الحصر العددي لدائرة دمنهور الملغاة بانتخابات النواب بالبحيرة    متحدث الوزراء: الحكومة تحاول تقديم أفضل الخدمات لمحدودي ومتوسطي الدخل وفق الموارد المتاحة    مستشار وزير التموين السابق: الذهب مرشح لتجاوز 7000 جنيه للجرام في 2026    بعد لقاء ترامب وزيلينسكي، ارتفاع أسعار النفط في ظل تصاعد التوتر بالشرق الأوسط    البيت الأبيض: ترامب يلتقي نتنياهو اليوم في مارالاغو بفلوريدا    وزير الإعلام الصومالي: اعتراف إسرائيل بأرض الصومال انتهاك لسيادتنا.. وسنلجأ للأمم المتحدة    الصين تعلن بدء تدريبات بالذخيرة الحية حول جزيرة تايوان    أوصاني بحذف أغانيه.. شحتة كاريكا يكشف اللحظات الأخيرة في حياة الراحل أحمد دقدق    مقتل 16 شخصا في حريق دار مسنين بإندونيسيا    أحمد عبد الله محمود يكشف ملامح شخصيته في «علي كلاي»    وداع موجع في كواليس التصوير... حمزة العيلي يفقد جده والحزن يرافقه في «حكاية نرجس»    هل تتزوج لطيفة في 2026؟.. توقعات «بسنت يوسف» تثير الجدل    عمرو يوسف يكشف تفاصيل صداقته القوية ب عمرو دياب    كوريا الشمالية تجري تجربة إطلاق صاروخ كروز بعيد المدى    بالرقص والهتاف.. احتفالات واسعة في طهطا عقب إعلان فرز اللجان الانتخابية    نتيجة الحصر العددى للأصوات بالدائرة الثامنة دار السلام سوهاج    مباحث العبور تستمع لأقوال شهود العيان لكشف ملابسات حريق مخزن كراتين البيض    كشف ملابسات منشور بشأن إدعاء خطف سيدة بكفر الشيخ    كشف ملابسات تعليق بشأن سرقة دراجة نارية لطفل بدمياط    الدفاع الروسية تعلن إسقاط 21 مسيرة أوكرانية خلال ثلاث ساعات    حسام حسن يستقر على رباعي دفاع منتخب مصر أمام أنجولا    بالأرقام.. نتيجة الحصر العددي للدائرة الأولى بالفيوم في انتخابات مجلس النواب    اليوم، الاجتماع الأخير للجنة الرئيسية لتطوير الإعلام بعد انتهاء مهامها    يحيى حسن: التحولات البسيطة تفكك ألغاز التاريخ بين الواقع والافتراض    فوضى السوشيال ميديا    البوصلة والربان!    سفارة تركيا بالقاهرة تُحيي ذكرى الشاعر الوطني محمد عاكف أرصوي ال89    الفرق بين الحزم والقسوة في التعامل مع الأبناء    النيابة الإدارية تنعى مستشارة لقيت مصرعها أثناء عودتها من الإشراف على الانتخابات    المنيا تبدأ تنفيذ 57 مدرسة جديدة وتخصيص الأراضي ل20 أخرى    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    طفرة غير مسبوقة بالمنيا.. استرداد 24 ألف فدان وإيرادات التقنين تقفز ل2 مليار جنيه    ما هو فضل الدعاء وقت الفجر؟    ترامب: اقتربنا من اتفاق بين روسيا وأوكرانيا بشأن منطقة دونباس    مشروبات تهدئ المعدة بعد الإفراط بالأكل    الداخلية السورية: احتجاجات الساحل نتيجة دعوات انفصالية    وزير الإسكان: تم وجارٍ تنفيذ نحو مليون و960 ألف وحدة سكنية متنوعة    اشتعال المنافسة، كوت ديفوار والكاميرون يكتفيان بالتعادل الإيجابي في أمم أفريقيا 2025    على رأسهم مصر.. 3 منتخبات حسمت تأهلها رسميا بعد الجولة الثانية لمجموعات أمم أفريقيا 2025    أمم إفريقيا – تعرف على جميع مواعيد مباريات الجولة الثالثة    حسم التأهل مبكرًا.. مصر ونيجيريا والجزائر إلى دور ال16 من أمم أفريقيا 2025    طاهر أبو زيد: مكاسب حسام حسن مع المنتخب إنجاز رغم