تعاون بين جامعتي الريادة ولوكهيد الكندية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الطب والهندسة    3 شرائح مؤهلة للالتحاق ببرنامج إعداد معلم تكنولوجيا الحُلي والمجوهرات بجامعة حلوان    مصدر ب"الكهرباء": خط ربط كهربائي جديد بين مصر والأردن بقدرة 2000 ميجاوات    "العمل" تتابع ملف تقنين أوضاع 26 عاملًا مصريًا في إيطاليا    "سيارة أكل العيش".. 65 ألف جنيه تراجعًا بأسعار نيسان نافارا الجديدة    عربية النواب: المبادرة المصرية القطرية وضعت المجتمع الدولي أمام مسئولياته    نتنياهو: نحن على وشك إنهاء الحرب في غزة    "الدراسات المستقبلية بجامعة القدس": إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء وانقلبت على القانون الدولي    الرئاسة الفلسطينية: البدء بتسليم السلاح الموجود داخل المخيمات الفلسطينية بلبنان للجيش اللبناني    المندوه: وزيرا الإسكان والرياضة يشعران بحجم أزمة أرض الزمالك ب6 أكتوبر    "تربة خرسانية".. شوبير يفجر مفاجأة بشأن وقف حفر استاد الأهلي    فانتازي يلا كورة.. إقبال على شراء رايندرز والضحية نجم ليفربول    تحمل طفلًا.. الداخلية تكشف تفاصيل فيديو تعدي شخص على سيدة بعصا خشبية    مفاجأة في تحليل المخدرات.. قرار عاجل من النيابة بشأن سائق حادث الشاطبي    الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد بجامعة الأزهر 2026    وزير الثقافة يعلن تفاصيل المؤتمر الوطني "الإبداع في زمن الذكاء الاصطناعي"    بعد إحالتها لمجلس التأديب.. بدرية طلبة مهددة بهذه العقوبات منها الشطب    هل يستجاب دعاء الأم على أولادها وقت الغضب؟.. أمين الفتوى يجيب    الصحة: استقبال 4270 مكالمة على الخط الساخن 105 خلال يوليو الماضي    متصلة: بنت خالتي عايزة تتزوج عرفي وهي متزوجة من شخص آخر.. أمين الفتوى يرد    محافظ شمال سيناء يبحث مع نائب وزير الصحة تعزيز تنفيذ خطة السكان والتنمية    هل يتم دفع ضريبة عند إعادة بيع الذهب؟.. توضيح من الشعبة    «العربية للعلوم » تفتح أبوابها للطلاب بمعرض أخبار اليوم للتعليم العالي    «تربية حلوان» تطرح برنامج معلم اللغة الإنجليزية للمدارس الدولية واللغات    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد المشروع الصيفي للقرآن الكريم بأسوان    لا أستطيع أن أسامح من ظلمنى.. فهل هذا حرام؟ شاهد رد أمين الفتوى    بقيمة 8 ملايين جنيه.. الداخلية توجه ضربات قوية لتجار العملة غير المشروعة    7 عروض أجنبية في الدورة 32 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي    جيش الاحتلال يعلن إصابة جندي بنيران المقاومة شمال غزة    تقرير: رابيو يعرض نفسه على يوفنتوس    جني جودة تحصد 3 ذهبيات ببطولة أفريقيا للأثقال وشمس محمد يفوز في وزن + 86كجم    لو كنت من مواليد برج العقرب استعد لأهم أيام حظك.. تستمر 3 أسابيع    أحمد سعد يتألق في مهرجان الشواطئ بالمغرب.. والجمهور يحتفل بعيد ميلاده (صور)    أحدث ظهور لنادية الجندي بإطلالة صيفية جريئة على البحر (صور)    تخفيضات تصل إلى 50%.. موعد انطلاق معارض أهلًا مدارس 2025- 2026    لجنة الحريات بنقابة الصحفيين تعلن تضامنها مع الزملاء