أكد د. مبروك عطية الداعية والاستاذ بجامعة الأزهر أن المشكلة التي تعانيها الدعوة الإسلامية ليست في المؤسسات، وإنما في منهجية العمل الدعوي ، وأنه لا يجب إقحام أمور السياسة في مجال الدعوة. وقال في حواره ل«روزاليوسف» إن نجوم الدعوة غير المتخصصين هم فتنة زماننا الحالي، وأن السبب في نجاحهم هو ضعف الثقافة الدينية، وانعدامها عند كثير من الناس، مشيرا إلي أنه أصبح علي الحكومات التدخل لمنع جميع غير المتخصصين من العمل في المجال الدعوة . في كل عام من شهر رمضان تكثر الدعوة ويزداد السباق في العبادة، لكن ما السلبيات التي تراها عائقا للمسلم في رمضان؟ -ان رمضان شهر الصيام وليس شهر البطون كما يفعل معظم الناس فلا يكن كل همك أن تملأ بطنك عند الافطار وتكون النتيجة أنه ينام ولا يستطيع أن يصلي بخشوع في التراويح لأن بطنه امتلأت ولم يعد قادرا علي الوقوف أو أن يكسل البعض في الذهاب الي المسجد لصلاه التراويح أو يقوم بصلاة جزء منها ليذهب مسرعاً الي المنزل لمشاهدة المسلسلات والبرامج الملهاة عن ذكر الله وهو الأمر الخطير الذي يقع فيه معظم الناس فأغلبهم يتفرغون في ذلك الشهر لمشاهدة البرامج والمسلسلات فقط . ما تقييمك لمؤسسات الدعوة؟ - لا توجد مؤسسة أعتبرها مخصصة للدعوة سوي الأزهر الشريف، وما شاكله من جامعات العالم الإسلامي وهي مما لاشك فيه تؤدي دورها خير قيام، والمشكلة في العمل الدعوي ليست مشكلة مؤسسات، ولكن المشكلة في المنهجية والتطبيق، والقضايا التي اقتحمت عالمنا العربي والصراع الذي يدور في الداخل والخارج. والقضية في مجال الدعوة تتفاقم بغياب رموز كانت تضيء عالمنا علماً، وظهور أناس يتاجرون بالدعوة، فيحجبون الجمال الدعوي بألوان من القبح، حيث يتم تلميع نجوما للدعوة لا يحفظون القرآن ولا يطلعون علي السنة الصحيحة وليس لهم في العلم، ونترك لهم ساحة الدعوة كي يتحدثوا باسم الإسلام فنقمة الدعوة هواقتحام غير المؤهلين فيها، وهذا يعتبر من المشكلات العضال التي اقتحمت طريق المسلمين . إذن نود أن نتعرف علي أسباب ضعف الدعاة ؟ - الدعاة ليسوا ضعفاء، وإنما الضعف من يحمل كارنيه دعوة ، وليس داعية، ومن يتاح له فرصة لمنبر وهو ليس أهلاً لصعوده، فالداعية هو داعية له شروطه في كل زمان ومكان أهمها أن يكون دارسا متخصصا في الدعوة، حافظا لكتاب الله، ولما يحتاج إليه من أحاديث رسول الله صلي الله عليه وسلم، فالضعفاء في مجال الدعوة ليسوا دعاة وإنما هم أقحموا أنفسهم علي الدعوة وهم ليسوا أهلاً لها، والبلوي كل البلوي أن يعهد الأمر لغير أهله خاصة في مجال الدعوي . الدعوة والسياسة هل توافق علي أن يتم تناول السياسة من وجهة النظر الدينية في مجال الدعوة ؟ -الأمور السياسية لا يمكن أن تكون بحال من الأحوال مجال الداعية، فالسياسة هي أمر المسئول السياسي الذي يصطفي من العلماء من يستنير برأيهم، لكن الداعية يدعو إلي الله ورسوله بلغة واضحة، فالداعية وظيفته تعريف الناس أحكام دينهم. فهو ليس رجل سياسة، لأن للسياسة أهلها ورجل السياسة يختار من رجال الدين علماء يبينون له الحلال والحرام في الأفعال، فالداعية ليس له سوي الدعوة إلي سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فلا يتدخل في السياسة خاصة أنه لا يمكن أن تكون له معرفة صحيحة بها وإذا حاول هل سيعتمد في معرفة السياسة علي أخبار الصحف التي قد تكون كاذبة ؟ أم علي أقوال الناس ؟ فليس للداعية مصدر موثوق يكون من خلاله المعرفة السياسية إلا أن يسمع من الساسة أنفسهم، ولا يعلق عليه . دعاة غير متخصصين أشرت في كلامك إلي أن هناك أشخاصاً أقحموا أنفسهم في مجال الدعوة، وهم ليسوا أهلاً له، فما السبب في ذلك ؟ - السبب في اعتقادي راجع إلي أن زماننا شهد موجة غير المتخصصين في كل شيء يتعلق بفكر الناس، واعتقاداتهم، وهوأمر ليس بغريب لأنه يحدث عبر العصور كلها، فالفتن الكبري كلها في التاريخ الإسلامي سببها ظهور من لم يفهموا الدين ويتحدثون فيه، فمنذ مقتل سيدنا عثمان - رضي الله عنه - وحتي وقتنا الحالي، وكل الفتن سببها الجهلاء، ولكن ما زاد من تفاقم الأمر في زماننا هوأن هناك من أراد أن يلمع نجوما في الدعوة يتحدث بلا أسانيد علمية في جميع القضايا، وبخاصة في قضايا المرأة، فيجعل كل الأمور مباحة فترتاح الناس إلي مثل هذا، وذلك في الوقت الذي ضعفت فيه الثقافة بوجه عام في عقول الناس، وبخصوص الثقافة الدينية، فلا يدرون الحق من الباطل، ولا الثواب من الخطأ . ولقد أثر ذلك فينا كثيرا، وأحدث بلبلة، وسواداً ما بعده سواد، حيث نجد أخطاء علمية خطيرة في المنهج الديني بل نجد أخطاء في القرآن الكريم، والتفسير ، وأصبح هناك تخبط في المعرفة الدينية علي نطاق جماهيري واسع بسبب نجوم الدعوة غير المتخصصين، الذين هم فتنة زماننا . وأطالب بألا يسمح بأن يعمل أحد في الدعوة إلا إذا كان يحمل شهادة تؤهله لذلك، فالدعوة مجال خطير كمجالات الطب والهندسة وغيرها من المجالات التي لا تسمح بالعمل فيها لغير المتخصصين، لأن ما يحدث من ظهور دعاة غير مؤهلين في الدعوة هو مهزلة، وأمر لا يرضي الله ولا رسوله . تواجد نسائي لماذا لا يوجد تواجد لعالمات الدين في مجال الدعوة الإسلامية علي نفس القدر الظاهر للعلماء الرجال خاصة مع وجود آلاف الخريجات من الكليات الإسلامية ؟ - المرأة في كل مكان لها أهميتها، ودورها، وهناك بالفعل عالمات فضليات يضارعن الرجال في مجال الدعوة الإسلامية، ولذلك فإن تهميش ( المرأة ) عالمة الدين في هذا المجال يعد نوعاً من الظلم، ولكن ربما كان عدم انتشار عالمات الدين في مجال الدعوة راجع إلي من يستضيفون الرجل بدلا من المرأة في برامج التوعية الدينية . كيف يمكن أن نوجه الدعوة الإسلامية بشكل مقبول لدي المجتمعات الغربية التي أصبح لديها مسبقا صورة سيئة عن الإسلام؟ - الإجابة عن ذلك تنقسم إلي شقين، الشق الأول هوأنه لابد أن نقدم الصورة المشرفة عن الإسلام مدروسة موثقة من كتاب الله وسنة رسوله، وأن نبين جوهر الإسلام ومقاصده وخاصة أننا نهتم الآن في دعوتنا للغرب بقضايا فرعية لا تقدم ولا تأخر، مع أن صورة الإسلام المشرفة بالنسبة إلي الدعوة الموجهة للآخرين تكون بتوضيح المقاصد الأساسية للدين، والبعد عن الخلاف الجزئي، والتمسك بروح العبادة التي تجعل المسلم فعالا في أي مجتمع ينشر السلام والأمن، ويطبق تعاليم الإسلام في سلوكه . أما الشق الثاني فهو ضرورة مواجهة غير المسلمين في الغرب من منظور عقولهم، التي تحكم علي الدين من خلال سلوك منتسبيه ولذلك يصبح سلوك الدعاة في الغرب هوخير وسيلة لتوجيه الدعوة الإسلامية هنالك. بماذا تفسر ظهور العديد من الأعمال الأدبية التي تتعرض للألفاظ القرآنية بشكل غير لائق في الفترة الأخيرة ؟ - السبب في ذلك هوعدم الحياء من الله، فأي إنسان يقتبس من القرآن الكريم ألفاظا ويدخلها في غير ما وضعت له، أويستشهد بها علي باطل فهو قليل الحياء، والحق هوأن القرآن الكريم هان علي أصحابه، فهان أكثر علي أعدائه، ويكفي ما يحدث من استخفاف، حتي العامة من المسلمين وبألفاظ القرآن الكريم حين يطلقون علي الإفطار في رمضان أنها موائد الرحمن، فهذه تسمية بها جرأة علي الله سبحانه وتعالي، والأولي تسميتها بمائدة الصائمين حيث إن مائدة الرحمن في الجنة أكلها دائم . وعندما أطلقنا علي القرآن الكريم ما لا يليق، واستعملناه في غير موضعه كان ذلك تمهيدا لظهور أعمال أدبية تتجرأ علي الله ومن يكتب كتاباً أدبية صحيحة وفق كتاب الله وسنة رسوله لا يجد من ينشر له، أما من يتجرأ علي الله، يجد من ينشر له ملايين النسخ، وعليه فإن ظهور الأعمال الأدبية الجاحدة هو سوء أدب من أصحابها .