد. وأفادت الحركة في بيان لها أمس بأن ميليشيا حماس احتجزت المختطفين لساعات طويلة في زنازين ضيقة وعرضتهم للتحقيق واستجواب لساعات طويلة وفي ظروف مهينة، إضافة لتعرضهم للشتم والألفاظ النابية مع وضع كيس خيش علي وجوهم والوقوف علي قدم واحدة، إلي جانب اجبارهم علي الامضاء علي تعهد بعدم المشاركة في أي أنشطة لحركة فتح سواء تنظيمية أو اجتماعية.