بصحيفة "فيتو" بشأن بيان وزارة النقل    195 عضوًا بمجلس الشيوخ يمثلون 12 حزبًا.. و3 مستقلين يخوضون الإعادة على 5 مقاعد في مواجهة 7 حزبيين    الاتحاد السكندري ل في الجول: تأجيل مكافأة الفوز على الإسماعيلي لما بعد مباراة البنك الأهلي    رغم قرار رحيله.. دوناروما يتدرب مع سان جيرمان    خالد الجندى ب"لعلهم يفقهون": الإسلام لا يقتصر على الأركان الخمسة فقط    جنايات بنها تنظر أولى جلسات محاكمة المتهم بخطف طفلة والتعدى عليها بشبين القناطر    الجيش الروسي يحرر بلدة ألكسندر شولتينو في جمهورية دونيتسك الشعبية    "جهاز الاتصالات" يصدر تقرير نتائج قياسات جودة خدمة شبكات المحمول للربع الثاني    وكيل مجلس النواب: زيارة الرئيس السيسي للسعودية تعكس عمق العلاقات بين البلدين    جولة لرئيس شركة الأقصر لمتابعة العمل بمحطة المياه الغربية.. صور    الجامعة المصرية الصينية تنظم أول مؤتمر دولي متخصص في طب الخيول بمصر    وكيل صحة الإسماعيلية تفاجئ وحدة طب أسرة الشهيد خيرى وتحيل المقصرين للتحقيق    «الصحة»: وفاة شخصين وإصابة 18 في حادث تصادم طريق «الإسكندرية - مطروح»    جامعة أسيوط تعلن مواعيد الكشف الطبي للطلاب الجدد    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة في نهاية تعاملات الخميس    مستخدمًا سلاح أبيض.. زوج ينهي حياة زوجته ويصيب ابنتهما في الدقهلية    في جولة مفاجئة.. عميد طب قصر العيني يطمئن على المرضى ويوجه بدعم الفرق الطبية    مديريات التعليم تنظم ندوات توعية لأولياء الأمور والطلاب حول البكالوريا    مدبولي: نتطلع لجذب صناعات السيارات وتوطين تكنولوجيا تحلية مياه البحر    رفضه لجائزة ملتقى الرواية 2003 أظهر انقسامًا حادًا بين المثقفين والكتَّاب |السنوات الأولى فى حياة الأورفيلى المحتج    الداخلية: تحرير 126 مخالفة للمحال المخالفة لقرار الغلق لترشيد استهلاك الكهرباء    "عيب عليك ده الزمالك جزء من تاريخ بلدك".. أيمن يونس يوجه تصريحات نارية    توسيع الترسانة النووية.. رهان جديد ل زعيم كوريا الشمالية ردًا على مناورات واشنطن وسيول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استلهام الأدباء للشخصيات الحقيقية في الأعمال الإبداعية
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 16 - 08 - 2010

طبيعة الأدب التي يستلهم فيها المؤلف شخصياته من شخصيات حقيقية، تجعلنا جميعا "عرضة" لأن يكتب عنّا أحد الكتاب، لكن الفكرة هي: ماذا سيكتبون؟، وهل سيقولون لنا قبل أن يقوموا بنشر ما كتبوه؟، وما رد فعلنا إذا ما وجدنا أنفسنا، أو بعضا من حياتنا، أو ملامحنا، موجودة في أحد الكتب الأدبية؟
الروائي مكاوي سعيد يحكي لنا في كتابه "مقتنيات وسط البلد"، عن موقف تعرض له، بسبب كتابته عن شخصية أحد أصدقائه، في حلقة من ضمن حلقات الكتاب أسماها "مخ ع الزيرو"، وصف فيها صديقه بأنه يسير مبتسما متألقا بفتوة وبلطجة فاتحا ذراعيه كأن أسفل كل إبط خراجا، ويمشي علي الأرض بخيلاء، مفترضا أنه لا أحد علي وجه الأرض غيره.. وكأن كل كوارث الدنيا التي تحط علي رأسه رسائل بهجة، كما وصفه بأنه تسبب في مصيبة واحدة علي الأقل لكل واحد من أصدقائه ومعارفه.
