رسالة الفدائية «صابحة» ناقلة خرائط تمركزات العدو على صدر طفلها الرضيع قبل وفاتها بأيام: ربنا يقويك يا ريس ويحفظ جيش مصر    إزالة بعض خيام الطرق الصوفية بطنطا بسبب شكوى المواطنين من الإزعاج    مؤسس مقاطعة السمك ببورسعيد ل"كل الزوايا": تأثير المبادرة وصل 25 محافظة    الزراعة ل«مساء dmc»: المنافذ توفر السلع بأسعار مخفضة للمواطنين    «إكسترا نيوز» ترصد جهود جهاز تنمية المشروعات بمناسبة احتفالات عيد تحرير سيناء    اعرف الآن".. التوقيت الصيفي وعدد ساعات اليوم    استقرار أسعار الدولار اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    أستاذ اقتصاد: سيناء تستحوذ على النصيب الأكبر من الاستثمار ب400 مليار جنيه    استقالة متحدثة لخارجية أمريكا اعتراضا على سياسة بايدن تجاه غزة    ادخال 21 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة عبر بوابة معبر رفح البري    في اليوم ال203.. الاحتلال الإسرائيلي يواصل أعمال الوحشية ضد سكان غزة    موعد مباراة الهلال والفتح والقنوات الناقلة في الدوري السعودي    رمضان صبحي: كنت حاسس إن التأهل من مجموعات إفريقيا سهل.. ومقدرش أنصح الأهلي    «الأرصاد» عن طقس اليوم: انخفاض في درجات الحرارة بسبب تأثر مصر بمنخفض جوي    رسالة من كريم فهمي ل هشام ماجد في عيد ميلاده    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    فلسطيني يشتكي من الطقس الحار: الخيام تمتص أشعة الشمس وتشوي من يجلس بداخلها    طيران الاحتلال يشن غارات على حزب الله في كفرشوبا    حكاية الإنتربول مع القضية 1820.. مأساة طفل شبرا وجريمة سرقة الأعضاء بتخطيط من مراهق    التوقيت الصيفي في مصر.. اعرف مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 26 - 4 - 2024    إشادة برلمانية وحزبية بكلمة السيسي في ذكرى تحرير سيناء.. حددت ثوابت مصر تجاه القضية الفلسطينية.. ويؤكدون : رفض مخطط التهجير ..والقوات المسلحة جاهزة لحماية الأمن القومى    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 26- 4- 2024 والقنوات الناقلة    صحة القليوبية تنظم قافلة طبية بقرية الجبل الأصفر بالخانكة    أبناء أشرف عبدالغفور الثلاثة يوجهون رسالة لوالدهم في تكريمه    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية جديدة بمليارات الدولارات إلى كييف    "تايمز أوف إسرائيل": تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن 40 رهينة    أول تعليق من رمضان صبحي بعد أزمة المنشطات    قوات الاحتلال تعتقل شقيقين فلسطينيين بعد اقتحام منزلهما في المنطقة الجنوبية بالخليل    أبرزهم رانيا يوسف وحمزة العيلي وياسمينا العبد.. نجوم الفن في حفل افتتاح مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير (صور)    الأسعار كلها ارتفعت إلا المخدرات.. أستاذ سموم يحذر من مخدر الأيس: يدمر 10 أسر    أعضاء من مجلس الشيوخ صوتوا لحظر «تيك توك» ولديهم حسابات عليه    بعد سد النهضة.. أستاذ موارد مائية يكشف حجم الأمطار المتدفقة على منابع النيل    وزير الخارجية الصيني يلتقي بلينكن في العاصمة بكين    «الإفتاء» تعلن موعد صلاة الفجر بعد تغيير التوقيت الصيفي    أذكار وأدعية ليلة الجمعة.. اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الجمعة 26 أبريل 2024    «جريمة عابرة للحدود».. نص