ليس لدي أحد منا أدني شك في أن الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم منذ أن تبوأ منصبه منتصف العام الدراسي الماضي، وهو يحاول ويسعي جاهدًا لإصلاح المنظومة التعليمية التي تعاني من مشكلات متراكمة عبر سنوات طويلة مضت.. وفي سبيل ذلك خاض الوزير معارك كثيرة داخل ديوان وزارته وفي نطاق مديريات التربية والتعليم وأجري تغييرات واسعة النطاق شملت العديد من القيادات داخل هذه المنظومة، وتركت جولاته المفاجئة أثرًا طيبًا في المدارس أعاد إليها شيئًا من الانضباط المفقود. ورغم الهجوم الضاري الذي تعرض له الدكتور أحمد زكي بدر إبان امتحانات الثانوية العامة الأخيرة من الطلبة وأولياء أمورهم لصعوبة الامتحانات من وجهة نظرهم ما دفع نواب مجلس الشعب لاستجواب الوزير تحت قبة البرلمان لكنه رغم كل ذلك نجح في عبور تلك الأزمة وانتهت علي خير.. فلم نسمع مثلاً عن تسريب الأسئلة بل لم نسمع لأول مرة عن تسريب نتيجة الامتحانات قبل إعلانها.. وهي أمور تحسب للوزير بدر. وبدأ العام الدراسي الجديد الذي شهد لأول مرة انضباطًا منذ اليوم الدراسي الأول.. وامتلأت الفصول بالطلبة والطالبات في عودة حميدة للمدارس التي كادت أن تصبح مهجورة.. وأعتقد أن الجميع يتفق معي علي أن الانتظام في الدراسة هو أولي خطوات إصلاح التعليم في مصر. ولم يعكر صفو بدء العام الدراسي الجديد سوي مشكلتين الأولي: أزلية ومتكررة وهي عدم تسليم بعض الكتب المدرسية منذ اليوم الدراسي الأول وأزعم أن الوزير بدر سيجد حلاً لتلك المشكلة العام الدراسي المقبل.. أما المشكلة الثانية: فهي الكتاب الخارجي ودخول وزير التعليم في مواجهة وصدام مع أباطرة وناشري الكتب الخارجية بسبب تمسك الوزارة برسوم حقوق الملكية الفكرية التي حددتها في إجازة الصيف، ولم تعجب هؤلاء الأباطرة رغم اجتماع الوزير بهم أكثر من مرة، ليبدأ العام الدراسي الجديد بمواجهة مع الكتاب الخارجي وهي مواجهة تفوق في حدتها ظاهرة الدروس الخصوصية التي فشلت وزارة التربية والتعليم منذ عقود في إيجاد حل لها. المشكلة في رأيي أن الوزير الدكتور أحمد زكي بدر يريد إصلاح منظومة التعليم في يوم وليلة.. وهذا حقه.. ولكن هذا الأمر يتطلب في بعض الأحيان شيئًا من التروي وتوافر البدائل.. فإذا كانت الدروس الخصوصية سببها عدم جدية المدرس في الفصل فالكتاب الخارجي والوزير أول من يعلم يقدم المعلومة للطالب بشكل مبسط وسهل مع شرح واف وتدريبات تشمل أسئلة وأجوبة متنوعة غير متوافرة في الكتاب المدرسي.. ولذا كنت أتمني من الوزير أن يؤجل تلك المواجهة هذا العام ليفاجئ الجميع في العام الدراسي المقبل بكتب مدرسية تضاهي الكتب الخارجية في مضمونها.. فالكتاب الخارجي ليس اختراعًا صعب اكتشافه.. ومعظم مؤلفيه هم أساتذة وخبراء في إدارة المناهج التابعة للوزارة والمسئولة عن الكتاب المدرسي. كل ما أتمناه من الوزير بدر ألا يشتت مجهوده بالدخول في العديد من المعارك في آن واحد.. فمنظومة التعليم التي تعاني من مشاكل وأخطاء منذ عقود لو تم إصلاحها خلال 3 سنوات سيكون إنجازًا يدخل به الوزير التاريخ.. فلتركز علي معاركك المدرسية وأقصد هنا المدارس والمدرسين والكتاب المدرسي وانضباط الطلاب واترك المعارك الخارجية الآن جانبًا فالكتب الخارجية والدروس الخصوصية لها وقتها لأنك لو نجحت في إصلاح البيت من الداخل فلن تحتاج إلي شيء من خارجه!