يقول مكاوي: "قبل أن أنشر هذه الحلقة بجريدة (البديل) قرأتها علي بطلها (هريدي)، وكنت قد استبدلت اسمه الحقيقي وأسميت بطل الحلقة (محمد بسطاوي)...بعد أن انتهيت من القراءة قال لي بدهشة: "هي الحلقة دي عن مين"؟ قلت له: "عنك يا هريدي هي مش عجباك..."! فاجأني بقوله: "مدام عني يبقي تكتب اسمي عليها"، وفعلا هذه من الحلقات المعدودة التي اسم البطل فيها هو اسمه الحقيقي، وبعد نشرها قابله بعض محدودي الموهبة في الأتيلييه، و"سخنوه" بأن يرفع قضية، لكنه - كما أخبرني بعد ذلك- رد عليهم بكل بساطة بأنني الوحيد الذي فهمته صح، ومخ ع الزيرو تعني مخ ملفوف في سوليفان، لم يستهلك مش زي مخكم يا غجر اللي فقد الصلاحية!
"هريدي" أغوي مكاوي سعيد بالكتابة عنه، لما يتميز به من جنون وحب للحياة، فكتب دون أن يخشي من رد فعله، أو رد فعل أي ممن كتب عنهم، مستخدما أسماءهم الحقيقية، لأنه وقبل أن ينشر ما يكتب، يدفع للناس بما كتبه عنهم، ليقرأونه أولا.
وإذا كان مكاوي سعيد قد استأذن "هريدي" قبل قيامه بنشر ما كتبه عنه، فإن الروائي جمال زكي مقار لم يفعل ذلك حينما اضطرته ظروف الكتابة إلي الاستعانة باسمين من أسماء أصدقائه، يحكي مقار قائلا: "أنا فيا حاجة غريبة جدا، اعتبر أن ما أعرفه عن الناس نوع من الأمانة، وأن نشرها والاستفادة منها لا يليق، وبالتالي عمري ما حاولت أستلهم تجربة حياة أحد من الأشخاص الذين أعرفهم معرفة مباشرة، سواء أكانوا هم من ائتمنوني علي أسرارهم، أو كنت قد سمعتها من الخارج، لكن الحقيقة أنني ارتكبت مرة وبالصدفة، هذا الخطأ، فقد يحدث أثناء الكتابة أن أطلق اسما علي أحد الشخصيات مشابها لاسم أحد أصدقائي، وقد حدث ذلك مع صديقين وشعرت أنهما لم يرضيا عن ذلك أو يرتاحا له، وقررت أن تكون تلك آخر مرة، رغم أن الشخصيتين التي استعرت اسم صديقي عليهما لم يكن فيهما أي نوع من السخرية، حتي أنني لم استأذن صديقي قبل نشر الرواية، لأنني وجدت أنني لم أكتب ما يهينهما شخصيا. ولم يستأذن الروائي حمدي أو جليل هو الآخر أي من الشخصيات الحقيقية التي استهلم منها بعض شخصيات رواياته، حتي وإن تدخل بعض الخيال في كتابتها، وهو ما أوقعه في مشاكل دفعت بعضًا ممن كتب عنهم إلي رمي كتابه أوتقطيعه، يقول أبو جليل: "ربما كان الاندفاع أو الفجاجة، هما ما دفعاني للكتابة من حولي، بطريقة جعلتهم يكتشفون أنني كتبت عنهم، ولهذا انزعجوا، خاصة من مجموعة "أسراب النمل".