تحقيقات النيابة مع المتهم بقتل طفل شبرا الخيمة    مع بداية التوقيت الصيفي.. الصحة توجه منشور توعوي للمواطنين    جدعنة أهالي «المنيا» تنقذ «محمود» من خسارة شقى عمره: 8 سنين تعب    خالد جلال يكشف تشكيل الأهلي المثالي أمام مازيمبي    إعلان نتيجة مسابقة المعلمة القدوة بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    هيئة الغذاء والدواء بالمملكة: إلزام منتجات سعودية بهذا الاسم    سيد معوض يكشف عن مفاجأة في تشكيل الأهلي أمام مازيمبي    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    تشرفت بالمشاركة .. كريم فهمي يروج لفيلم السرب    «زي النهارده».. استقالة الشيخ محمد الأحمدي الظواهري من مشيخة الأزهر 26 أبريل 1935    سيد معوض يكشف عن رؤيته لمباراة الأهلي ومازيمبي الكونغولي.. ويتوقع تشكيلة كولر    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميا    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    الأقصر.. ضبط عاطل هارب من تنفيذ 35 سنة سجنًا في 19 قضية تبديد    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل: شرف عظيم لي إحياء حفل عيد تحرير سيناء    الشروق تكشف قائمة الأهلي لمواجهة مازيمبي    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرب قبل ان يدهسهم قطار العولمة

"أن العولمة ليست فكراً ولكنها وقائع تقنية فرضت نفسها علي الساحة الكونية، وفي فرضها لنفسها أقلقت الجميع، وبخاصة الدول والمؤسسات ، إنها ظاهرة لا تمس أي اقتصاد، وإنما بالحصر اقتصاد السوق والاستهلاك ، واقتصاد تحويلات العملات والتدبير الاستثماري" هذا ما ذهب اليه هوبرت فيدرين عند تعريفه للعولمه.
والعولمه وان كانت تمس الجانب الاقتصادي والتقني الا انها ليست مجرد اليات جديدة تستند إلي القوة المادية المتمثله في التجارة والاقتصاد من خلال التبادل الحر..
في السوق العالمية الواحدة ، حيث يعتبر حصر العولمه في هذا الاطار يعد من قبيل الإهمال غير المبرر لمكوناتها الحقيقيه المتعددة الأشكال والصيغ والتي تتأثر بها مختلف اوجه الحياة الإنسانية ، ويعد اخطر ما في هذه الاوجه المكونات الثقافيه المجتمعيه لانها تختص بما يسمي بالهوية , والتي تشير أغلب الدراسات إلي أنها قد تكون الضحية الأولي لموجة العولمة، باعتبارها سيراً نحو الغزو المنظم من خلال تمرير نموذج ثقافي واحد يكتسح الثقافات الاخري ، ويميعها او يفرغها من مضمونها دون التعرض المباشر لها .
وقد تكون هذه نقطة البدأ حيث نسعي لاستنتاج بعض المقاربات الصحيحه لمفهوم العولمة من حيث التأثير المباشر اوغير المباشر علي الموروثات الثقافية للاخرين ويأتي المضمون الثقافي العربي في مواجهة الاكتساح العاصف للثقافه الغربيه ، ومن هذه الزاويه يجب الاهتمام بتوصيف الظاهرة وتوقع أثارها وتجهيز آليات المواجهه والتي يجب ان تكون الحصن الذي يحافظ ويدعم الهوية الثقافية العربية في المواجهه العاتيه للاكتساح الثقافي الغربي.
بين العولمة و الهوية
مفاوضات اقل ما توصف به انها كانت عسيره تلك التي دارت بين فرنسا والولايات المتحدة الأميركية علي هامش اتفاقية "الجات" والتي تعني حرية تدفق السلع والأفراد والمعلومات بحرية بين الاقطار المختلفه ، فقد تخوف عقلاء فرنسا ومثقفوها من عدم قدرة الهوية الفرنسية علي الصمود في وجه الاختراق الثقافي والإعلامي الأجنبي .
