علي الرغم من تزايد الطلب في الآونة الأخيرة علي ضرورة تكثيف الدعوة النسائية من خلال إيجاد كوادر دعوية من النساء والفتيات، إلا أن شهر رمضان لم يحتف بظهور الدعوة التي تقدمها سيدات داعيات داخل المساجد للدرجة التي جعلت الكثيرين يؤكدون اختفاء الدعوة النسائية في رمضان، وذلك في الوقت الذي تعاني فهي وزارة الأوقاف من البطء في الاستجابة لتفعيل الدعوة النسائية رغم تزايد خريجات معاهد إعداد الدعاة، والكليات الشرعية بالأزهر، وهو ما كان بحاجة إلي توضيح لمعرفة أسباب القصور، وحلها. بداية يوضح د.سالم عبدالجليل، وكيل الأوقاف للدعوة، أن الدعوة النسائية تواجه عقبتين الأولي هي أنه ليست كل المساجد تحتوي علي أماكن خاصة للداعية الإسلامية، حيث لا تتعدي المساجد الموجود بها تلك الخدمة أكثر من 15٪ وهي نسبة قليلة بالفعل، والأمر الثاني أنه لا يجب أن يتم الاستعانة بأي فتاة تتقدم لطلب إلحاقها بأحد المساجد كداعية فلتلك المسألة شروط وضوابط أولها أن تكون الفتاة خريجة أحد المراكز الثقافية الإسلامية والتي تعرف بمعاهد إعداد الدعاة والتي يتم فيها دراسة مواد عديدة منها الفقه والسيرة النبوية والتفسير والسنة والخطابة وعقيدة.. ويجب أن تتعدي الطالبة نسبة النجاح وهي 50٪ علي الأقل ولا ينتهي الأمر عند ذلك بل تتقدم الفتاة الراغبة في ممارسة الدعوة بطلب لوزارة الأوقاف ثم يتم عمل مقابلة شخصية لها وبناء عليه تقوم إدارة الدعوة بالتصريح لها بعد عمل اختبارات شفهية وتحريرية عن رأيها في بعض القضايا المعاصرة حتي تطمئن لها الوزارة ثم تقوم بالتصريح لها وإلحاقها بأحد المساجد التي يتوافر فيها مكان للدعاة السيدات ومنها مساجد عمرو بن العاص والنور والأزهر ورابعة العدوية والسيدة زينب، ونسبة اللاتي ينجحن ضعيفة للغاية. ويكمل عبدالجليل: إن المجتمع في حاجة ماسة لوجود وزيادة الداعيات، حيث وجود أمور خاصة بالسيدات لا تستطيع التصريح بها لرجل نظرًا لحساسيتها وتلك الأمور تزداد مع ازدياد حاجيات المرأة في العصر الحديث واستحداث بعض الأمور به، ولكن لابد أن يخضعن لإشراف الأوقاف منعًا لنشر الأفكار المنحرفة والاطمئنان لسلامة الفتاوي التي تصدر عن أولائك الداعيات.. ويضيف عبدالجليل: أن وجود داعية إسلامية ليس بجديد فهو موجود منذ القدم فقد كانت السيدة عائشة أول داعية في الإسلام حتي إنها كانت تصحح أفكار الرجال. وبالنسبة لشهر رمضان يؤكد عبدالجليل أن الدعوة عامة وليست النسائية فقط تكثر في رمضان لكن في شهر رمضان علي الأخص للسيدات مطالب خاصة تريد الاستفسار عنها في أمور الصيام في حالات خاصة وغيرها من الأمور، ولكن ذلك لا يمكن تحقيقه في كل المساجد. وعن رأي كبار الداعيات تقول د.سعاد صالح، أستاذ العقيدة السابق بجامعة الأزهر، أنه للأسف فإن الدعوة النسائية لا تلقي إقبالاً كبيرًا من الفتيات والسبب في ذلك عدم إبراز الداعيات إعلاميا، فالداعية ليس لها جمهور ما عدا أسماء قليلة استطاعت أن تثبت نفسها علي ساحة الدعوة مقارنة بالدعاة الرجال المتخصصين منهم والحاصلين علي شهادات أزهرية معتمدة ودعاة قطاع خاص من هم يمارسون الدعوة بناءً علي دراسة في معاهد خاصة أو علي خبرة شخصية ومثل هؤلاء مبتدعون في الدعوة ومخترع فتاوي لذلك. وتري صالح أن حل ضعف الدعوة النسائية يكمن في أن الفتيات الراغبات في تعلم الدعوة يحتجن لتسهيلات وتحفيز ودعم لإثراء تلك الموهبة والرغبة مثل إنشاء معاهد إعداد داعيات مخصصة للسيدات والفتيات وتخصيص أماكن لهن في كل مسجد بل وعمل دروس نسائية بشكل مكثف بحيث يكون علي الأقل ثلاثة دروس أسبوعية في كل مسجد. وبالنسبة للشهر الكريم ومدي الحاجة للدعوة النسائية فيه فتقول صالح إن شهر رمضان لا يختلف عن غيره من الشهور في مسألة الدعوة الإسلامية النسائية فطوال العام نحتاج لدعاة وداعيات لتصليح مسار الحياة وتنوير الجمهور وتوعيتهم دينيا ويخطئ البعض إذا تصور أن رمضان هو شهر الدعاة واستشارتهم في أمور الحياة فالحياة مستمرة بمستجداتها التي تفرض دائما الرجوع إلي الشرع والفقه للاستعانة به كمرجع لنا. وعن رأي د.