بقدر ما يهمنا وجود أعمال رواد الفن التشكيلي المصري في المزادات العالمية ، يتنافس عليها هواة الاقتناء، بقدر مايشغلنا كيف وصلت كل هذه الأعمال الي الخارج ، وأين نحن كمصريين مسئولين بشكل مباشر أو غير مباشر عن هذا التراث التشكيلي. وقد عرضت دار بونهامز في إمارة دبي بالإمارات العربية في مزاد منذ أسبوع لأعمال الفن المعاصر في منطقة الشرق الأوسط 7 لوحات لعدد من رواد الفن التشكيلي في مصر منهم الفنان حامد ندا وتحية حليم وسيف والأخوين سيف وأدهم وانلي وسامي رافع وعادل السيوي. وجاءت نتيجة المزاد مخيبة للآمال بالنسبة للفن المصري اذ لم يبع أي من تلك اللوحات، وحول تلك الأعمال كان ل"روز اليوسف" حوار مع بعض الموثقين لأعمال الرواد، فهم خير شهود اثبات علي أصالة العمل او عدم أصالته . أبدي الفنان صبري منصور- استاذ التصوير بكلية الفنون الجميلة ، ومقرر لجنة الفنون التشكيلية بالمجلس الأعلي للثقافة واحد موثقي اعمال الفنان حامد ندا انزعاجه قائلاً" اصابني الحزن لما رأيته في المزاد الحالي من اعمال كبار مبدعينا وأري ان لوحة المبدع ادهم وانلي أصلية؛ فهي تعكس أسلوبه الفني ومهارته في الأداء والتصميم ولمسات فرشاته القوية وألوانه الغنية، أما لوحة الفنان سيف وانلي" راقصا باليه إسبانيان" فهناك دلائل كثيرة تؤكد انها غير أصلية؛ فالرسم ضعيف وبه أخطاء قاتلة كما أن الألوان فجة وصريحة والتكوين ضعيف للغاية وكذلك الانتقالات من الظل والضوء لا تنتمي الي أسلوب سيف وائلي . ويكمل منصور" اما اللوحة المنسوبة للفنان حامد ندا باسم" انجذابه إليها"، فاعتقد أنها لاتمت له بصلة، بل أري أن فيها إساءة لفنه الرائع، وقد اعتمد من قام بتنفيذ هذا العمل علي لوحة ندا الشهيرة" حسن ونعيمة" التي رسمها عام 1969ولكنه قام بتبديل وضع الأشخاص والاستفادة من عناصر ندا الفنية ووزعها في خلفية الشكل، والعين المدققة والخبيرة سرعان ما تدرك مدي" ركاكة" تحوير الأجسام وتحليلها وحركة الفرشاة الساذجة، والانتقالات اللونية التي لا تعكس رهافة في الحس، كل ذلك يدعوني الي الجزم بأن حامد ندا ليس صاحب اللوحة" ويبدي منصور تعجبه الشديد من الطريقة التي تم بها قبول لوحتين مقلدتين بسذاجة مكشوفة للعرض في مؤسسة ذات صبغة دولية وذات مصداقية عالية، مفترضاً أن هذا معناه انها لم تكن المرة الأولي وربما تكون هناك اعمال اخري بيعت من قبل في مزادات سابقة تم تقليدها مما يؤكد انه لا توجد هيئة او لجنة للتثبت من أصالة اعمال الفنانين المصريين. وبالنسبة للوحتي الفنانة تحية حليم المعروضتين في المزاد وهما" ثلاث فتيات" و" فتاتان" فيري الفنان التشكيلي عصمت دواستاشي أن قيمتهما الفنية متواضعة جدا وربما لا تحملان قيمة تذكر لانهما تمثل المراحل الاولي للفنانة تحية حليم ، مشيراً إلي إلي أن الفنانة لها اعمال أخري أعلي بكثير في القيمة الفنية ومن ثم ترتفع القيمة المادية لاعمالها ، وتوقع ألا تباع اللوحات في المزاد- وهو ما تحقق بالفعل في نتائج المزاد. ويضيف داوستاشي أن لوحة الفنان كامل مصطفي" مشهد من شارع قاهري" تمكن معظم تلاميذ الفنان من نسخها بنفس التقنية اللونية، مؤكداً أن اللوحات الثلاث تقليدية جدا وليست إضافة للمزاد . ويطرح داوستاشي علي المسئولين عن صالات المزادات عدة علامات استفهام عن الاستيراتيجية المتبعة في اختيار الأعمال وكيفية التأكد من أصالتها، مشيراً إلي أنه ليس هناك اي تعامل من مسئولي تلك المؤسسات مع الموثقين في مصر وطرح الأعمال علي القنوات الرسمية في الدولة صاحبة الأعمال لتوثيقها. ويدعو أيضاً لاشتراط وجود شهادة توثيق عن أن اللوحة أصلية قبل عرضها للبيع حفاظا علي قيمة الفنان ومنعاً لتزوير الاعمال حتي لو كانت مقتنيات خاصة، وان تكون الأعمال مختومة من قبل وزارة الثقافة. كما انه من المفترض ان يتوجه الفنان المصري الذي يعتزم الخروج بلوحاته للعرض في اي دولة أخري ، إلي قطاع الفنون التشكيلية وهو الجهة الرسمية المعنية لختم كل اللوحات من الخلف، كما يدفع رسومًا وضرائب في منافذ خروجها سواء كانت مطارات أو موانئ، ولابد من وجود نظم وقوانين نحمي بها أعمال رودانا، وتنسق بين صالات المزادات العالمية والجهات الثقافية في مصر.. وبدون هذه الإجراءات بعد الأمر تهريبًا للتراث الفني، حتي لو بيعت اللوحات في الخارج بأعلي سعر.