بدأت الحكومة تحركات واسعة لاستعادة أرض الشركة المصرية لتجارة السلع الغذائية بالشرابية والمعروفة بأرض الشركة من ورثة كفوري، بعد الحكم في أول درجة بأحقية «كفوري» بالأرض من خلال تقديم مستندات غير صحيحة تؤكد بيع الأرض لكفوري.. مما يشكل انتصاراً لمافيا الاستيلاء علي أرض الدولة، ففي مجلس الوزراء أكدت مصادر مطلعة أنه تم إصدار تعليمات واضحة لمحافظة القاهرة باتخاذ الإجراءات القانونية الكاملة لاستعادة الأرض بكل الوسائل الممكنة. ولمحت المصادر إلي إمكانية نزع ملكية الأرض مرة أخري لصالح الدولة وفقاً لقانون المنفعة العامة نظراً لأهمية الموقع بالنسبة لاستخدامات الدولة وحتي يكون هذا الأمر رادعاً لكل من تسول له نفسه الاستيلاء علي أراضي الدولة وبما يعمل علي حماية هذه الأراضي ممن يحاولون الاستيلاء علي أراضي الدولة بواسطة عقود البيع والشراء المزورة. وفي رد فعل لما نشرته روزاليوسف عن حصول ورثة كفوري علي حكم بالاستيلاء علي أرض الشركة المصرية لتجارة السلع الغذائية بالشرابية والمعروفة بأرض الشركة، أوفد محافظ القاهرة د. عبد العظيم وزير لجنة من إدارة الأملاك بالمحافظة والأملاك بحي الشرابية بهدف البحث في جميع المستندات الدالة علي تاريخ الأرض وأصل ملكيتها، وصولاً إلي المالك الأصلي للشركة لاتخاذ الإجراءات القانونية حيال تأكيد مصادر ذات صلة بالقضية بوجود شبهة بالمستندات التي حصل بموجبها ورثة كفوري علي حكم بالاستيلاء علي الأرض بما عليها من منشآت مخصصة للمخزون الاستراتيجي للسلع الرئيسية لمحافظة القاهرة. وعلمت «روزاليوسف» أن محافظ القاهرة أرسل لرئيس مجلس إدارة الشركة يطالبه بكل الأوراق الخاصة بالأرض دون إبداء آراء أو عروض لتوضيح الموقف. يأتي ذلك متزامناً مع فرحة عارمة من جانب المواطنين في الشرابية لتحركات المحافظة لاستعادة الأرض. ويقدر خبراء العقارات قيمة هذه الأرض بنحو 12 مليار جنيه. تعود القصة إلي أن نزاعاً قضائياً دار علي قطعة أرض تقع داخل حدود حي الشرابية بشمال القاهرة كواحدة من الأراضي التي يظهر لها ملاك فجأة ويحصلون علي أحكام قضائية بتمكينهم من الأرض وسلبها من الحكومة بعد عشرات السنين من ملكيتها لها بموجب القوانين، ثم يقوم مدعو الملكية والحاصلون علي حكم بإخلاء الأرض وتسليمها لهم ببيعها واستلام كامل ثمنها والإقرار بتسليم أوراق ملكيتها، ثم يفاجأ مشتٍر آخر بصدور حكم باستعادة الأرض والتنفيذ رغم بيعها له. تبدأ ملابسات القضية بحصول ورثة روبير فيليب كفوري علي حكم قضائي بتمكينهم من دخولها في حيازتهم بما عليها نقلاً من ملكية الشركة المصرية لتجارة السلع الغذائية بالجملة، وجاء قرار الاستيلاء لتحمل الشركة مصروفات لإعداد تلك الأرضية لاستخدامه كجراج، وإقامة محطتي تشحيم ومضختي إمداد وقود للسيارات. وبحسب المستندات والوثيقة من قاضي محكمة مصر الجديدة الجزئية بناء علي طلب ريمون فيليب ضاهر كفوري للتحقق من وفاته فقد تحقق لقاضي المحكمة أحمد محمد مصطفي وفاة فيليب ضاهر كفوري في يوم 5 أبريل 1955 وانحصار إرثه الشرعي في أولاده هنري وريمون وروبير وإيلي ورينيه فقط، أما إميل نقولا دياب بحسب المستندات فيكون شقيق زوجة روبير ابن فيليب ضاهر كفوري الذي صدر بحق أرضه قرار الاستيلاء التي صدر عليها حكم محكمة شمال القاهرة الابتدائية. وبحسب الرد الذي أعدته إدارة العقود والملكية بالقطاع القانوني للشركة فإن العقار ملك للمرحوم روبير كفوري مورث الصادر لصالحهم الحكم بموجب عقد مسجل وآلت إليه الأرض عن طريق الحراسة التي تم فرضها علي ممتلكات كفوري ومنها تلك القطعة وهي نفسها التي ذكرتها مذكرة الشركة، طلبت فيها من وزير التموين إصدار قرار بالاستيلاء عليها ومملوكة لإميل نقولا دياب شقيق زوجة روبير فيليب كفوري، وهي بنفس الحدود الجغرافية التي شملها رد الإدارة القانونية للشركة. ومن المفارقات في النزاع انتقاله لنزع من أطراف أخري بدخول شخص يدعي حمدي