يمكن أن نطلق علي الجلسة الأخيرة من الندوة الدولية التي أقامتها لجنة الدراسات الأدبية واللغوية، تحت عنوان "النقد الأدبي والواقع الثقافي"، "دورة محمد غنيمي هلال"، علي مدار ثلاثة أيام، ومائدتها المستديرة، جلسة طرح التساؤلات، التي لا تزال تنتظر من يجيب عنها. فتحت عنوان "النقد والثقافة أسئلة البدايات" طرح الناقد التونسي الدكتور عبد السلام المسدي عدة تساؤلات منها: النقد الأدبي والواقع الثقافي لمن توجه هذا السؤال؟ هل للأديب من حيث أنه مبدع النص، أم للناقد الذي يقرر القيمة الجمالية، أم للمثقف الذي يحمل قيم المجتمع والجماعة؟ وخلص إلي أن الثلاثة معنيون بهذا التساؤل. ورد عليه الشاعر فاروق شوشة الذي أدار الجلسة البحثة ، بمجموعة أخري من الأسئلة منها: هل المعرفة إلغاء، أم أضافة وتجاور؟ هل يلغي منهج مهما كان حداثته منهجاً آخر أقدم وأكثر آصالة؟ هل المناهج تتعامل بمنطق الإلغاء أم بمنطق الإضافة؟ وأكمل الدكتور أحمد درويش في المائدة المستديرة التساؤلات قائلا: كيف تصف حاضر النقد الأدبي في العالم العربي بصفة عامة؟ هل هو واقع يدعو إلي الارتياح أم القلق أم القنوط؟ ما العوامل التي تشكل علي أساسها رأيك؟ هل هي ثقافة الناقد؟ لغة الناقد؟ أخلاقيات النقاد؟ عوامل آخري؟ ما الوسائل التي تقترحها لتحسين راهن النقد الأدبي؟ هل هناك دور محدد يمكن أن تقترحه علي المؤسسات الثقافية والأكاديمية والإعلامية لتحقيق رؤيتك؟ وواصل الدكتور محمد عبد المطلب سلسة الأسئلة النقدية في ورقة بحثية بعنوان "القراءة الثقافية" جاء بها: هل المطروح علي الساحة النقدية نقد ثقافي أم قراءة ثقافية؟ هل القراءة الثقافية هي القراءة المثلي للنص الأدبي؟ القراءة الثقافية أصابها خلل منهجي وقعت فيه حيث بدأت الثقافة للوصول إلي النص، بينما المنهج الصحيح أن تبدا من النص لتكشف أنساقه الثقافية، وهذا الخلل قاد القراءة الثقافية إلي تحميل النص بما في ذهن القارئ لا بما في النص ذاته من جمال، القراءة الصحيحة تحتاج إلي ذاكرة ثقافية عند الناقد والمتلقي. وشدد عبد المطلب علي أن: القراءة الثقافية تركز إلي التراكم الذي يكشف الأعماق والجمال الأنساق الثقافية، وهذا التراكم الثقافي مواز للتراكم النقدي، لذلك من المحاذير إغفال التراكم حتي لا يؤدي إلي استقبال مغلوط للنص يفقده نسقه الثقافي والجمالي. الدكتور محمد علي سلامة طرح ورقة عنوانها "النقد الأدبي والواقع الثقافي تلاحم أم انفصال"، أكد فيها أن النقد الأدبي والواقع الثقافي مر بمراحل بثلاث: المرحلة الأولي تلاحم بين النقد الأدبي والواقع الثقافي في النصف الأول من القرن العشرين، كان النقاد والأدباء هم رواد حركة التنوير مثل دور طة حسين والعقاد، المرحلة الثانية مرحلة ما بين الأربعينيات والسبعينيات، التي شهدت قدرًا من الانصهار بين النقد والواقع الثقافي، المرحلة الثالثة الثمانينيات بدأت بوادر تقلص الدور الذي يلعبة النقد الأدبي واقتصرت علي متابعة الإبداع الأدبي. جاءت كلمات النقاد الذين شاركوا في جلسة المائدة المستديرة بختام المؤتمر التي حملت عنوان "حاضر النقد الأدبي وآفاق المستقبل"، استكمالا للأوراق التي قدمت بالجلسة السابقة عليها، أدار المائدة الدكتور أحمد درويش مقرر لجنة الدراسات الأدبية واللغوية بالمجلس قائلا: خرجنا من فكرة طرح توصيات نهاية المؤتمر، واقترحنا أن ينتهي المؤتمر بتساؤلات مرة آخري، حيث إننا لا نملك عصا سحرية وليس لدينا أجوبة علي أزمة النقد الأدبي. الدكتور السيد فضل أثار أن أزمة النقد عالمية، وأن عزلة الحركة النقدية عن الواقع الثقافي واضحة، والنقد بدأ يأكل نفسه، وقد انغلقنا، الشعراء يتحدون للشعراء، والكتاب للكتاب، وتبادل الأدوار مستمر بين الناقد والروائي، والمؤتمرات مغلقة داخل حدود المؤسسات، تدني مستوي النقد الصحفي. الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة أشار إلي أنه من سنوات نسمع أن النقد في أزمة، ونتحدث عنه كثيراً في مقالاتنا النقية، ويجب أن نطلق علية "اللطم المعاصر"، والجامعات العربية تعد أحد أسباب الأزمة، لأنها أصبحت مدرسة ابتدائية عليا، وأساليب الرسائل الجامعية النقدية والمناهج كلها تدعو لأزمات قادمة. أما الدكتور يوسف بكار الذي ختم جلسة المائدة فوافق علي الانفتاح الواعي علي الاتجاهات الغربية، وأشار إلي أن معظم المتمسكين بالتراث يجهلون التراث، وأتباع المعاصرة لا يعرفون الحداثة.