مصطفي عمارة أستاذ الحديث بالأزهر والمشرف علي معهد إعداد الدعاة التابع لمسجد النور فيقول إن رمضان يعتبر موسم الدعوة الإسلامية عموما، خاصة يزداد الطلب علي الداعيات السيدات في ذلك الشهر حيث يتميز هذا الشهر عن باقي شهور العام بأن السيدات يملأن المساجد ويكثرن من الاستماع للدروس خاصة بعد صلاة التراويح التي يحرصن أن يؤدينها في المساجد. ويضيف عمارة أن المساجد بحاجة ماسة لوجود داعيات يكن بمثابة إمام للمسجد حيث تستطيع السيدة العثور عليهن في أي وقت إذا احتاجت لفتوي عاجلة لذلك يناشد عمارة الأوقاف بزيادة عدد الداعيات بحيث يكون في كل مسجد داعية علي الأقل. ويفرق عمارة بين الواعظة والداعية فالواعظة كما يقول لا تحفظ القرآن وليس لديها قواعد التحفيظ السليمة وتدرس تعاليم الإسلام بدقة مثل أصول الحديث وإنما يكون دورها إرشاديا فقط أما الداعية فهي تدرس مواد دراسية منها حديث وفقه وسنة وأصول دين وعلي سبيل المثال يحتوي مسجد النور علي 2 داعيات وواعظة والداعية هي من تستطيع الفتوي إلي جانب تحفيظ القرآن بينما الواعظة تعطي دروسا فقط. ويكشف عمارة أن عدد الفتيات الراغبات في تعلم الدعوة يفوق عدد الرجال حيث يبلغ عدد المتقدمات كل عام ما بين 300 - 400 متقدمة مقارنة بالرجال الذين يكون عددهم في حدود المائة متقدم لذلك يجب استثمارهن في أكبر عدد من المساجد وتوزيعهن علي المساجد في المحافظات بعمل حلقات علم خاصة بالنساء مؤكداً أن الداعيات أكثر تفوقاً من الدعاة لأنهن إلي جانب المواد العادية يدرسن مواد خاصة بالنساء ورغم ذلك يستطعن التفوق فيها. وعن حاجة النساء لداعيات بالمساجد يؤكد بسيوني عبدالعزيز إمام مسجد رابعة العدوية وأستاذ الحديث بجامعة الأزهر أن رمضان يعتبر مدرسة للدعوة الإسلامية وتكثر فيه حاجة السيدات لداعيات يستشرنهن في أمور خاصة بهن ويقترح عبدالعزيز أن يكون هناك داعيات خاصة في ذلك الشهر لوجود كثير من السيدات لصلاة التراويح وبعدها وإعطاء دروس تحت عنوان نحو أسرة بلا مشاكل ودروس للمرأة للتعامل مع زوجها وكيفية تربية أولادها بما يتفق مع تعاليم الإسلام ويرضي الله ويؤكد عبدالعزيز علي ضرورة الاهتمام بالمحافظات في مسألة الدعوة النسائية لأنها تعاني من قصور شديد علي الرغم من أنها أكثر الأشياء الجديرة بالاهتمام حيث يكثر في الريف وبعض قري الصعيد النساء الأميات اللاتي يحتجن لتوعية دينية. بينما يقول محمد عبدالمقصود حرز الله إمام مسجد الحسين أنه بالطبع لا شك في الحاجة إلي وجود داعيات سيدات خاصة في ذلك الشهر الكريم ويضيف أن فعاليات رمضان في الحسين تتمثل في ملتقي الفكر الإسلامي الذي يقام كل عام والذي يحتوي علي استضافة عالمات أزهريات للحديث في شئون المرأة المسلمة وقضاياها المعاصرة. وعن مسجد عمرو بن العاص وهو أكثر المساجد التي يتردد عليها الجمهور وخاصة السيدات في شهر رمضان فيقول صابر سليمان همام إمام المسجد أن المسجد يلقي إقبالاً غير عادي خلال الشهر الكريم كل عام بصفة يومية كذلك الموسم النسائي للذهاب للمسجد لذلك يجب أن يتم استغلال ذلك ويضيف أن المسجد به داعية تخصص درسين أسبوعياً يومي الجمعة والأحد من كل أسبوع وتلك الدروس تلقي إقبالاً واسعاً من جمهور السيدات المترددات علي المسجد لكنها لا تكفي.