الحكومة: 22.2 مليار جنيه استثمارات مشروعات برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر    بايدن: أعتقد أن بعض الرهائن الأمريكيين مع حماس لا يزالون على قيد الحياة    السفير حسام زكي: لا مخرج من الوضع الاقليمي المتوتر إلّا من خلال تفعيل الآليات المتفق عليها    بعد التوقيع مع مبابي.. ريال مدريد يفاجئ مهاجمه    وفاة طبيعية.. تفاصيل العثور على جثة مسن داخل شقته في الهرم    «اتمنى الهدايا بتاعتى تكون بتوصل»..محمد محمود عبدالعزيز يحيي ذكرى ميلاد والده    مدير "صحة شمال سيناء" يتفقد مستشفى نخل المركزي بوسط سيناء    الكشف عن الكرة الجديدة للدورى الإسبانى فى الموسم المقبل    البورصة المصرية.. صعود المؤشر الرئيسى بنسبة 0.52% بختام جلسة الثلاثاء    ليس جريليش.. نجم مانشستر سيتي على رادار مدريد    بفرمان من فليك.. برشلونة يحسم مصير بيدري وأراوخو في الصيف    جوزيبي ماروتا رئيسًا جديدًا لإنتر ميلان    حزب مصر أكتوبر: الأمن القومي مهمة أساسية على أجندة الحكومة الجديدة    القبض على 11 تاجر مخدرات خلال حملات في 4 محافظات    تأجيل محاكمة متهم بأحداث الدفاع لجلسة 24 يونيو    اختلال عجلة القيادة.. تفاصيل إصابة 9 أشخاص في انقلاب ميكروباص بالجيزة    منظومة عمل شاملة لخدمة الحجاج على مدار الساعة.. صور    طرح البطاطس ب 5 جنيهات للكيلو بمعرض خير مزارعنا لأهالينا فى الدقى    خالد صلاح يخوض تجربة الكتابة التلفزيونية بمسلسل "سيد الناس" مع عمرو سعد ومحمد سامي رمضان 2025    القاهرة الإخبارية: مجلس الحرب الإسرائيلى يجتمع لبحث أوضاع الجبهة اللبنانية    وزارة الثقافة تحتفل باليوم العالمي للبيئة بسلسلة من الفعاليات    التفاصيل الكاملة لطلب وزيرا الأمن القومي والمالية الإسرائيليان بحرق لبنان وإعادته للعصر الحجري    لبحث تبادل الخبرات، عقد جلسة للأمانة الفنية للمجلس الإقليمي للصحة بكفر الشيخ    جامعة سوهاج تتسلم أرض مستشفى الحروق.. صور    ترقية 20 عضوًا بهيئة التدريس وتعيين 8 مدرسين بجامعة طنطا    أول رد من الإفتاء على إعلانات ذبح الأضاحي والعقائق في دول إفريقية    الأعمال المستحبة في العشر الأوائل من شهر ذي الحجة وأفضل الأدعية    بحوث الإلكترونيات يوقّع بروتوكول تعاون مشترك مع «سمارت سيستمز» للتحكم الآلي    تعليمات عاجلة من التعليم لطلاب الثانوية العامة 2024 (مستند)    ضياء السيد: النني مظلوم إعلاميًا.. وأتمنى انضمامه إلى الأهلي    قبل عيد الأضحى.. طرق تحضير الكبدة البلدي مثل المطاعم    محافظ القليوبية يناقش طلبات استغلال أماكن الانتظار بعددٍ من الشوارع    مصرع شخص في حريق ب«معلف مواشي» بالقليوبية    ضبط 14 طن دقيق مدعم قبل بيعها فى السوق السوداء    هل التغييرات الحكومية ستؤثر على المشروعات الصحية؟ وزير أسبق يجيب ل«المصري اليوم»    "تموين الإسكندرية": توفير لحوم طازجة ومجمدة بالمجمعات الاستهلاكية استعدادا للعيد    نائب رئيس "هيئة المجتمعات العمرانية" يتابع سير العمل بالشيخ زايد و6 أكتوبر    محافظ القليوبية يترأس اجتماع اللجنة العليا للإعلانات لبحث طلبات المعلنين وتعظيم الموارد    أخرهم أفشة.. الزمالك يسعى لخطف مطاريد الأهلي «الخمسة»    توقعات برج الحوت على كافة الأصعدة في شهر يونيو 2024 (التفاصيل)    أكرم القصاص ل القناة الأولى: التعديل الوزارى مطروح منذ فترة فى النقاشات    9 أفلام مجانية بقصر السينما ضمن برنامج شهر يونيو    استعدادًا لمجموعة الموت في يورو 2024| إيطاليا يستضيف تركيا وديًا    الخميس.. 40 طلب إحاطة على طاولة «محلية النواب» بحضور محافظ الدقهلية    أمين الفتوى الرؤى والأحلام لا يؤخذ عليها أحكام شرعية    لو هتضحى.. اعرف آخر يوم لحلق الشعر وتقليم الأضافر والحكم الشرعى    100 طفل بملابس الإحرام يطوفون حول مجسم للكعبة في بني سويف (صور وتفاصيل)    بملابس الإحرام، تعليم الأطفال مبادئ الحج بمسجد العزيز بالله في بني سويف (صور)    الخشت يتفقد لجان امتحانات الدراسات العليا بكلية الإعلام    جامعة حلوان تحتفل بحصول كلية التربية الفنية على الاعتماد الأكاديمي    البنتاجون يجدد رفضه لاستخدام كييف للأسلحة الأمريكية بعيدة المدى داخل روسيا    بتكلفة 650 مليون جنيه.. إنشاء وتطوير مستشفى ساحل سليم النموذجى الجديد بسوهاج    وزير العمل يلتقى مدير إدارة "المعايير" ورئيس الحريات النقابية بجنيف    قبول دفعة جديدة من طلاب المدارس الإعدادية الثانوية الرياضية بالقليوبية    إجلاء نحو 800 شخص في الفلبين بسبب ثوران بركان جبل "كانلاون"    سيف جعفر: أتمنى تعاقد الزمالك مع الشيبي.. وشيكابالا من أفضل 3 أساطير في تاريخ النادي    بسبب الحرب الأوكرانية.. واشنطن تفرض عقوبات على شخص و4 كيانات إيرانية    الأمم المتحدة: الظروف المعيشية الصعبة في غزة تؤدي إلى تآكل النسيج الاجتماعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الانغلاق الديني وجنايته علي الدين»
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 28 - 06 - 2010

إن ما يقوم بتقديمه الإعلام الديني للناس الآن من صيغ تحمل في طياتها مادة دينية يعد جناية علي المجتمع بأسره وإفساداً لكل مناحي الحياة فيه، لا أقصد بهذا تعريف الناس بالأحكام الدينية والتشريعات الدينية والقيم الدينية التي تربط الإنسان بربه وتجعل منه فردا صالحا مصلحا في مجتمعه ينفع الناس وينتفع به الناس كما أراد الله لنا من خلال دينه وأحكامه وتشريعاته، إنما أقصد بذلك الأحكام والتشريعات والقيم الدينية المنغلقة علي فهم ديني فئوي طائفي فرزي يحرص علي تقديمه جميع دعاة الدين في الإعلام الديني، ذلك الانغلاق الذي يقول للناس هذا هو الحق وما عداه هو الباطل، هذا هو الهدي وما عداه هو الضلال، هذا هو الإيمان وما عداه هو الكفر والفسوق والعصيان. إن تقديم الدين للناس بهذه الصيغة الانغلاقية هو الجناية بعينها علي الدين وعلي الناس وهو الإفساد الحقيقي لكل مناحي الحياة، وذلك لأن استخدام هذه الصيغة في تقديم الدين للناس تغلق في وجوههم كل أمل أو مخرج حين يحدث التصادم بين ما هو واقعي وما هو ديني فتَسْوَد الدنيا في عيون الناس وتنسد أمامهم كل السبل. هذا وناهيك عن تحول الانغلاق الديني ذاته إلي عقيدة تستشري وتنتشر لتشمل كل مناحي الحياة غير الدينية الأخري.