محمد محمد مقيم بدار السلام طالباً وقف تنفيذ الحكم وإلزام الشركة بتسليم الأرض له لقيامه بشرائها من الوريث فيليب روبير كفوري وإخطار الورثة الصادر لصالحهم الحكم بالدعوي من خلال وزارة الخارجية لإقامتهم ببيروت. ومن جانبها أيضاً تقدمت الشركة بأوراق ومستندات لخبراء شرق القاهرة تشمل أصل عقد الإيجار المحرر بين الشركة والحارس العام علي ممتلكات الخاضع للحراسة إميل نقولا دياب بما يفيد عدم ملكيتهم لها، وكذلك عقد البيع الصادر من فيليب ضاهر كفوري مورث المدعين للحكومة المصرية، وكذلك صورة ضوئية من محضر حجز مأمورية إيرادات القاهرة يبين تاريخ وضع يد الشركة علي الأرض محل النزاع وعدم ظهور أو وجود مورث للمدعين الصادر لهم حكم بتمكينهم من الأرض بما عليها من منشآت. حالة من الاستياء تعم أرجاء الشركة بعد تنفيذ الحكم الذي فشلت قيادات الشركة في إرجاء تنفيذه، وحالة من القلق تسود العاملين البالغ عددهم 4200 عامل وموظف تقريباً مهددون بالتشرد بعد نقل مقر الشركة من الشرابية إلي مصنع للألبان بالأميرية وسط وضع مزرٍ وحياة لا آدمية يحياها العاملون بالشركة وتهديد من آن لآخر للرحيل من هذا المقر المؤقت أيضاً. الأوراق تثبت أن فيليب ضاهر كفوري المالك الأصلي للأرض لديه من الأبناء كما جاء في شهادة وفاته من المحكمة بأن لديه من الأبناء 5 ورغم ذلك لم يتم الاعتداد بهذا، وتم الاستناد إلي مطالبة أحد الأبناء فقط دون ظهور الباقين ودون اشتمال المستندات علي توكيل منهم له. طالب العمال بتدخل النائب العام المستشار عبد المجيد محمود لإعادة فتح التحقيق في القضية لاستبيان التلاعب الذي تم في المستندات وفي تقرير الإدارة القانونية للشركة الذي استند إليه المدعون وجميع المستندات التي تم تقديمها بأوراق القضية من جانب المدعين، وإعادة الأمور لنصابها الصحيح وحمايتهم من التشرد والحفاظ علي المخزون الاستراتيجي من السلع التموينية لمحافظة القاهرة. تتضمن عملية البيع لأكثر من شخص هما محمد أشرف حامد الشيتي وحمدي محمد محمد زيادي، وفي محاولة للوصول لشخص يدعي محمد أشرف حامد المقيم في 14 حسين واصف بالدقي كما أشار العمال إلا أنه رحل منذ زمن بعيد وكذلك زيادي المقيم في 14 شارع مصر بدار السلام. مصدر وثيق الصلة بالقضية أكد لروزاليوسف أن الحكم تم الحصول عليه بكل الوسائل والمستندات المدعمة الشرعية وغير الشرعية منها، وأن هذا التلاعب بمصير الشركة ضياع لمخزون استراتيجي خاص بالمواطنين من السلع التموينية التي تكلف الدولة الملايين من أجل وصولها للمواطن، مشيراً إلي أن هذا المقر تستغله الشركة لتخزين آلاف الأطنان من السكر والزيت والأرز والسمن والشاي وهي مخصصات تموينية كمخزون استراتيجي لمحافظة القاهرة لمواجهة الأزمات وكذا كميات الآلاف من الأطنان للتداول لتسليمها للبقالين التموينيين بمعرفة مفتشي التموين التابعين لوزارة التضامن الاجتماعي. وأضاف مصدر أن جراج الشركة يحتوي قطع غيار خفيفة وثقيلة بكميات كبيرة جداً وسيارات نقل ثقيل وخفيف ومنها سيارات معطلة تحتاج إلي وسائل جر بطرق فنية ومخازن كاوتش بمختلف مقاساته وأنواعه ومحطة للبنزين والسولار بخزانات كبيرة تحت الأرض خاصة بتمويل سيارات الشركة المنتشرة بالقاهرة والجيزة والوجه القبلي حتي أسوان. من جانبها حاولت «روزاليوسف» طرق باب أيمن سالم رئيس مجلس إدارة الشركة للتعرف علي أبعاد القضية إلا أن مديري مكتبه كانوا بمثابة الحصن المنيع للابتعاد عن الحديث عن موضوع القضية، أما المهندس فايز بدوي العضو المنتدب فأنكر من حيث المبدأ وجود قضية في الأصل وجلبت إدارة الشركة الأمن لاستبيان الهدف من البحث في الموضوع. من جانبه استنكر مصدر مسئول بمحافظة القاهرة الموقف السلبي للشركة تجاه القضية والتسليم بالحكم دون دفاع من جانبها وقيام إدارة الشركة بفرض الأمر الواقع بإقامة بوابة منفصلة عن الأرض التي صدر الحكم بشأنها وبناء سور عازل بين القطعتين.