نحات متنوع الأفكار كانت بدايته الحقيقية في سمبوزيوم أسوان الدولي الذي يعتبره مدرسة، ومنه انطلقت أعماله إلي الخارج مشاركا في العديد من السمبوزيومات الدولية، هو النحات عمر طوسون الذي شارك مؤخرا في سمبوزيوم دولي للرخام بمدينة أدنا - جنوب شرق تركيا - مع تسعة فنانين عالميين، كان هو المصري الوحيد بينهم.. وعن مشاركته الفنية وغيرها من القضايا التشكيلية كان لنا معه في "روزاليوسف" هذا الحوار. حدثنا عن تجربتك الأخيرة في السمبوزيوم الذي شاركت به في تركيا؟ - سافرت إلي السمبوزيوم بدعوة شخصية من اللجنة المنظمة له، وذلك بعد مشاركتي منذ حوالي ثلاثة أشهر في سمبوزيوم "الثقافة والفنون (بيوكتشاكمجا) في اسطنبول، والذي أنجزت فيه عملا كبيرا من المعدن ووضعته اللجنة في ميدان كبير في نفس البلدة، أما هذا السمبوزيوم فقد قدمت فيه تمثالا بحجم 3.5 متر من الرخام الأبيض، وكنت أنا الفنان العربي الوحيد الذي شارك فيه. ما فكرة العمل الذي قدمته؟ - قدمت منحوتة ذات شكل مجرد مستوحي من منتصف ثقب الباب، يتخلله مجموعة من العلاقات الخطية والأجساد المجردة التي تمر من داخل الثقب بشكل رأسي وأفقي، كما قمت بعمل تنوع في الملامس بين الخشنة والمسطحات الناعمة، وتضمن العمل أشكالاً اسطوانية نهايتها مصقولة بشكل شديد، كما أن القاعدة جزء من التمثال تمتد إلي باطن الأرض مما تزيد من صلابته، ووضع نتاج أعمال السمبوزيوم في أكبر حديقة عامة في مدينة "أدنا". كيف بدأت مشوارك الفني؟ - حينما كنت أدرس في كلية التربية النوعية بالإسكندرية، درست التصوير في مراسم أتيليه الإسكندرية، وهي جمعية الفنانين والكتاب الأم، الذي أقيم بعدها أتيليه القاهرة، بعد ذلك اكتشفت الحديد كخامة في ورشة بالكلية؛ حيث تعلمت النحت بنفسي، وفي العام الأخير من الكلية كانت تجربتي الأولي مع الرخام، وكنت أعمل دون وعي وفهم لهذه الخامة؛ ولذلك ركزت في استخدامي لخامة المعادن لأكثر من 12 عاما، إلي أن أتيحت لي فرصة المشاركة في ورشة عمل للأحجار لأنني كنت احتاج معرفة أدواته، ومنذ ذلك الوقت بدأت المشاركة بأعمال من الحجر، وكانت البداية في سمبوزيوم أسوان الدولي الذي يعد كالمدرسة، ومنه انطلقت علي المستوي العالمي. وهل أثرت نشأتك في الإسكندرية علي إبداعاتك؟ - البيئة تفرض نفسها علي الفنان بالطبع، فعلي مستوي التصوير سنجد أن القاهرة ممتلئة بالغبار والدخان ولذلك انعكست علي أعمال فنانيها القاتمة، أما أغلب مصوري الإسكندرية فنجد ألوانهم ناصعة، لكن عن أعمالي فهي تحمل تأثرا غربيا إلي حد ما، وأنا لا أستطيع أن أقول أنني فنان غربي، لكن بيئة الإسكندرية في حد ذاتها تتمتع بالخليط بين المصري والغربي. كيف تشارك في عدد كبير من السمبوزيومات الدولية في فترات متقاربة؟ - المشاركة في السمبوزيومات في الخارج حاليا أسهل كثيرا من السابق؛ حيث يوجد وسائل اتصال حديثة من خلال الإنترنت تجعل الفنان يطلع علي الأحداث الفنية القادمة، وأصبح من السهل جدا المشاركة في جمعيات فنية دولية دون أن يسافر الفنان لهذه البلدان، ومن ثم ترسل هذه الجمعيات خطابات للأعضاء بأنشطتها للتقدم فيها. لماذا لم نر أعمالك في أنشطة وزارة الثقافة؟ - كنت أشارك في أنشطة الوزارة منذ نعومة أظافري حتي سنوات قريبة، لكنني انتقد أنشطة وزارة الثقافة في أن أغلبها تعتمد علي «البروباجندا»، كما ينتشر الفساد فيها بشكل مباشر وغير مباشر علي كل أشكاله، سواء في اختيار الفنانين وخلافه أو حتي في طريقة العرض وأماكنه "ففلان يأخذ مكانا مميزًا لأنه يساوي أيه"، وهذا لا يحدث في أي بلد سوي مصر، أما عن ترشيحات الوزارة فاعتبرها فسادا علنيا تعتمد علي المحسوبيات والصداقات، وللأسف مهما تتغير اللجان التي تختار الفنانين يحدث نفس الفساد، فالجديد يرشح مجموعة أصحاب آخرين. ما هي أكبر الأزمات التي تعرضت لها خلال مشوارك الفني؟ - تعرضت للكثير، وفي كل مرة أخرج منها لأكون أقوي، وآخر الأزمات كانت مشاركتي في مسابقة لبينالي النحت الدولي في الأرجنتين هذا العام، وتم تصفية المشاركين وكانوا أكثر من 150 نحاتا من العالم إلي ثمانية، وكنت أمثل مصر فيها، وأرسلت لوزارة الثقافة كي يتحملوا فقط تذاكر السفر لا غير، وبعد ثلاثة أسابيع جاءني الرد أنهم يفضلون الفرق الشعبية وأنشطة الوزارة، كما لو كان التمثيل لمصر في بينالي دول للنحت ليست من أنشطة الوزارة ولم أذهب للبينالي بسبب هذا التعقيد، في الوقت الذي أري فيه طوال الوقت ترشيحات لأعمال سيئة جدا تمثل مصر في أكبر المحافل الدولية، وللأسف تقوم بعمل إعلان سيئ عن الحركة الثقافية المصرية، وفي إحدي المناسبات الدولية قابلت ناقدا من هولندا وحدثني أن مصر بها حركة تشكيلية قوية جدا بحسب معلوماته عن جاليري خاص في مصر، وهذا يعني أن وزارة الثقافة المصرية ليست موجودة وتلك فضيحة. كيف تري الساحة التشكيلية المصرية حاليا؟ وما موقع مصر في رأيك من دول العالم؟ - مصر ليست موجودة علي المستوي الدولي، لكن داخليا مصر عندها فنانون علي أعلي مستوي في كل المجالات بشكل مشرف، لكن الخارج لا يعرف ذلك؛ لأن الفساد يظهر الصورة القبيحة لمصر وليست الجيدة، وأداء وزارة الثقافة يساوي صفر، وعلي مستوي الفن التشكيلي صفرين، باستثناء بعض القيادات الناجحة والموهوبة فنيا وإداريا. ما هي أكبر المعوقات التي تواجه الفنانين الشباب وبخاصة في مجال النحت؟ - أماكن العمل، والتشجيع في العرض والاقتناء؛ فكل خامات النحت مكلفة، فإن لم يجد النحات الجهة التي تدعمه في العرض واقتناء أعماله فسيبتعد عن الفن.