إن الانغلاق الديني بأوضح صوره والذي يمثله الإعلام الديني الآن بكل وسائله هو انكفاء مجموعة من الناس علي فهم معين ومحدد للنص الديني والإبقاء علي ذلك الفهم أبد الدهر، ويصادرون علي حق أي شخص آخر من المساس بفهمهم هذا أو مراجعته أو مناقشته أو حتي إعادة فهم النص من جديد. هذا الانغلاق يعود لأسباب عدة، منها: الخلط المقصود أو غير المقصود بين النص الديني الإلهي في ذاته وبين فهم النص وكيفية تطبيقه وآليات وإمكانيات تطبيقه. ومن أسباب الانغلاق الديني كذلك إضفاء القدسية الإلهية علي فهم النص الديني حيث أصبح فهم هؤلاء المجموعة من الدعاة الدينيين للنص له قداسة كالقداسة الإلهية التي يتمتع بها النص الديني ذاته، فيتم المساواة بين كلام الله وبين كلام البشر الذين يقومون علي فهم النص الديني، فحين يتكلمون في الدين يوهمون الجماهير أن كلامهم هذا هو كلام الله وأن فهمهم هذا هو مقصد الله وهو عين ما يريده الله حتي ولو كان ما فهمه هؤلاء ليس صوابا، وبالتالي يصبح من يريد أو من يطالب بمراجعة فهم النص الديني التقليدي أو مناقشته أو إعادة فهمه من جديد كمن يريد مناقشة ومراجعة النص الديني ذاته. فيتَّهم من يريد فعل ذلك أو من يطالب به أو من يقوم علي فعله يتهم بأنه يطعن في النص الإلهي ذاته وأنه يريد أن يعدل كلام الله أو يغير كلام الله أو يراجع كلام الله، وهي تهمة تَسِمُ من يتَّهَم بها بالكفر والردة والمروق من الدين.
وأضرب مثلا لتقريب الفهم بحكم إباحة الكفر في حالة الإكراه، ففي سورة النحل آية تقول: (مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ) (106 النحل) هذا النص يبيح للمًكْرَه بضم الميم وفتح الراء في حال أكره علي قول الكفر أو فعل الكفر أن يقول الكفر أو يفعل الكفر طالما أنه في حال الإكراه، وقد وردت أقوال كثيرة للفقهاء تعبر عن مدي اختلاف فهمهم لهذا النص، فمنهم من قال لا يعد الإكراه إكراها إلا إذا كان تهديداً بالقتل، ومنهم من قال بل الإكراه يكون بالضرب دون القتل، ومنهم من قال الإكراه يكون بمجرد التخويف، وغيرها من الأقوال، ومنهم من قال الإكراه يكون علي قول الكفر فقط ولا إكراه في فعل الكفر، بمعني من تم تهديده بالقتل علي قول الكفر فليقل الكفر وينجو من القتل، أما من أكره علي فعل الكفر كأن يكره علي السجود لصنم مثلا فلا يسجد حتي ولو قتلوه، إذ لا إكراه في فعل الكفر حسب فهم بعض الفقهاء، وغيرها كثير وكثير من الأقوال التي قيلت في تفسير ماهية الإكراه وتفسير ماهية الكفر الذي يكون فيه الإكراه، فنجد التيارات الدينية المختلفة يقف كل تيار منها عند فهم بعينه من هذه المفاهيم المختلفة لهذا النص وينغلق عليه وينعزل بنفسه وأتباعه عن التيارات الأخري ويكون له مبادئه الخاصة به وفهمه الخاص به ويعد كل من يخالفه في فهمه للدين عاصيا أو مبتدعا أو كافرا خارجا عن دائرة الدين، ثم يقوم كل تيار من تلك التيارات بإضفاء صفة القدسية الإلهية علي فهمه هو أو ما اختاره من فهم للدين، بحيث يوهم الجموع والجماهير من السذج وعديمي الفكر والثقافة الدينية بأن فهم هذا التيار للدين هو الدين الحق والصواب بعينه ومخالفته وعدم الالتزام بذلك الفهم هو مخالفة للدين ذاته وخروج علي الدين ذاته ثم يرْمَي بالكفر والزندقة.
وللقارئ أيا كان دينه أو معتقده أن يقيس هذا المثل الذي سقته علي كل نصوص الدين وأحكامه وتشريعاته، فلكل نص ديني ولكل حكم ديني ولكل تشريع ديني العديد من المفاهيم التي تخالف بعضها بعضا، وهذا لا يعني أن النص ليس له فهم محدد أو أن النص من العسير الوقوف علي مقصده الحقيقي، بل للوصول إلي ذلك لابد من اتباع المنهج العلمي في البحث والتفكير والمشاركة الجماعية لكل التيارات وعدم الانغلاق علي فهم بعينه حتي لا يتحول الدين إلي جناية علي الناس وإفساد لحياتهم.
(للحديث بقية)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.