احتدم النقاش حول الحد الأدني للأجور بين ما أعلنه المجلس القومي للأجور وهو 400 جنيه مصري وما أفضت إليه المساعي متنوعة المصادر من الحكم السابق لمحكمة القضاء الإداري بإلزام الحكومة ب 1200 جنيه مصري كحد أدني للأجور.. تداخلت الأصوات ما بين مؤيدين ومعارضين.. والمؤيدون هم العاملون الذين لا يقتنعون بالأربعمائة ويطالبون بالألف ومائتين.. والرافضون هم أصحاب الأعمال الذين يرفضون بشدة ما قررته محكمة القضاء الإداري بحجة أنه مجحف ويتقبلون علي مضض ما قرره المجلس القومي. وراء تقدير الحد الأدني عدة مشكلات ترتبط بتعريف الأجر وإلام يشير وعلام يتم تقديره.. وهي مصطلحات مهمة يجب أن تكون واضحة المعاني بالنسبة لأصحاب الأعمال والحكومة وبالنسبة للموظفين والعاملين والعمال علي حد سواء.. ونحتاج من خلال وسائل الإعلام إيضاح الصورة فيما يخص هذا الأمر بالإجابة عن عدة تساؤلات لتقريب وجهات النظر ومحاولة ضبط الرؤية عند الطرفين المتنازعين علي الحد الأدني للأجور. - أول التساؤلات هو: هل سيتبع رفع الحد الأدني للأجور رفع الأجور جميعها بالنسبة ذاتها، أم سيرتفع الحد الأدني وحده؟ - ثم هل هناك فرق بين الأجر والدخل؟ أي أن تحديد الأجر يخضع لمقاييس اقتصادية، في حين يتوجب أن يكون الدخل متناسبا مع المتغيرات الاقتصادية والمتطلبات الاجتماعية في آن واحد؟ وهل تخضع الأجور في هذه الحالة إلي ما يدعو البعض إلي النظر فيه من مستوي جودة المنتج التي يتم علي أساسها تقدير أجر هذا وذاك؟ أما الدخول فينبغي أن يراعي فيها بعض الاعتبارات الخاصة بالأسرة ومتطلبات أفرادها وعدد الذين يقومون بإعالتها في مقابل تلك المتطلبات بحيث يكون الحد الأدني لتلك الدخول مناسبا لإنفاق الأسرة؟ - والفارق بين الأجر والدخل يستدعي طائفة أخري من التساؤلات حول عدم تمكن البعض من الحصول علي دخل يشمل عدة أجور، بالرغم من أن آخرين يستطيعون الجمع بين عدة أجور وبالتالي تتضخم دخولهم في مقابل الدخل الضعيف المعتمد علي أجر واحد.. هل سيؤخذ هذا أيضا في الحسبان؟ وهل هناك شفافية في تحديد الأجور التي يتقاضاها الفرد الواحد من عدة وظائف وأعمال وبخاصة أن هناك من يجمع بين أكثر من عمل حكومي وأكثر من راتب؟ -ربط الدخول بالأسعار مفهوم ومقبول، وربط الأجور بالجودة ينبغي أن يكون مفهوما وواضحا أيضا.. هل يطالب العمال والعاملون بأن يتم رفع الحد الأدني للأجور لأن الأسعار لا تتماشي معها؟ أم لأن قدر العمل والمهارة والمجهود والمؤهلات التي يتطلبها لا تتناسب مع الأجر أو الراتب المقابل لهذا العمل؟ وهل تتنازع الحكومة وجهات العمل مع العاملين حول رفع الأجور لأن جهات العمل ليست مسئولة عن إعاشة هؤلاء ولكن مسئوليتها تقع في نطاق تقدير جودة الإنتاج سلعا كانت أو خدمات بما يقابلها من عائد مادي؟ أم تتنازع جهات العمل لتخفيض الأجور دون إتاحة فرصة التميز وإظهار المهارة وإيجاد ظروف عمل مناسبة لتقدير العاملين بطريقة منصفة وبالتالي تقدير أجرهم بما يتفق مع مستواهم الحرفي والمهني؟ في ظل تداخل الظروف الاجتماعية مع الاقتصادية، ولا ننسي الظروف السياسية أيضا، ينبغي دراسة مسألة الأجور بشكل أكثر شمولية وبنظرة أكثر موضوعية وحيادية ولا تخلو من توفير بعض المساندة الإنسانية للوصول إلي تصور منصف حول هذا الأمر.