أبو جليل اعترف أنه طوال عمره يكتب عمن حوله، أقاربه، أصدقائه، زملائه، وأنه دائما ما كان يترقب ردود أفعالهم، وكان في الوقت نفسه يغتاظ إذا ما تضايق أحد مما كتبه عنه، لكنه ومع نضجه في الكتابة الأدبية، تعلم كيف يفعل ذلك بدون أن يثير الناس، بل بالشكل الذي يجعلهم يسعدون بما يكتب كما فعل مع الشاعر الراحل أسامة الدناصوري في رواية أسماها "الأيام العظيمة البلهاء".
والكتابة عن شخصيات حقيقية لدي الروائي إبراهيم أصلان نوعان، نوع يقوم فيه فقط بالاتكاء علي ملمح أو آخر في الشخصيات الموجودة حوله في الحقيقة، مثل طريقة الكلام أو الحركة أو غيرها واستكمالها بالخيال، مما يجعل الشخصية الأدبية تحيا من خلال ردود فعلها داخل النص، وبهذا يبعد عن نقل حقيقة الشخصيات كما هي في الحقيقة إلي الورق فتتحول إلي جثث، ولكن الخيال لم يشفع لأصلان، لأن بعض أقاربه اكتشفوا وجودهم في بعض أعماله، وإن لم يؤد هذا الاكتشاف إلي مشاكل.
أما النوع الآخر، ففيه يعتمد أصلان علي وقائع حقيقية وشخصيات بملامحها الحقيقية وأسمائها الحقيقية، كتلك الشخصيات التي وردت في كتابيه "خلوة الغلبان"، و"شيء من هذا القبيل"، ورغم ذلك لم يخبر أصلان هذه الشخصيات بأنه كتب عنهم، حتي وإن كان ذلك قد أثار بعض حفيظتهم، ولكنه رأي أنه تناولهم من جوانب إنسانية عميقة شفعت له عندهم، وأصلان يري في النهاية أن أي مادة موجودة في الدنيا من حق أي كاتب أن يتناولها، طالما أنه يبعد فيها عن التجريح أو الافتئات.
القاصة سلوي بكر لم يحدث لها مشاكل من هذا النوع، حتي مع قيام بعض أصدقائها من التعرف علي أنفسهم داخل أعمالها، وتقول: "هذا بسبب أنني من الكتاب المحبين لشخوصهم الروائية، وأقدم دائما أسئلتهم عبر الرواية، ولذلك فإن الأصدقاء لا يغضبون، بالعكس يعتبرون أن ذلك شيئا "ظريف" جدا، والحقيقة أنني لا أعطهم فكرة مسبقة عن قيامي باستلهام شخصياتهم الحقيقية داخل الرواية أو القصة، لأن العمل في النهاية لا يتمحور كله حولهم، كما أنه مجرد استلهام، وهو يختلف بالطبع عن فكرة كتابة ما يحدث في الحقيقة، وأذكر أن الشاعر شعبان يوسف حكي لي حكاية تخص بعض عمال اليومية فاستلهمت بعضًا منها في إحدي قصصي.
لم يحدث مع الروائي سعد القرش أن استلهم شخصية روائية من أحد أصدقائه أو معارفه، لكنه علي ما يبدو مهموم بذلك الموضوع علي المستوي الشخصي، فيقول: "في الفترة الأخيرة ألاحظ أن البعض يتجه نحو الاستسهال في الكتابة عن طريق تناول تجارب يسهل لأصدقائهم أن يكتشفوا أنها تكاد تكون جزءا من سيرة حياة الكتاب الذاتية، أو جزءا من حياة أصدقائه، حتي أن القارئ يستطيع أن يضع يده علي أحد شخصيات العمل الأدبي ويقول: هذا فلان وهذه فلانة، أي أن هذه الكتابة السهلة تحيل القارئ للشخص الأصلي، مما يجعل الأدب يخرج من كونه فنا ليكون نوعا من كتابة التلاسن، مثل الكتابة عن بعض السياسيين أو الرموز والمشاهير حتي ولو لم تذكر أسماؤهم الحقيقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.