والهوية تعني الصفات الجوهرية التي تجتمع في افراد معينين يكوٌنون مجتمعا ما في لحظه مكانيه أو زمانيه 'قد تمتد بعمق التاريخ' وهذه الصفات تميّز هذا المجتمع عن غيره من المجتمعات, وهي تتضمن مكونات ثابتة ' كالدين واللغه' وأخري قابلة للتغيير ' كالعادات وطرق التفكير ' , وهي تشمل جميع نواحي الحياه تقريبا.
والهوية بهذا المعني تشير الي الذاتية و الخصوصية و منظومة القيم و المثل و المبادئ والعادات التي تُشكل الأساس للشخصية الفردية المكونه للمجتمع ، ويٌستمد ذلك كله من خلال الموروثات التي تشكلت بفعل العقائد و الثقافه و المخزون التاريخي لتجارب المجتمع .
وتتمايزالامم في مكونات الهويه فقد تتلاقي مع امه اخري في مكون او بعض المكونات , لكن لايمكن ان تتطابق في كل مكونات الهويه وقد يكون هذا التطابق بفعل التقارب الجغرافي او الاقتراب العقدي , لكن يظل الاختلاف قائما بالنسبه للمكونات الاخري والتي في مجموعها تشكل الهويه.
والعولمه بما تمثله من تدفق حر لكل شيء عبر حدود الدول لابد ان يكون لها تأثير علي هوية الامم , و تدفق السلع هو الجزء الاقل خطوره والاقل تأثيرا علي الهويه 'وان كان النمط الاستهلاكي جزء من تشكيل مكونات الهويه ' لكن تدفق مكونات هوية الاخر من خلال التفوق التقني والعلمي هو الاخطر في منظومة العولمه , فمن خلال وسيلتين استطاع دعاة العولمه النفاذ الي اللبنه الاولي المكونه للمجتمعات الاخري واستطاعوا الانفراد بهاتين الوسيلتين انفرادا تاما واقتحموا بهما علي افراد المجتمعات الاخري العمل و الشارع و المنزل ودلفوا مباشرة الي داخل غرف نومهم من خلال شبكة الانترنت والقنوات القضائيه , واضحي الناس يستقبلونهما علي اجهزة الحواسب المحموله واجهزة الهواتف المحموله في اي مكان وفي اي وقت خلال الاربع والعشرين ساعه .
فاذا كانت الهوية نسق محفور في ذاكرة افراد المجتمع من الموروثات الحضارية و السلوك الإنساني المتولد من منظومة المعايير الأخلاقية والعقائد الدينية و ما يرتبط به من أعراف وعادات و تقاليد و مكونات التراث الثقافي الذي ورثته الجماعة عن ماضيها , فاذا كان من المسلمات ان الهوية تتشكل عند الجماعة من خلال تاريخها الطويل فأن وعي الجماعة بتاريخها ومعرفتها لذاتها يمثل ضروره لازمه لمعني الهويه , ويتأتي هذا الوعي من خلال شعور الجماعه بتاريخها بوصفه تاريخا خاصا بها تشكلت عبره مكوناتها الذاتية المميزه لها عن اي جماعه اخري علي وجه الارض , وهذا الشعور الذي هو وعي من الذات الفردية المكون للجماعه لابد ان يكون باتجاه شعور الافراد المكونين للجماعه بالذاتيهم المغايرة و المتمايزه عن ذاتية الاخرين.
والمكونات لمضمون الهويه ترتبط ببعضها البعض برباط وثيق ودقيق في ذات الوقت وبعضها نتاج للبعض الاخر, ففكرة عبودية بعض البشر لبعض مثلا كانت احد مكونات الهويه في حقب تاريخيه معينه وتقبلها العبيد والساده علي حد سواء , وقد ترتب علي قبول هذه الفكره معان حقوقيه - يخضع لها الساده والعبيد - من خلال القوانين المطبقه بتلك المجتمعات والتي تختص بحق السيد علي عبده وأضحت الفكره وما يرتبط بها من قوانين جزء من هوية هذه المجتمعات ' سواء من حيث طريقة التعبيد للبشر حيث يولد البعض عبيدا بالوراثه او يعبدوا من خلال الاغاره والحروب فيعبد ويسترق الاسري المهزومين ' , فأين اليوم موقع هذه الفكره ومايرتبط بها من معاملات او قوانين في واقعنا المعاصر؟.
