لا خلاف حول تجاوزات القنوات الفضائية التي تصل إلي حد ارتكاب جرائم تثير الفتنة الطائفية، وأخري تخدش الحياء العام، إضافة إلي انتحال صفة إعلامي بعد أن حولت تلك الفضائيات المهنة إلي "مهنة من لا مهنة له"، وأصبحنا نجد من يحصل علي الترخيص يبيع مساحات زمنية لمن يدفع دون النظر إلي ما سيقدمه من مادة للرأي العام ومستواه الثقافي، فأصبح لدينا عشوائيات فضائية باسم الحرية، تجارة أكثر فتكاً بالعقول من المخدرات. والسؤال هل توجد دولة في العالم بها فضائيات، تتربح من الأموال التي يدفعها الضيف مقابل الظهور علي شاشاتها؟ هل توجد دولة في العالم الحر المتقدم، تنشأ فيها برامج علي فضائيات يقوم علي إعدادها وتقديمها مرتزقة ،هدفهم الرئيسي البحث عن مرشحين وسياسيين مغمورين لإظهارهم علي شاشاتها مقابل ما يدفعونه للقائمين علي البرنامج من أموال؟ لا اعتقد وجود ذلك سوي في مصر في العالم المتقدم الإعلام له هدف ورسالة أياً كان توجهه يستضيف رموز الفكر والسياسة وأطراف المشكلات، يدفع للمفكرين نظير ما يستقطعونه من أوقاتهم وما يقدمونه لمشاهدي القناة من خبراتهم، ولا يتقاضي أموالاً من ضيوف باحثين عن شهرة وتزييف للحقائق، نعم هذا موجود في مصر دون أن ننفي وجود إعلام حقيقي محترم. ربما قال البعض لكن الفضائيات الدينية ليست كذلك، لكنها لها هي الأخري سوأتها وخطورتها، من حيث التطرف وافتقاد مقدمي برامجها للعلم الذي يؤهلهم للفتوي. في نقابة الصحفيين مساء الاثنين الماضي قال د. صفوت حجازي إن الإعلاميين الذين ينتقدون الفضائيات الدينية لا يعرفون كيف يتوضأون، حسناً يا شيخ الإعلاميين ليسوا فقهاء ولم يدع احدهم أهليته للفتوي لكن منهم من يعرف عن دينه وحقيقته ما يجعله محصنًا ضد محاولات ابتزاز المتاجرين باسم الدين. رغم تلك التجاوزات علي مدار سنوات فإن توقيت الإغلاق خاطئ لتزامنه مع الانتخابات، مما جعل القائمين علي تلك القنوات يتذرعون بأن الدولة تسعي لتكميم الأفواه، والأجدر بالحكومة أن تضع ضوابط يكون من شأنها محاسبة المتجاوز كفرد وليس قناة، فلا تغلق القناة ولكن المخطئ علي شاشاتها، بعد محاكمته أمام القضاء.، ومنح المضارين الحق في إقامة دعاوي تعويض تتحملها القناة علي أن يكون التعويض المالي رادعاً ، وعندها ستكون إدارات القنوات شديدة الحرص علي تحمل المسئولية وفرض رقابة ذاتية. وقبل ذلك يجب وضع قانون يقصر تقديم البرامج علي الإعلامي المتخصص، الحاصل علي مؤهل أكاديمي في الإعلام، سواء كانت قناة دينية، أو رياضية أو غير ذلك، بينما يقتصر دور الرياضي أو رجل الدين علي أن يكون ضيفاً يجيب عن التساؤلات، ويحاوره إعلامي متخصص، وهذا يتطلب تعديلاً تشريعيا لضمان المهنية فهذا ليس حجرا علي حرية الرأي، فإذا كان من حق أي إنسان أن يعبر عن رأيه فمن حق المجتمع وكل مواطن مضار من نشر أو بث إذاعي أو تليفزيوني اللجوء للقضاء، وهنا لابد من تشريع يحمي حق الفرد والمجتمع ويكفل الحقوق والواجبات.