الأطباء قالوا إن مهنة الطب تواجه كارثة بعدما تلوث الروب الأبيض وغابت إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة التي تمنح التراخيص لممارسة هذه المهنة، وأصبحت تنتظر البلاغات من المواطنين والضحايا، حتي تتحرك وتكشف عن الأطباء المزيفين. ففي منطقة الساحل بمحافظة القاهرة أكدت تحقيقات نيابة الساحل أن مسجل خطر يدعي سيد نصر انتحل صفة طبيب ومارس العمل لمدة 6 سنوات ووجهت النيابة له تهمة انتحال صفة طبيب والتدخل في وظيفة عامة والتزوير وأمرت بحبسه 4 أيام علي ذمة التحقيق وفجرت التحقيقات مفاجأة أن المتهم كان يدرس في كلية الطب وفشل في السنة الأولي وقرر فيما بعد ممارسة المهنة وعندما وصل سنه إلي الخمسين قرر أن يروج لنفسه بأنه استشاري ومدير مستشفي ليشعر بأنه ترقي في منصبه. واعترف المتهم بأنه كان طالباً في كلية الطب وتم فصله نهائياً بسبب تجاوز المدة المسموحة للغياب وفشل في إقناع عميد الكلية بإعادته مرة ثانية وأنه يعشق مهنة الطب منذ طفولته وقرر ألا يترك حلم طفولته يضيع من يديه وقرأ في بعض الكتب الطبية حتي يثقف نفسه واعترف بأنه انتحل صفة مدير مستشفي للأمن المركزي ومدير مستشفي الساحل حتي يرضي نفسه بعد أن وصل عمره إلي الخمسين دون أن يحقق نجاحاً كان يتمناه وحتي يشعر بأنه وصل إلي منصب علمي.. وأضاف المتهم أن كثيراً من المرضي تم شفاؤهم بعد توقيع الكشف الطبي عليهم. وحتي الآن مازال الرأي العام يتذكر مدير مستشفي العجوزة الشهير الذي ظل يمارس المهنة لعدة سنوات وطبيب بولاق الدكرور راسب الإعدادية تخصص نساء وتوليد وهذه الممارسات الخاطئة والخطيرة تكشف ثقوباً في لوائح وقوانين ومتابعات إدارة العلاج الحر بالصحة التي لم تتوصل إلي هؤلاء الجناة إلا عن طريق الصدفة خاصة أن ممارسة مهنة الطب بدون ترخيص جريمة عمدية عقوبتها السجن حتي لو ترتب عليها شفاء المريض. دفتر أحوال انتحال صفة طبيب يكشف النقاب عن قضية جديدة من قضايا الدجل المرتبطة بالطب حيث ألقت المباحث القبض علي أحد الأشخاص راسب إعدادية يزاول مهنة الطب والصيدلة ويدير مصنعاً لتجميع الأدوية والمنشطات الجنسية ويبيعها في الأسواق وتم ضبط 27 ألف عبوة وقرص وعينات مجانية غير مصرح بتداولها في الأسواق اعترف المتهم بحيازتها بغرض الاتجار وأمرت النيابة بحبسه أربعة أيام علي ذمة التحقيق. ويقول د. ابراهيم ابو العنين مدير مستشفي بولاق سابقا عن شروط تسجيل المستشفي الخاص لدي إدارة العلاج الحر، فبعد الحصول علي ترخيص النقابة وهي صورة عقد الإيجار أو صورة عقد التميلك مثبت التاريخ بالشهر العقاري وإيصال كهرباء أو فاتورة التليفون وصورة كارنيهات النقابة لجميع الأطباء العاملين وصورة إيصال اشتراك النقابة للسنة المنتهية وصورة كارنيهات أو تراخيص هيئة التمريض بالإضافة إلي عقد عمل لكل ممرضة وصورة شهادة الإخصائي للأطباء الإخصائيين وعقد الاتفاق بين الأطباء والمدير الفني والصادر عن النقابة ورسم التسجيل 70 جنيهاً لكل سرير حتي خمسين سريراً وأكثر من خمسين سريراً يسدد الرسم 100 جنيه لكل سرير بالإضافة إلي 50 جنيهاً رسم معاينة ويسدد رسم واحد في الألف من رأس المال لجهاز الدمغة باتحاد المهن الطبية. ويجب أن يكون إثبات الملكية مدرجاً به كلمة مستشفي ويراعي فيه أن يكتب طالب التسجيل إقراراً علي