لقد تأكل جزءا – كان مهما جدا - من مكونات الهويه بفعل افكار بعض العقلاء وتعاليم بعض الديانات وربما كانت هذه الافكار وهذه الديانات قد ظهرت وتأصلت في مجتمعات دون غيرها وقد اظلت هذه الافكار المجتمعات الموجوده الان علي وجه الأرض فلا يعقل ان تجد الان افكارا تشكل جزء من هوية جماعه عن استرقاق البشر, علي الرغم من ان هذه الفكره منذ مائه وخمسون سنه كانت تشكل جزءا لايستهان به من هوية الامه الامريكيه.
هذا مثال عن التغير الايجابي في بعض مكونات الهويه, ولكن ما نخشاه ان يكون التغير في مكونات الهويه سلبيا تحت تأثير العولمه , فكلنا يعلم ان عصر النهضه وما استتبعه من ثوره صناعيه ثم التقدم تكنولوجي الهائل قد افرز لدي الغرب قيما وعادات اجتماعيه جديده بعضا منها يخالف الاديان والاعراف الاخلاقيه القويمه وايضا افرزت النظريه الرأسماليه تقديسا للمصلحه الفرديه والحريه التامه في الحياه الاقتصاديه حتي لو تصادمت مع الاعراف الاخلاقيه فيتم تغلبة المصلحه الاقتصاديه للفرد علي غيرها من المصالح , بغض النظر عن نتيجتها علي الاخرين طالما كان التصرف يخضع للقواعد الاقتصاديه , وعلي اثر ذلك حدث تغير في بنية المجتمعات الغربيه وظهرت معايير جديده مختلفه عما كان سائدا في كثير من نواحي الحياه .
حق يراد به باطل
1-الاله الاعلاميه:
كنتيجه طبيعيه للتفوق الكبير الذي حققه الغرب في كافة المجالات , بات الغربيون - علي اختلاف نخبهم – لديهم الشعور بالتميز والرياده , وعملت الاله الاعلاميه الغربيه – وخاصة الامريكيه- في اظهار التفوق الغربي والتركيز علي تأصيل مفهوم التفوق وتضامنت مكونات المجتمع الغربي كله مع التها الاعلاميه الجباره بالتركيز علي الجوانب المختلفه فكل النمازج الغربيه هي الاولي بالتطبيق سواء اكانت سياسيه ' والمتمثله في الانتخابات الحره النزيهه والتي ينتج عنها تداول السلطه , والحريات السياسيه الواسعه للافراد للمشاركه في الاحزاب المختلفه , والحريات المدنيه الواسعه' او اقتصاديه 'والمتمثله في حرية الاسواق في ظل النظريه الرأسماليه وانهيار ما عداها من ايدلوجيات وابلغ صورها شركات الكولا والوجبات السريعه والتي اضحت نموزجا يغزو العالم باسره وغيرها من المنتجات الامريكيه والاوربيه' أوالفنيه ' المتمثله في الموجه العاتيه للنموزج الامريكي الهوليودي وما يستتبعه من مهرجانات سينمائيه دوليه "كالاوسكار" و"كان" وتفوق السينما الغربيه علي ما عداها سواء في الجوائز التي يحصدونها او الايرادات التي يحققونها , اوابطالها الذين اصبحوا نموزجا يحتذي به الشباب في شتي اقطار الارض سواء في القوه او الوسامه او الجمال او الموضه سواء في تسريحات الشعر اوالملابس الطويل منها والقصير ' او اجتماعيه ' والمتمثله فيما سمي بمؤسسات المجتمع المدني في رعاية حقوق الانسان او حقوق الحيوان او ذوي الحاجات الخاصه او النساء المغتصبات ' , وبالعوده الي الاداة الاكثر تأثير علي الهويه وهي الاله الاعلاميه من خلال القنوات الفضائيه الكثيرة العدد , وهذه الاله الاعلاميه عملت علي تضخيم النمازج السابقه