سلام الشرفاء هو ثمرة النصر ( 1 ) - كان مستحيلاً أن يتحقق السلام بدون الحرب، وبحجم الانتصار تكون المكاسب، وتنعكس القوة علي أرض الواقع في غرف التفاوض، فلا أحد يقدم بقشيشاً لأحد. - المنتصرون يتفاوضون وهم مرفوعو الرأس والهامة، ولا يشعرون بخجل أو بعقدة نقص، ويطالبون بحقوقهم المشروعة وهم في منتهي القوة والإصرار. - هكذا كان المفاوض المصري الذي استثمر كل أوراق القوة التي تحققت في انتصار أكتوبر ليحصل علي أرضه كاملة دون أن يفرط في شبر واحد. ( 2 ) - لولا حرب أكتوبر لكانت الدنيا غير الدنيا والتاريخ غير التاريخ ومصر غير مصر، فالانتصار الذي تحقق هو الذي فتح الطريق نحو بناء الدولة من جديد. - هل تذكرون مدن القناة التي تحولت إلي جبهة للقتال، وتم تهجير سكانها، وأصبحت مدناً للأشباح، تنتظر ساعة الخلاص وعودة الروح والأمل والحياة. - هل تذكرون سيناء التي كانت تئن تحت وطأة الاحتلال وأحلام إسرائيل بأن تبقي فيها إلي الأبد، واستنزفت ثرواتها ونهبت خيراتها ومواردها الطبيعية. ( 3 ) - السلام الذي تحقق هو ثمرة النصر، ومصر دفعت ثمناً غالياً في الحرب، وكان ضرورياً أن تحصل علي السلام المستحق الذي يساوي تضحياتها ودماء وأرواح أبنائها. - لم يقبل الرئيس السادات أن تستمر حالة اللا سلم واللا حرب مرة أخري، وصمم علي أن يسترد أرضه ليتفرغ لبناء بلده، وواجه مقاومة ضارية من الأشقاء قبل الأعداء. - كان بعضهم يتصور أن مصر يمكن أن ترهن قضيتها من أجل الشعارات الكاذبة التي رفعتها بعض الدول التي لم تقدم للقضية الفلسطينية شهيداً واحداً ولم تدفع دولاراً واحداً. ( 4 ) - مارسوا ضد مصر والرئيس السادات أبشع أنواع الحروب، من الاتهام بالعمالة حتي التخوين والتشكيك في الوطنية، ولكن الرجل لم يخضع لأي ابتزاز من أجل مستقبل وطنه. - كان السادات يعلم جيداً أن القضية يمكن أن تستمر بلا حل سنوات طويلة، ما يعني أن تظل البلاد مرهونة للحرب، ولن تبني طوبة واحدة ولن تزرع شبراً جديداً. - وصلت المأساة ذروتها بعد أن أعلنت دول الصمود والتصدي الحرب ضد مصر بدلاً من إسرائيل، ووصل التآمر إلي حد العمل علي تجويع الشعب المصري وحصاره ومطاردته في كل مكان. ( 5 ) - لم يدخل السادات الحرب من أجل ويلاتها وخسائرها، ولكن ليحقق لشعبه السلام والرفاهية، لهذا أقدم بقلب فولاذي علي إبرام معاهدة السلام، التي هي ثمرة الحرب الكبري. - هل تذكرون القطيعة العربية، ونقل جامعة الدول العربية إلي تونس والحرب الإعلامية القذرة ضد مصر وشعبها.. هل تذكرون الشماتة والتشكيك والتشويه والأعمال الانتقامية؟ - كل هذا لأن مصر استردت أرضها واستعادت كرامتها وحافظت علي كبريائها الوطني، وحققت سلام الشرفاء، دون أن تقدم أي تنازلات أو أن تسمح للعدو بتحقيق أي مكاسب. ( 6 ) - نحن نعيش اليوم مرفوعي الرأس والهامة بسبب الانتصار العظيم الذي حققته القوات المسلحة المصرية، ولم تتخل يوماً واحداً عن تحديث قدراتها وإمكاناتها لتكون قادرة علي الذود عن تراب الوطن. - القوات المسلحة التي هي درع الوطن ومصنع الرجال وفخر المصريين، والتي تثبت كل يوم أنها الذراع القوية التي تحمي أمن الوطن وتصون استقراره. - القوات المسلحة التي تعطينا الثقة والطمأنينة، وتؤكد كل يوم أن نكسة 5 يونيو كانت استثناءً عارضاً، لأنها أخذت علي غرة ولم تتح لها فرصة عادلة في الحرب. ( 7 ) - سوف يبقي هذا اليوم خالداً في وجدان الشعب المصري، تحتفل به الأجيال عاماً بعد عام، وتستفيد منه الدروس والعبر، وشتان بين مصر قبل 73 ومصر بعدها. - مصر الآن تعيش في خيرات النصر، الذي منحها الهدوء والاستقرار والأمن، واستطاعت أن تحمي نفسها، وتبتعد تماماً عن جميع أشكال الحروب والصراعات التي تملأ المنطقة. - جيش مصر للدفاع عن تراب مصر وحماية شعب مصر، يصون ولا يبدد، يحمي ولا يهدد.. ويصرخ بأعلي صوته «أنا النيل مقبرة للغزاة». E-Mail : [email protected]