رغم أن جولة الإعادة في الانتخابات البرلمانية هي جولة الحسم بالنسبة للمرشحين، لأنها جولة بلا ملحق، فإن الظروف مهيأة لأن تكون جولة أقل عنفا وأقل ظهوراً للبلطجية التي لم تخل منها الجولة الأولي فهذه الجولة تكاد تكون هي جولة الحزب الوطني وحده.. فحتي إذا لم ينسحب مرشحو الوفد المتبقين «9» ومرشحو جماعة الإخوان وقد حسم قبلها بأسبوع نحو 114 مقعدا يتنافس عليها مرشحون ينتمون إليه، وهو ما يراه قادته نجاحا لتكتيك الدوائر المفتوحة أي التي رشح فيها الحزب أكثر من مرشح.. ويضاف إلي ذلك نحو 75 مقعداً آخر يتنافس فيها أيضا مرشحون للحزب الوطني مع آخرين ينتمون إليه ويخوضون الانتخابات كمستقلين.. هنا سيكون التنافس محصوراً داخل البيت الحزبي الواحد، لا يعقل أن يتشاجر أهل البيت الواحد أو العائلة الحزبية الواحدة وأن يمارسوا العنف تجاه بعضهم البعض. بمعني آخر ظهور العنف أو البلطجية في الدوائر التي يتنافس فيها مرشحو الحزب الوطني مع أنفسهم أمر لا يليق ويسيء للحزب خاصة أن الحزب أدان استخدام العنف في المنافسة الانتخابية واستنكر استخدام البلطجة والاستعانة بالبلطجية فيها.. وهذا سبب يدعو للتوقع أن تكون الجولة الثانية للانتخابات التي تجري اليوم أقل عنفا من الجولة الأولي، لأننا نتوقع أن يكون الحزب الوطني الذي ضمن فوزا ساحقا في الانتخابات حازما تجاه من يتورطون في ممارسة العنف والاستعانة بالبلطجية في الانتخابات. يضاف إلي ذلك أن انسحاب الوفد والإخوان من الجولة الأولي، حتي إذا لم تعترف به اللجنة العليا للانتخابات، لأنه تم بعد إغلاق باب الانسحاب من الانتخابات سوف يقلل من سخونة الانتخابات في عدد من الدوائر الانتخابية كان متوقعا أن تكون ساخنة.. فحتي رغم أن اللجنة العليا لم تشطب أسماء المرشحين المتنافسين الذين انسحبوا من انتخابات الإعادة، فإن هؤلاء المرشحون لن يمارسوا أي أعمال من طقوس العملية الانتخابية سواء ما يتعلق بالدعاية أو التأثير في الناخبين أو حشد أنصارهم.. مما سيسهم في تهدئة الأحداث والأوضاع في دوائرهم. وقبل ذلك كله.. فإنه رغم أن جولة الإعادة تتم علي أكثر من نصف المقاعد البرلمانية فإنها تتم بين نحو 11% من جملة المرشحين في الجولة الاولي للانتخابات.. وهذا الانخفاض الطبيعي في عدد مرشحي الجولة الثانية سوف يترتب عليه انخفاض في فرص اللجوء إلي العنف الذي بات مرضا مصاحباً لأي انتخابات برلمانية بل غير برلمانية في بلادنا. ولو مضي اليوم بأقل قدر من العنف وأيضا الليلة التي سوف تشهد عملية فرز الأصوات وإعلان النتائج سيكون في مقدورنا أن نحكم علي هذه الانتخابات بأنها كانت أقل عنفا مما سبقها من انتخابات رغم عدد الضحايا الذين أسفرت عنهم الصراعات ولن نقول المنافسات الانتخابية. لكن يظل ذلك مرهونا بحزم أكبر لأجهزة الأمن في مواجهة أي بوادر عنف وإيجابية أكثر من التصدي للبلطجية فضلا عن يقظة الناخبين.