وقدمتها للعالم علي انه الاولي بالاتباع , وقد مثل الإعلام الاستعراضي الخدعه الكبري للجماهير التي وقعت في براثنه وما ترتب عنه من مساس بمصداقية الوقائع والاحداث , ولم يحدث ذلك بين ليلة وضحاها ولكن استغرق عشرات السنين وبالتحديد منذ انتهاء الحرب العالميه الثانيه وظهور ابعاد وتقنيات جديده للصور المرئيه سواء علي مستوي السينما العالميه أوالتلفزيون حتي ظهور مصطلح العولمه في اخر القرن العشرين , وقد قال احد الخبراء في توصيفه لهذه الحاله " لقد انبري الصحفيون والمصورون وراء الشاشه ، وأوقعوا الناس في فخ اللاحقيقة أن لأن المشاهدين يرون العالم من خلال عدسة الشاشة الصغيرة ، وينسون أن مجال الواقع المعروض لا يزيد اتساعه علي إطار الكاميرا " , لقد جاءت C.N.N علي سبيل المثال لتضع – بطريقة مخططه ومدروسه - مفاهيم مختلفه لما تبثه من اخبار ، وتحوي هذه المفاهيم قيم إخبارية تسعي القناه بجديه لتعميمها علي الاخرين , وقد تناولت كثير من البحوث والدراسات الجاده القيم الإخبارية التي تحكم عمل القناة فكانت الملاحظات التاليه :
أ- الاهتمام بالسرعة علي حساب الدقة والسعي نحو التفرد بالأخبار وتحقيق السبق الصحفي دون النظر الي ما يترتب عن ذلك من آثار وفي مقدمتها المساس بفكرة قدسية الخبر وأخلاقيات مهنة الصحافة .
ب- تجاهل الحقائق والتلاعب بالمعلومات مع سبق الاصرار والترصد علي حساب قيمة الموضوع , ويشار هنا إلي ما ورد بتقرير صدر عام 2007 تحت عنوان: الرقابة والتعتيم في الإعلام الأمريكي. حيث ورد به أهم 25 موضوع إخباري تم قمعه أو اقصاءه داخل القناه : مثل "قضية حياد الانترنت "و "علاقة شركة هاليبورتون الامريكيه بالتكنولوجيا النووية التي حصلت عليها إيران" و" الزيادة الكاريثية للمناطق الميتة بالمحيطات "و " زيادة الجوعي والمشردين في الولايات المتحدة الامريكيه "و" تعذيب الولايات المتحدة للمعتقلين في افغانستان والعراق" و " أعفاء البنتاجون من قانون حرية المعلومات" و" حقيقة تمويل البنك الدولي للجدار العازل الإسرائيلي "و" كيف تقتل الحرب الجوية الموسعة في العراق المزيد من المدنيين". هذه بعض الموضوعات الخطيرة- التي يتم تجاهلها يوميا في مقابل التركيز علي الحرب من أجل السلام والديمقراطية وحرية الشعوب وحقوق الانسان في العراق والارهاب في افغانستان.
ج- تعمد الإثارة والهاب المشاعرعلي حساب التحليل السليم حيث لم تعد صناعة الخبر مقصوره علي نقل المعلومات من مصدرها بامانه إلي المشاهد ، ولكنها أضحت في عصر تكنولوجيا المعلومات صناعة تعتمد علي مناهج العلم مثل قواعد التحليل النفسي وأساليب الدعاية و الإقناع والتأثير من اجل الحصول علي أكبر قدر من التأثير النفسي علي المستهدفين ، فعلي سبيل المثال فقد سعت وسائل الإعلام الأمريكية إلي تحقيق الهزيمة في أذهان العراقيين قبل حسمها ميدانيا.
د- التعليق علي الأخبار والوقائع والتلاعب بفكر المشاهد من خلال اعطاء الفرصه للمراسل في أي موضوع يقوم بتغطيته لينشر افكارا معينه حول الموضوع وفق أجندة إعلامية تم صياغتها بعنايه واتقان.