صورة العقد بأنه سليم مع إحضار الأصل للاطلاع وفي حالة تقديم عقد تمليك يوثق بالشهر العقاري أو يرفق به عقد شركة الكهرباء ويكتب إقرار علي العقد بأنه سليم ويراعي أن يكون المستشفي مجهراً تماماً واللافتة موضوعة قبل إجراء المعاينة ويراعي تطابق العيادات الخارجية المجهزة بالمستشفي مع العيادات المدونة علي اللافتة مع أوراق الإخصائيين المتقدم بها للتسجيل ولا يقل عدد الأسرة عن ستة أسرة بالمستشفي وألا تقل مساحة حجرة العمليات عن 20 متراً مربعاً ومساحة كل سرير بالمستشفي لا تقل عن ثمانية أمتار وترفق أوراق استشاري تخدير مع الأوراق المطلوبة وصورة ترخيص أو كارنيه ممرضة لكل خمس أسرة وعقد اتفاق وترفق شهادة الاخصائي أو الاستشاري الصادرة عن النقابة لاثبات التخصص الطبي ويتم تقديم صورة من هذه الأوراق لإدراج العلاج الحر للترخيص بعد تسلم شهادة تسجيل النقابة. ويشير د. لطفي الساعي أستاذ الأمراض الجلدية والتناسلية والعقم بطب الأزهر إلي أن الاستهانة بالقوانين واللوائح المنظمة لمزاولة مهنة الطب وعدم تفعيل أجهزة الرقابة الصحية والتفتيش علي المنشطات الطبية إلا علي فترات متباعدة قد يغري ضعاف من أدعياء الطب والفاشلين في ممارسة مهنة لها قدسيتها بقصد الثراء السريع والتربح علي حساب المرضي دون أن يدرك من يمارسون هذه الوظيفة بالتزوير انه يرتكبون جريمة عمدية قد تودي بحياة المريض لأن ممارسة المهنة بدون ترخيص أو الحصول علي موافقة نقابة الأطباء أو إدارة العلاج الحر بالوزارة أو مديريات الصحة يسقط جميع الخطوط الدفاعية لتحصين وتأمين المرضي من مزاولة أشخاص لهذه المهنة الذين لا يمتون لها بصلة من قريب أو بعيد وهذا يكشف تقاعس الأجهزة التي فشلت في ضبط المجرم منذ وقت بعيد خاصة أنه ظل يمارس المهنة لمدة 6 سنوات دون أن يكتشفه أحد طوال هذه المدة والطب مهنة لها مضاعفات في العلاج حتي لو مارسها المتخصصون الذين يحصلون علي تراخيص بمزاولة المهنة وهنا عرف متعارف عليه في جميع دول العالم غير أن الكارثة تكون أعظم عندما يعالج المرضي مجرمون لا يعرفون شيئًا عن مهنة الطب سوي معلومات بسيطة غير كافية لا تؤهلهم لممارسة هذه المهنة. ويري سيد أبو عبلة المحامي أن المتهم ارتكب بإقدامه علي ممارسة مهنة الطب بدون وجه حق جرائم انتحال صفة والتزوير والتدخل في وظيفة عامة من شأنها أن تسبب ضرراً للغير فقد مارس التزوير وهو تغيير للحقيقة بقصد الغش في محرر بإحدي الطرق التي بينها القانون فكونه يمارس الطب دون الحصول علي شهادة بذلك وقدم إلي الجهات المنوط بها إصدار التراخيص شهادة مزورة فإن من شأن ذلك أن يسبب ضرراً للغير غير أنه إذا كان التغيير حقيقة ضرورية ليحقق معاني التزوير إلا أنه لا يلزم أن تكون كل بيانات المحررة مغايرة للحقيقة فيكفي لقيام الجريمة أن تكون أحد هذه البيانات أو بعضها مكذوباً ولو كان البعض الآخر صحيحاً. ويضيف: إن المشرع نص علي جرائم التزوير في المحررات من المواد 211 إلي المواد 227 الواردة في الباب السادس عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات وترجع علة العقاب علي التزوير إلي ضرورة كفالة الثقة في المحررات باعتبارها وسيلة لا غني عنها لإثبات الحقوق والمراكز القانونية منعاً لكل نزاع مستقبل بشأنها ولذلك ينبغي أن تكون البيانات التي