(الحمد لله أننا لسنا أسماكا).. هكذا علق قائلا هذه العبارة عندما كنا نشاهد الأسماك الملونة الكبيرة والصغيرة تسبح في قاع البحر الأحمر بالقرب من سواحل شرم الشيخ.. ومن مميزات القارب ذي القاع الزجاجي أنك تري الأسماك علي طبيعتها، وفي مكانها وبيئتها وفي وسط الشعاب المرجانية وليس في حوض السمك الذي قد نفترض أنه يحد من حركة الأسماك أو يقيدها.. أما عن حالة الزهو الإنساني بأننا لسنا أسماكا فسببها الرئيسي هو أن الأسماك المسكينة تسبح طوال اليوم وتسير ذهابا وإيابا أو في دوائر متوالية بلا هدف ولا طريق ولا خريطة.. طبعا هذا لا يشملنا نحن بني البشر.. فهل فينا من يسير بلا هوادة أو لا يعرف هدفه؟ وهل بيننا من يسير في شكل دائري ولا يصل إلي شيء؟ ومن الأسباب التي تجعلنا أكثر حظا من الأسماك أن عيني كل سمكة تنظران في اتجاهين مختلفين.. فكل منهما كائنة علي ناحية من الرأس الطويل ولا تنظر العينان في اتجاه واحد ولا تتكون صورة واحدة لتراها السمكة.. وبالطبع فإن دخول صورتين إلي عقل السمكة يتسبب في تشويش كبير لها فلا تستطيع التركيز أو تكوين فكرة!! أما الإنسان فله عينان متجاورتان تنظران في اتجاه واحد ومن المفترض أن تتكون صورة واحدة في ذهنه.. أليس كذلك؟ هل بيننا من يري صورا عديدة كالأسماك فلا يستطيع التركيز أو تكوين فكرة واضحة؟ الحمد لله أننا لسنا أسماكا محبوسة في السباحة بالبحر فقط.. فنحن نسبح ونطير ونسير علي الأرض.. ونخترع الطائرات فلا تتفوق علينا الطيور، ونسبح ونغوص بطرق عدة، ونسير علي أقدامنا وبسياراتنا.. والغريب أن الأسماك الحبيسة تعتقد أن عالمها كبير جدا جدا، في حين أننا لا نكتفي بكل عوالمنا ونبحث بعيدا في الفضاء عن عوالم جديدة ربما يهدأ تفكيرنا وتبرد نار تطلعاتنا!! الحمد لله أننا لسنا أسماكا فهي لا تستطيع أن تشم الروائح وتميز بين الكريهة والشهية.. لذا فهي تأكل لتعيش ولا تعيش لتأكل.. والحمد لله أننا لسنا أسماكا فهي شرهة تأكل كبارها الصغار.. هل يوجد بيننا من يرتكب مثل تلك الأفعال الخبيثة الشريرة؟ هل يقوم بني البشر أو بعض منهم بالتهام الصغار وإنهاء حياتهم، أو فرصهم في الحياة؟ هل يطارد بعضهم البعض كما الأسماك؟ الحمد لله أننا لسنا أسماكا لها ألوان خادعة.. فتري السمكة ذات ألوان فضية وزرقاء وذيلها وزعانفها صفراء، وتصلح عارضة أزياء في بيت من بيوت الأزياء العالمية.. ولما تبدي إعجابك بجمالها ورشاقتها وألوانها، تجد أحد العارفين بالأمور يقول لك إنها سمكة سامة، إياك أن تقترب منها أو تأمن لها.. هل يوجد في البشر مثل هذا؟ من يتأنق في ملبسه ومظهره ولكن جوهره سام مميت؟ الحر شديد في شرم الشيخ إذا لم تحترس قد تصاب بضربة شمس.. وضربة الشمس قد تتسبب في أذية كبيرة لدماغك حتي أنك قد تقارن نفسك بالأسماك وقد تقول: الحمد لله أنني لست سمكة!!