الدكتور أحمد زكي بدر، وزير التعليم دءوب، يسعي لتحقيق الانضباط في الحياة المدرسية، ويخوض معارك مع المتربحين من الكتاب الخارجي، ويرفض أن تكون المؤسسة التعليمية مرتعا للتطرف في الفكر والممارسة.. كل ذلك جيد، وسبق أن كتبت تأييدا له.. ولكني هذه المرة أعبر عن مخاوفي من أن تكون مساعي الوزير لتحقيق الانضباط في المدرسة مدخلا، بقصد أو دون قصد لحرمان الطلاب، وأولياء أمورهم من المشاركة في الحياة المدرسية.. ومبعث مخاوفي أنني لم أستمع في أحاديث الوزير، التي اطلعت عليها إلي ما يفيد بأن تحويل المدرسة إلي مجال لتعليم الطلاب والطالبات الثقافة الديمقراطية، والمشاركة، والتفاعل مع المجتمع أو تحويل المدرسة إلي مؤسسة مجتمعية منفتحة علي المجتمع، وليست مؤسسة بيروقراطية صماء مغلقة علي نفسها. في عهد وزير التعليم الأسبق الدكتور حسين كامل بهاء الدين كان هناك حديث عن المشاركة، والديمقراطية، ثم أخذ الوزير أحمد جمال الدين الذي تلاه خطوات علي هذا المضمار، تلاشت في عهد الوزير يسري الجمل، وأخشي أن يكون العهد الحالي هو نهاية لها. في عام 1993، في عهد الوزير الدكتور حسين كامل بهاء الدين، صدر القرار رقم (5) لسنة 1993م والذي شكل نقلة نوعية في مشاركة الآباء في الشأن المدرسي، وقد نص علي توثيق الصلات بين الآباء والمعلمين في جو يسوده التعاون والاحترام من أجل رعاية الأبناء، وتنمية حب المدرسة وتعميق الانتماء للوطن، والعمل علي رفع كفاءة العملية التعليمية والتربوية بالمشاركة الفعالة التي تحقق المتابعة المتكاملة، وتشجيع الجهود الذاتية الاختيارية للمواطنين بهدف الإسهام في دعم العملية التعليمية، ورعاية الفئات الخاصة من الطلاب سواء المعاقين منهم أو المتفوقين وتهيئة الجو المناسب لصقل قدراتهم وإمكانياتهم، والعمل علي تأصيل الديمقراطية وتعميق الاتجاهات السلوكية والقومية والقيم الأخلاقية في نفوس الطلاب. وحدد القرار اختصاصات مجالس الآباء والمعلمين علي مستوي المدرسة في: وضع خطة متكاملة لتحقيق أهداف التنظيم، وذلك علي أساس ما يتقدم به الأعضاء، أو اللجان من مقترحات ومشروعات ووضع موازنة لأمواله علي هذا الأساس. ومعاونة المدرسة في تذليل الصعوبات والمشكلات التعليمية والطلابية وإبداء الرأي فيها والقيام بدوره بالمشاركة فيما يسند إليه لتذليل هذه الصعوبات، ويتابع مجلس الآباء والمعلمين بالمدرسة ما يقوم به رائد كل فصل في سبيل تعارف آباء طلاب فصله بزملائه من معلمي الفصل، وتشكيل لجان فرعية من ثلاثة أعضاء أو أكثر من أعضاء المجلس، وممن يري المجلس ضمهم إلي عضويتها من أعضاء الجمعية العمومية، وتحديد الموضوعات التي تتولي كل لجنة بحثها ومنها علي سبيل المثال: لجنة الإصلاحات والإنشاءات، لجنة متابعة النواحي التعليمية، لجنة الشئون المالية والجهود الذاتية ولجنة الأنشطة المدرسية، وإعداد التقرير السنوي الذي يعطي صورة مفصلة علي نشاطه وأعماله والذي يتضمن المشروعات والخدمات، التي قام بها أو شارك فيها مقرونة بما أنفق عليه والصعوبات التي حالت دون تنفيذ بعض ما ورد في خطته. في عام 2005م صدر القرار الوزاري رقم (258)، والذي عدل بقرار رقم (334) لسنة 2006م بشأن مجلس الأمناء والآباء والمعلمين، بغية تفعيل دور مجالس الأمناء في المدارس، وهو ما يصب مباشرة في اتجاه تحويل المدرسة إلي مؤسسة مجتمعية، تتمتع بقدر من الاستقلالية في إدارة شئونها، تنفتح علي المجتمع، وتتفاعل معه، وتعبئ موارده في خدمة أهداف العملية التعليمية. يضاف إلي ذلك قرارات أخري أهمها القرار رقم (417) لسنة 2006م بتحديد أوجه صرف مقابل الخدمات الإضافية بالمدارس، والقرار رقم (268) بشأن تحديد الرسوم والغرامات والاشتراكات ومقابل الخدمات الإضافية التي تحصل من طلبة وطالبات المدارس بمختلف مراحل التعليم، للعام الدراسي 2006-2007م. أنشأ القرار الوزاري رقم (334) لسنة 2006م في كل مدرسة «مجلساً للأمناء والآباء والمعلمين»، يتكون من 15 عضوا، بواقع خمسة أعضاء منتخبين من الجمعية العمومية للآباء يمثلون الآباء من غير المعلمين والعاملين بالمدرسة، وخمسة أعضاء معينين من الشخصيات العامة المهتمين بالتعليم، وثلاثة أعضاء من معلمي المدرسة ينتخبهم المعلمون، وأخيرًا عضوان هما مدير أو ناظر المدرسة بصفته مديرا تنفيذيا للمجلس، والإخصائي الاجتماعي بالمدرسة، والذي يتولي أمانة السر. في العام الماضي لم تجر انتخابات مجالس الآباء والأمناء والمعلمين، وتم التمديد للمجالس القائمة، هذا العام لم نسمع شيئًا عنها، ولا نعرف ماذا سيجري لها وبها؟ أظن أن وزير التعليم يحتاج إلي الحديث في مثل هذه الأمور، لأننا نتقدم ولا نتراجع حتي لو كان ذلك باسم الانضباط المدرسي!