يتضمنها المحرر عنواناً للحقيقة وإلا فقد الأفراد ثقتهم في المحرران وأحجموا عن الاعتماد عليها في معاملاتهم وكانت النتيجة الحتمية لذلك هو اضطراب المعاملات كما أن المادة 207 عقوبات المعدلة بالقانون 210 لسنة 1962 نصت علي أنه يعاقب بالحبس كل من حصل بغير حق علي أختام أو دمغات أو علامات حقيقية لإحدي المصالح الحكومية أو إحدي جهات الإدارة العمومية واستعمالها استعمالاً ضاراً في مصلحة عامة أو خاصة كما أن المشرع لن يعاقب فقط علي استعمال هذه الأختام والدمغات والعلامات الحكومية المقلدة أو المزورة وإنما فرض العقاب كذلك علي استعمال الأختام والدمغات والعلامات الصحية مما ترتب علي هذا الاستعمال ضرر بمصلحة عامة أو خاصة. ويؤكد محمد جابر المحامي بالنقض أنه يشترط لممارسة أعمال الطب وفقاً لما نصت عليه المادة 60 من قانون العقوبات أن يكون مرتكب الفعل مرخصاً له قانوناً بمزاولة مهنة الطب وبصدور هذا الترخيص يكون هناك تطبيق للقوانين المنظمة لتلك المهنة فإذا لم تكن هناك ترخيص بمزاولة المهنة فإن جميع الأفعال المرتكبة تعتبر غير مشروعة ويعاقب عليها قانوناً حتي لو ترتب عليها الشفاء الفعلي للمريض وتكون المسئولية عنها عمدية أو متجاوزة القصد بحسب الأحوال خاصة أن الترخيص القانوني ضرورة للإباحة والجراحة مادام لم يكن مرخصاً له بمزاولة مهنة الطب. ويضيف: القانون لا يسمح لغير الأطباء بمزاولة بعض الأعمال المتعلقة بالطب بالنسبة للحكيمات والممرضين ذلك لأن الأعمال الطبية تشمل جميع حالات التدخل الطبي لتحسين الحالة الصحية للمريض أو عضو من أعضائه فهي تشمل أعمال الجراحة وعمليات التجميل وحيازة المواد المخدرة التي يتطلبها العلاج أو التدخل الجراحي وبالتالي فإن ممارسة المتهم غير الحاصل علي بكالوريوس طب الجراحة أعمال تدخل في وظيفة من الوظائف العمومية تعاقب عليها المادة 2006 المعدلة بالقانون 35 لسنة 2003 بالسجن المشدد الذي يبدأ من ثلاث سنوات حتي خمسة عشر عاماً وهي مسألة تقديرية للقاضي حسب جسامة الجريمة ونوع الضرر الذي ألحق بالغير. أما عن دور إدارة العلاج الحر في مواجهة الأطباء المزيفين الذي ينتحلون صفة الطب لعلاج المرضي فيقول د.أحمد عادل رئيس القطاع الطبي بمديرية الصحة بالقاهرة إن ممارسة هذا المتهم الطب لفترة 6 سنوات تكشف عن تقاعس مسئول إدارة العلاج الحر في المنطقة التي مارس فيها المتهم المهنة لكونه مسئولاً عن تأمين صحة المواطنين في النطاق الذي يقع في إطار إشرافه خاصة أن مهنة الطب لها خطورتها والإقبال علي ممارستها دون ترخيص فيه مخاطر كبيرة غير أن كل مهنة لها تجاوزاتها ويظهر لها أدعياء فهناك ضباط شرطة مزيفون وهناك من ينتحلون صفة النيابة غير أن وجود مثل هذه التجاوزات في المهن الأخري ليس مبرراً لأن يكون شماعة نعلق عليها أخطاءنا ولذا بدأنا تدعيم العلاج الحر لتمشيط الشارع الطبي وما به من منشآت طبية خاصة أو حكومية ومستوصفات علاجية وعيادات للحد من أي تجاوزات في مهنة الطب التي لها قدسية خاصة أن لها بريقاً يدفع الأدعاء إلي اقتحامها لما لها من مردود اجتماعي ومادي لكي لا يكون ذلك مقبولاً بدون تراخيص. تأتي كل هذه القضايا في الوقت الذي رفضت في ه وزارة الصحة إطلاق اسم طبيب علي خريجي العلاج الطبيعي، وحكمت محكمة القضاء الإداري لصالح وزارة الصحة.