ه- وضع العالم امام المشاهد من خلال خمسة محاور اساسيه :" الأخبار ، السياسة، النشرة الجوية، الاقتصاد، الرياضة " ويتم التعامل مع هذه المحاور باظهار كل ما هو ايجابي في بلدان الغرب وكل ما هو سلبي في البلدان الاخري ، وقد ذكر أحد الخبراء أن التغطية للأحداث والأخبار في البلدان العربية علي سبيل المثال تقدم للعالم في شكل فيلم من افلام هوليود لانهاية له، يحتوي علي مشاهد دمار حقيقية، ومناظر دماء متخثره عند قاعدة كاميرا الاخبار".
وإذا كان الفرنسيون يرون ان العولمة صناعه امريكيه ' او امركه' تظهر من خلال ثلاثة محددات اولها سيادة اللغة الإنجليزية كلغة وحيده للتقدم وللاتجاه نحو العالمية، وثانيهما سيطرة سينما هوليود وثقافتها وإمكاناتها الضخمة، وثالثهما انتشارالكوكاكولا والوجبات السريعه“. ويوضح ذلك بجلاء ما صرح به الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش " إن القرن القادم سيشهد انتشار القيم الأمريكية ، وأنماط العيش والسلوك الأمريكي" , لذلك فأن كل من فطن الي أن العولمه بانها "أمركة" فقد حالفه الصواب علي اعتبار انها المؤثر الأقوي , وأن جوهر العولمة هو النمط الأمريكي .
2-الشبكه العنكوبتيه:
لقد أصبح الإنترنت لغة العصر وسواء رضينا أم أبينا فستكون هذه اللغة هي السائدة عالميا في السنوات القادمة , ومازال كل يوم يزداد عدد العرب مستخدمي الانترنت وقد أكدت دراسة أُجريت مؤخرا ان عدد مستخدمي الانترنت في الوطن العربي 41 مليون تقريباً وترتيب اللغة العربية علي مستوي الأنترنت الثامن .
والانترنت هواحتكار امريكي فمؤسسة 'ICANN' الأمريكية هي المسؤولة عن تسيير المهام الأساسية له 'internet governance' ، التي تشمل إدارة الموارد الرئيسية للبنية التحتية للشبكة , وقد رفضت الولايات المتحدة الأمريكية بشكل كامل في القمة العالمية لمجتمع المعلومات أن تترك هذه المهمة الي منظمة عالمية كالاتحاد العالمي للاتصالات وهذا ما اثار قلق العالم ومعه الاتحاد الأوروبي من أن يصير الإنترنت حيازه أمريكية خالصه .
وبغض النظر- مع تحفظنا علي تلك الحيازه – فان الانترنت هو اداه عصريه عظيمه ساعدت في تسهيل الكثير من متطلبات الحياه وادت الي التقليل من مشاقها وساعدت الحكومات في اداء اعمالها بيسر فيما سمي" بالحكومه الالكترونيه", كما ساعد الانترنت في التبادل السريع للمعلومات ووفر الكثير من المراجع العلميه للباحثين , كما ساعد في رواج انواع معينه من التبادل التجاري عبر البلدان المختلفه فيما سمي "بالتجاره الاليكتروتيه"
اننا نعرف لماذا الصوره المضيئه للانترنت وفوائده تصبح قاتمه ومخيفه , انه الانفلات في المجتمع الامريكي الذي يحول الانترنت الي وسيله خطيره لتفتيت الهويه والقضاء عليها في نفوس النشأ وتحويله الي مسخا لاينتمي لشيء , حيث يتجاوز الامر الهيمنة الأمريكية في مجالات الاقتصاد والسياسه إلي الهويه ، بما يعنيه من سيطرة القيم النفسية والسلوكية الأمريكية علي الاخرين، وبالتالي مكونات الهويه لباقي شعوب الارض , فتتأصل ثقافة جديدة , تعتمد علي جميع انتاجات العقل البشري الغربي من وسائل الإغراء والخداع ، لصالح المنظومة الغربيه الجديدة التي تسعي الي ايجاد معايير ترفع من قيمه النفعية و الأنانية الفردية ، والنزعه الماديه و الغريزيه الخاليه من كل ماهو إنساني .
