حالة من الركود يشهدها سوق الفن التشكيلي في مصر منذ سنوات طويلة و يظهر ذلك جلياً من خلال انعدام اقامة المزادات التي بدورها تنعش وتزيد من رواج الاعمال الفنية سواء لكبار الفنانين التشكيليين أو الشباب ايضاً ، رغم انه في الآونة الاخيرة التفت المستثمرون العرب خاصة بدول الخليج الي الاستثمار في الاعمال الفنية المعاصرة لنتعرف علي الاسباب وراء ذلك تواصلنا مع عدد من الفنانين. في البداية يوضح الفنان التشكيلي د.محمد عبلة انه لا يوجد سوق للفن التشكيلي في مصر ويرجع ذلك لان المقبلين علي اقتناء الاعمال الفنية هم من الهواة فلا توجد حركة بيع و شراء من قبل اشخاص او مؤسسات تجارية ،مثلما يحدث في دول الخليج التي تتمتع بالاعفاءات الضريبية والجمركية لتساهم في الاعمال الفنية. كما يضيف ان ما يزيد المسألة تعقيداً سيطرة الحكومة علي اقامة معارض الفن التشكيلي لانها تمتلك اكبر قاعات العرض اما القاعات الخاصة فهي تقوم علي استحياء بتسويق الفن التشكيلي لكن بشكل غير احترافي فاغلبها لا يعرض اسعار اللوحات وحتي عند البيع تتجنب الاعلان عن ذلك خوفاً من الضرائب. و يشير د.محمد الي ان المنفذ الوحيد للفنانين المصريين لدخول عالم المزادات يكون عن طريق التعاون مع شركات المزادات العالمية مثل "كريستي " و " "سوثبي" و قاعات العرض المصرية للاتفاق علي عرض بعض الاعمال المميزة و الصالحة للبيع ، فالامر لا يتعدي المكسب المادي و لا يمثل قيمة فنية تضيف للفنان. و في نفس السياق عبر عن تلك الازمة الفنان التشكيلي طه القرني، الذي دخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية بجداريته التشكيلية الأكبر مساحة علي مستوي العالم، وهي لوحة "سوق الجمعة، مؤكداً في مطلع حديثه انه لا توجد مؤسسة ترعي الفنان من مختلف الجوانب بدءاً من الورشة الانتاجية لتصل فيما بعد لتسويق اعماله الفنية و عرضها بالمزادات لاسيما ان الفنان لايجيد تسويق ذاته . فجوة.. و قد ارجع عدم الاقبال علي المزادات الفنية الي الفجوة بين الجمهور والفنان التشكيلي علاوة علي عدم وجود تسجيل حقيقي و موثق لكل الاعمال الفنية القيمة فهناك العديد من السرقات للوحات الاصلية او تزويرها. في محاولة للبحث عن حل لتلك الازمة يشير القرني الي اهمية تحويل النقابة الي وحدة منتجة و انشاء جهة لتوثيق اعمال الفنانين التشكيليين لنعيد الثقة في الاعمال المصرية بالاضافة الي هيئة تهتم بشأن حقوق الملكية الفكرية حتي نضمن عدم تكرار الاعمال و من ثم نتمكن من عرضها بالمزادات سواء داخل مصر او بالخارج فما يعرض بالمزاد يعد ملكية خاصة . و يشدد الفنان طه علي ضرورة اظهار اعمال فنية ذات جودة عالية وهوية مصرية حتي نستطيع الوصول الي منافسة حقيقية مع الغرب ، اما بالنسبة لاقامة صالات مزادات عالمية فيجب أن تنشأ علاقات مع الجهات الدولية المتخصصة ويعد ذلك في اطار مسئولية نقابة الفنانين التشكيليين و رجال الاعمال المصريين الذين يجب عليهم المساهمة في انعاش حركة الفن في مصر.. و انتقلنا بالحديث الي فؤاد صديق صاحب إحدي صالات المزادات للتحف واللوحات الفنية الذي اشار الي ان اتجاهات رواد المزادات بعيدة عن الفن التشكيلي الذي تهتم به فئة محدودة تبحث عن الاعمال الفنية المميزة والنادرة وتفهم قيمة اللوحة لاسيما ان اسعارها مرتفعة تتراوح ما بين 15 الفاً وتصل احياناً الي 100 الف جنيه ، بالاضافة الي ان تقليد الاعمال الاصلية من الدخلاء علي المهنة افسد سوق الفن مما ساهم في احجام البعض عن شراء التابلوهات الفنية.. كما أوضح فؤاد ان اللوحات والتابلوهات التي تشارك في المزادات المصرية عادة ما تكون للفنانين الغربيين وهي نادرة للغاية اما الأكثر انتشاراً هي تلك التي تتبع مدارس فنية لأكبر الفنانين في العالم مثل بيكاسو ، بينما الأعمال الفنية المعاصرة للتشكيليين فالسوق الخاص بها يكون عن طريق الفنانين انفسهم وقاعات العرض وهناك ايضاً اهتمام بهم من قبل المزادات العالمية التي تستعين بأعمال فنية لمصريين من بينهم محمود سعيد ومحمود مختار.