حققت الحضارة الرأسمالية الغربية تقدما ماديا غير مسبوق وهيمنت مظاهرها الحياتية علي حميع دول العالم تحت مسمي العولمة والتبشير بأن الغرب أصبح الجنة الموعودة، وفي مقابل هذا التقدم العلمي والمادي المذهل هناك انهيار تام في القيم الأخلاقية والإنسانية والاجتماعية، ولم يقتصر الأمر علي الانهيار الخلقي والاجتماعي، بل تعداه إلي الانهيار الاقتصادي والمالي، وأبرزها الازمة الاقتصادية العالمية الحالية التي لا تزال مستمرة حتي اليوم ولا احد يدري متي ستنتهي هذه الازمة وسبقتها حربان عالميتان خلفتا وراءهما ملايين القتلي نتيجة طغيان النزعة المادية الاستهلاكية والنزعات القومية الشوفينية علي الأرض الاوروبية. وكان من اهم نتائج الحرب العالمية الأولي، نهاية الدور الإسلامي العالمي بعد هزيمة الدولة العثمانية وإعلان الجمهورية التركية، وطوال أربعة عقود منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وحتي زوال الاتحاد السوفيتي، لم يكن للدول الاسلامية دور فاعل في الصراع المستعر بين الرأسماية والشيوعية وذلك لعدم امتلاك الدول الاسلامية اي قدرة علي التأثير في مجري الاحداث الدولية وبعد احداث 11 سبتمبر دمرت الولاياتالمتحدةافغانستان والعراق بدعوي مكافحة الارهاب. وفي كتابه (شمس الاسلام تشرق علي العالم .. الحضارة الرأسمالية الغربية: انهيار بعد إبهار) للدكتور حامد محمود موسي أستاذ الاقتصاد بجامعة قناة السويس والصادر عن دار الطلائع للنشرو التوزيع يتساءل: هل سيستمر العالم الاسلامي في هذا الخنوع والخضوع والتخلف الحضاري؟ ويجيب : هذا الوضع لن يستمر طويلا ، لأن العالم الاسلامي بدأ يدرك أبعاد المهمة الحضارية الملقاة علي عاتقه والتي يجب عليه القيام بها لأنه هو وحده الذي يمتلك المنهج اللازم لانتشال الانسانية من الهوة السحيقة التي انزلقت اليها وقد سبق للمسلمين القيام بنفس المهمة الحضارية عندما هزموا الفرس والروم ونجحوا في توصيل الاسلام للشعوب المقهورة تحت نفوذ هاتين الامبراطوريتين . ويضيف: الإسلام هو الدين الوحيد الذي يمتلك المنهج الفريد الذي يلبي الاحتياجات المادية للجسد البشري، ويلبي في نفس الوقت الاحتياجات المعنوية للروح البشرية في تناسق وتناغم. ويستشهد بآراء عدد من الباحثين والمستشرقين الغربيين الذين يحترمون الاسلام. فتري د . إيلين هاجوبيان أستاذ علم دراسة أحوال المجتمع البشري بكلية بوسطن أن المسلمين عبر التاريخ ظلوا حاملين مشروعا ذا سمة انسانية وعبق تاريخي ذا صبغة كونية عالمية يسعي لنشر رسالة الاسلام كديانة وحضارة في مشارق الارض ومغاربها . وفي بريطانيا اصدرت مؤسسة ( الخدمات المالية الدولية ) تقريرا يكشف ان المملكة المتحدة بها أكبر عدد من البنوك الإسلامية، التي تفوق أصولها بكثير الأصول الإسلامية في دول مثل باكستان وبنجلاديش وتركيا ومصر، وهناك 55 كلية ومعهدا متخصصا في الشئون المالية الإسلامية، وهو عدد يفوق نظيره في أي مكان في العالم، كما اتخذت فرنسا عدة خطوات فيما يتعلق بالصناعة المالية الفرنسية، وأهمها الجانب القانوني، كما تسعي تايلاند للدخول في السوق المصرفية الإسلامية، ومحاولة اجتذاب رءوس الأموال من الدول الإسلامية الغنية في الشرق الأوسط والدول المجاورة لها مثل ماليزيا وإندونيسيا من خلال مؤشر تايلاند المتوافق مع الشريعة الإسلامية الذي يخضع الشركات المختارة للفحص الدقيق للتأكد من خلو نشاطها من أي مخالفة للشريعة الإسلامية مثل: لحم الخنزير والتبغ والخمور، كما تبنت الكنيسة الإنجليكانية (كنيسة كانتربري) بعض أوجه الشريعة الإسلامية في بريطانيا في عدد من القضايا مثل الطلاق. ويضع المؤلف خريطة الطريق لقيادة العالم قائلا: إنني علي يقين بأننا نحن المسلمين سوف نرث هذه الحضارة الضالة بشرط العودة إلي دستورنا الذي أنزله الله وهو القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وضرورة الاستفادة من العقول العلمية المهاجرة، لأنه من العجيب أن يظل العالم الإسلامي يعتمد في القيادة العلمية والتوجيه علي الغرب، وأن يصبح المستشرقون المرشدون الموجهين في البحث والتحقيق والدراسة والتأليف بالرغم من ان عددا كبيرا منهم قساوسة ويهود متعصبون جدا ويضمرون للإسلام ولرسوله العداوة والبغضاء.