محسن طالب الماجستير في كلية الفنون الجميلة يبحث في أعمال مختار مشروع رسالته فلا يجد طريقاً أقرب لإيجاد ضالته إلا الذهاب إلي أعمال مختار ليحادثها فيظهر له مختار وكأنه الروح الساكنة في هذه الأحجار ويقيمان حواراً تخيلياً عن فترة توهج نجم مختار في سماء باريس عام 1920 بمشروعه الموازي للمتغيرات السياسية في هذه الحقبة الزمنية وهو تمثال نهضة مصر والذي استحق عنه مختار الجائزة الذهبية لصالون باريس وسط عمالقة الفن في أوروبا في هذا الوقت ثم يذهب بنا إلي القرية التي ولد بها مختار لنري ما وصل إليه ريفنا والفلاحة المصرية التي أخذت معها الخبز من المدينة بعد أن كانت تصنعه في بيتها، وهي نفس الفلاحة التي تفرنجت وتلبستها قشور المظاهر في المدينة ليطرح علينا تساؤلات هل هي حقاً الفلاحة التي رآها مختار؟ وما رأيه لو كان بيننا الآن هل كان سينحتها بجلال «حاملات الجرار» و«رياح الخماسين»؟ ثم نفيق في نهاية الفيلم عندما يصل الباحث إلي القرية ويسأل أحد الفلاحين الذي انتهي فور من محادثة علي المحمول.. «هي دي بلد مختار».. فيجيب محاولاً التذكر مختار مين.. هذه هي خلاصة الرؤية التسجيلية التي تقدمها المخرجة أسماء إبراهيم في فيلمها الثالث «مختار.. رؤية».. روزاليوسف التقت المخرجة وطرحت عليها سؤال: لماذا مختار؟ فأجابت قائلة: ولم لا وهو الذي شكل وجداني ووجدانك ووجدان أبي وابني وأجيال قادمة مختار جين مصري في الخريطة الوراثية المصرية أعلن عن نفسه بوضوح وبساطة لم يقطع الصلة بجده علي العكس كان باراً به حلف بترابه واستلهمه في تماثيله وفي نفس الوقت لم يتاجر به من منطلق استشراقي أن هذا الفن قد يعجب الأجانب فلنمارسه بل كان مؤمناً بجده النحات الذي ترك تاريخ مصر في تماثيله دون زيف، أحب مختار الفرعونية لوجه الله والفن وأكمل الموروث بمنتهي الصدق والأمانة. وأضافت: تناولنا مختار برؤية مختلفة بعيداً عن المتاح من سيرته الذاتية والتي من السهل معرفتها والحصول عليها، ما تبقي من مختار هو ما يهمنا وهذا لإحساسنا بأننا بحاجة له في عصرنا في ظل التنميط الثقافي والعولمة والتغريب، كنا معنيين بالتوقف عند صالون باريس 1920 والذي قدم فيه مختار نموذجاً لتمثال نهضة مصر، فلو كان هناك خط روائي في حياة مختار سيكون ذروته هذا الحدث بتداعياته، ربما لاستحضارنا النهضة التي حدثت وقتها والتي نحن بأمس الحاجة لها في وقتنا هذا فرأيت أن فكرة حث الهمة وشحذها أو أي شيء يجعل المصري منا يستشعر بقيمته دون «شيفونية» وعن استخدام فنانين تشكيليين في التمثيل قالت: بالنسبة لشخصية مختار، كنت معنية في المقام الأول بالتشابه الشكلي بالأساس وبالفعل تابعت مكاتب «الريجيسير» وشاهدت ممثلين كثر لكن الشبه كان بعيداً، فكانت صدفة أن النحات محمد اللبان يشبهه وهو أحد معجبيه وفي نفس الوقت هو ابن لمختار بشكل أو بآخر وإن كان بينهم أجيال، أما بالنسبة لباحث الماجستير أو المصري الذي يملك تساؤلات ما وجدتها مناسبة لفنان هو تشكيلي أيضاً لأني كنت في حاجة لطالب ماجستير بالفعل وفي نفس الوقت يكون ابن عصره وملامحه تقول ذلك، وبما أني مع التجريب فلم لا نجتمع كمجموعة تحب مختار وعلي وصلة ما به. أما عن الإنتاج فهو إنتاج عادي جدا إنتاج التليفزيون المصري وفي ظل الإمكانيات المتاحة والمعقولة ولن أقول المتدنية، لكن النظرة العامة للتسجيلية «خد كاميرا واتصرف» ونحن كتسجيليين نفسنا طويل وبنحاول.. وأنا هنا أدين بالفضل للفنان عبدالرحمن البرجي الذي قدم لي نماذج عن منحوتات مختار التي لم تكن مجرد محاكاة لشغل مختار بقدر ما كانت استلهام لروحه وهذا ما فعله أيضاً الموسيقي الرائع وائل عوض في استلهام روح «عطشان يا صبايا» وأيضا رحاب رفعت في استلهامها للملابس والإكسسوارات ودور مدير الإضاءة أحمد درويش والمونتير محمد سامي الذي علي حداثة سنه قدم لي إحساساً جميلاً وناعماً يليق بمختار وأعماله. بعد مختار أحلم بفيلم «أيام السيد علي» وهذا الفيلم حلقة في مشروعي المعني بالهوية المصرية الذي قدمته من فيلم «كريستين عبقرية مكان» عن أول معيدة مسيحية في قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية وتلاه فيلم عن محافظة الشرقية ثم مختار باعث نهضة مصر وأتمني أن أرصد في فيلم «أيام السيد علي» رحلة الجنيه المصري ميلاده وشبابه وكهولته إلي أن أصبح جنيهاً معدنياً شايل وجه توت عنخ آمون.