رغم أننا دخلنا القرن الحادي والعشرين منذ عشر سنوات، وتخطي العالم من حولنا مراحل فكرية واجتماعية وسياسية إلي مراحل أكثر تقدما، إلا أن قضايا المرأة وأسئلتها مازالت تطرح نفسها علي المجتمع المصري وكأننا لم نمر يوما بعصر التنوير، وربما هذا ما دفع الهيئة العامة للكتاب لعقد ندوة دارت حول " دور المرأة في التحديث النهضة الفكرية والتنويرية"،حضرتها كل من الكاتبة نوال مصطفي والروائية سحر الموجي والباحثة إيناس الشافعي والدكتورة هدي زكريا. اتخذت سحر الموجي من قصة روايتها الصادرة منذ عامين بعنوان "نون" مفتتحا لبداية كلامها، وقالت: شخصيات الرواية ثلاث نساء ورجل تربطهم علاقة صداقة وتدور أحداثها حول الصراع ما بين الخير والشر ومحاولة إنقاذ البشر من الشر، ودورالمرأة في إيقاظ المشاعر. وقارنت الموجي بين فترة العشرينيات والفترة التي نعيشها حاليا، وقالت: في العشرينيات شهدت مصر فترة من النهضة والإبداع الفكري، حينما أوقعت هدي شعراوي نقاب الوجه ودعا قاسم أمين لتحرير النساء، وأكد طه حسين علي أهمية التعليم وقد ساهمت دعوتهم في تشكيل الهوية الثقافية وإقرار بداية المشروع الحقيقي للنهضة مصرية، لكننا عدنا لنشهد نكسة ثقافية في أوائل السبعينيات، حينما هاجر للخارج أهم مثقفي مصر، وحينما اختلف الخطاب الديني الذي أصبح يوجة للمرأة نداء بالعودة إلي الأسرة وترك العمل، وربما كان ذلك الوضع هو ما دفعني لتسخير كتابتي لمقاومة القبح الخارجي سواء السياسي أو الاجتماعي أو الفكري. الكاتبة نوال مصطفي تأملت أحوال النساء المصريات وأكدت علي أن الشكل الظاهري يوحي بأن المرأة تحررت، وأن ما أعطي لها من حقوق في المشاركة السياسية، تأخذ طابع الشكل وليس المضمون، وطالبت المجتمع باعتراف حقيقي من المجتمع بدور المرأة، وأشادت مصطفي بقرار تعيين المستشارة تهاني الجبالي كأول قاضية مصرية، وبعدها تعيين 32 قاضية، ولكنها أكدت علي حدوث ردة وعودة إلي نقطة البداية. ورفضت مصطفي منطق التلصص علي الحياة الشخصية للكاتبة وقالت: يستفزني جدا تعبير الأدب النسائي وكأن تصنيف الأدب يكون وفق الجنس والنوع ، فهناك كاتبات كثيريات لم يوجه لهن هذا التوصيف مثل مي زيادة وسهير القلماوي ولطيفة الزيات وغيرهن، ومثل هذا التلصص لا يمت للأدب بصلة. وتعرضت الدكتورة هدي زكريا لمفهوم الرجولة وقالت: هذا المفهوم أوقع المجتمع في أزمة، وحصره في وهم ثقافي وعلي المجتمع أن يعيد رؤيته للرجل والمرأة بحيث لا يلقي بكل المسئولية علي الرجل، وفوجئت يوما في خطبة بأحد مساجد القاهرة بشخص يسأل الخطيب عن المرأة الفاضلة فكان رد خطيب الجامع: هي الصماء الكسيحة البكماء، صماء لاتسمع كلمات خارج نطاق أسرتها وخارج الدين والأدب، كسيحة لاتخرج من بيتها إلا لقبرها، ولا تنطق إلا بالآيات والأحاديث، هذا النوع من الخطاب لا يري للمرأة أي دور، ولكنه يراها نوعًا من المقتنيات الخاصة التي يجب أن نحافظ عليها. وأكملت زكريا: المجتمع المصري يمارس لعبة "الاستدعاء والطرد" بمعني أنه يوجه دعوات للمرأة للمشاركة ثم يرجعهن الي البيت، وكلما طالبت المرأة بحقوقها حملوها أخطاء الآخرين. وقالت الباحثة إيناس الشافعي، منسق ملتقي تنمية المرأة: صدمنا التقرير الصادر عام 2002 عن التنمية الانسانية في الوطن العربي، فيقول التقرير إن هناك ثلاثة نواقص رئيسة تعوق أي عمل تنموي وهي (الديمقراطية والحريات - المعرفة - قضايا تمكين النساء)، والملتقي الذي اعمل به يلقي الضوء علي قضية التمييز بين الرجل والمرأة، خاصة في مجال العمل، وكأن المرأة تحتل مواطن من الدرجة الثانية.