وحتي اذا احسن الظن بالنوايا - ولا يجوز لنا ذلك – فأن الانفلات في كل المعايير والتجاوز القيمي الذي ليس له مبرر والذي يتميز به المجتمع الامريكي خاصة والمجتمع الغربي عامة , فحرية الفرد قد تجاوزت كل مقدس وذهبت لابعد ماهو متصور , كزواج المثلين والاستهانه بالاديان وبالقيم الانسانيه النبيله , ففي دراسه عن مخاطر الانترنت المنفلت علي الاطفال خلصت الدراسه الي طبيعة الاخطار والمثالب التي تنشأ من استخدام الاطفال والمراهقين للانترنت تتمثل بعضها في التالي:
1- المواقع اللاأخلاقية التي تكثر وتتكاثر في الإنترنت والتي يتم نشرها ودسها بأساليب عديدة في محاولة لإجتذاب الأطفال والمراهقين والذهاب بهم الي سلوكيات منحرفة ومنافية للأخلاق
2- غواية الأطفال والمراهقين حيث يتم التحرّش بهم وإغواءهم من خلال غرف الدردشة والبريد الإلكتروني
3- نشر مفاهيم العنصرية
4- الدعوة لأفكار غريبة مناقضة لديننا و لقيمنا ومفاهيمنا والتي تعرض بأساليب تبهر المراهقين مثل عبادة الشيطان والعلاقات الغريبة الشاذة.
5- الدعوة للإنتحار والتشجيع له من خلال بعض المواقع وغرف الدردشة.
6- جرائم القتل التي ترتكب من خلال غرف المحادثة الغريبة من قبل جماعات تدعو لممارسة طقوس معينة لفنون السحر تؤدي بالنهاية إلي قتل النفس .
7- التعرض لعمليات احتيال ونصب وتهديد وابتزاز.
8- الإنغماس في استخدام برامج الاختراق "الهاكرز" والتسلل لإزعاج الآخرين وإرسال الفيروسات التخريبية والمزعجة
9- الأمراض النفسية التي تنجم عن سوء استخدام الإنترنت مثل الإكتئاب.
10- الحياة في الخيال وقصص الحب الوهمية والصداقة الخيالية مع شخصيات مجهولة وهمية أغلبها تتخفي بأقنعة واسماء مستعارة وما يترتب علي مثل هذه القصص من عواقب خطيرة
11- استخدام الاسماء المستعارة وتقمص شخصيات غير شخصياتهم في غرف الدردشة وما يتبعه ذلك من اعتياد ارتكاب الأخطاء والحماقات واستخدام الألفاظ النابية
12- ممارسة القمار والتي تنتشر مواقعها ويتم الترويج لها بكل الوسائل عبر الإنترنت
13- التشهير بالأفراد والشركات ونشر الإشاعات المغرضة عبر نشرها بالمواقع او من خلال غرف الدردشة او البريد الإلكتروني.
14- ممارسة انتهاك حقوق الملكية بوضع نسخ للكتب علي سبيل المثال في مواقعهم او تداولها فيما بينهم من خلا ل اجهزتهم مباشرة
15- تعرض خصوصية المعلومات التي في الأجهزة للاختراق من قبل المخترقين المحترفين وهواة الإختراق وبرامج التجسس.
هذا قليل من كثير مما يعد من اضرار استخدام الانترنت المنفلت ولذلك فان مكونات الهويه تصبح في خطر اذا ترك الامر بدون رابط , حيث يربي النشأ علي قيم ومعايير مختلفه ليصبحوا تابعين مخلصين لاهوائهم وشهواتهم وانفلاتهم الامحدود.
ان بلادا غربيه وعلي وجه التحديد فرنسا حذر عقلاؤها من خطر الانترنت وهم متقاربي الهويه مع نظرائهم بامريكا , فمابالنا نحن غير عابئين ولامتخوفين علي هويتنا من مخاطر العولمه, افيقوا ايها العرب قبل ان يدهسنا قطار العولمه.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.