الظروف.. والمرحلة المقبلة أصعب    كأس عاصمة مصر - أحمد عبد الله يدير لقاء الأهلي ضد المقاولون العرب تحكيميا    الجزائر يتصدر المجموعة الخامسة ب6 نقاط ليحسم تأهله رسميا لدور 16 بأمم أفريقيا    منير فخري عبد النور: ضعف المشاركة أبرز سلبيات المشهد الانتخابي الأخير لمجلس النواب    محافظ البحيرة: تطوير مدينة رشيد لتحويلها إلى وجهة سياحية عالمية    BeOn تحصل على استثمار استراتيجي بالدولار لدعم التوسع الإقليمي وتطوير حلول CRM الذكية    مصرع طفلين في تصادم بالفرافرة    الصحة تكشف أبرز خدمات مركز طب الأسنان التخصصي بزهراء مدينة نصر    تفاصيل وفاة مُسن بتوقف عضلة القلب بعد تعرضه لهجوم كلاب ضالة بأحد شوارع بورسعيد    عاجل- رئيس الوزراء يستقبل المدير العام للمركز الأفريقي لمكافحة الأمراض ويؤكد دعم مصر لاستضافة الآلية الأفريقية للشراء الموحد    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    سقوط عنصرين جنائيين لغسل 100 مليون جنيه من تجارة المخدرات    وزارة الداخلية تضبط 4 أشخاص جمعوا بطاقات الناخبين    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلي الجحيم أيها المترجم
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 18 - 06 - 2010

يقلب لورانس فينوتي في كتابه "اختفاء المترجم.. تاريخ للترجمة" الصادر مؤخرا عن الهيئة العامة للكتاب الهرم التقليدي الذي يجعل النص الأصلي في القمة والترجمة في القاع، يقيم ما يشبه الثورة علي وضع الترجمة الهامشي والمبهم والمزري، والأوصاف للمؤلف، وعلي وضع المترجم المعنوي والمادي وكأنه "كومبارس" يمثل دور الكاتب، لا يمجد النص المراد ترجمته ولا يري الترجمة نسخة غير كافية منه، بل يراه كنص "ترانزيت"، نص غير مستقر، لأنه من وجهة نظره حتي الروائع الكلاسيكية لا تحيا إلا في الترجمة. ويستخلص المترجم الإيطالي الأمريكي روشتته للتخلص من هذا الوضع في التوصية بتدريس الترجمة علي أنها تعطي معلومات عن النص الأصلي وليس باعتبارها تصويرا شفافا له، وأن يتم اعتبارها جزءاً حيوياً من مجالات التاريخ الثقافي وموضوعاً من موضوعات النقد.
يتحدث المؤلف في الكتاب الذي ترجمته سمر طلبة المدرس المساعد في قسم اللغة الإنجليزية بآداب بني سويف وراجعه المترجم القدير د.محمد عناني، عن التغييرات العنيفة أو اللطيفة في لغة الترجمة التي يلجأ إليها عادة المترجم للإيهام بأن ترجمته نسخة شفافة من النص المترجم، وهذا النوع من المترجم هو ما يطلق عليه مصطلح "اختفاء المترجم"، لكن أستاذ الإنجليزية بجامعة تنبل ينحاز في كتابه إلي نوع آخر من المترجم يسميه "المتمرد"، الذي يتحدي قدراته ويخرج من دائرة الأعمال المركزية، ويختار نصا يعد في ثقافة اللغة التي يترجم إليها هامشيا، ويعتمد علي التجريب في ترجمته، وهو ما يسميه ب"الأمانة المسيئة"، ويتمسك فينوتي بنظريته تلك في الترجمة، حتي وإن كانت لها علاقة - كما يعترف هو - بالربط بين المترجم والمبشر! من ناحية أخري يسوق فينوتي مثالا بترجمة ريتشارد بيرتون ل"ألف ليلة وليلة" 1885، لتوضيح ما للترجمة من أثر أخلاقي، ويتجلي هذا في وصف إدوارد سعيد لترجمة بيرتون بأنها "سجل للاستشراق بكل معانيه وتجلياته"، والمؤلف إذ يتناول ترجمة هذا النص التراثي الجدلي إلي الإنجليزية لأول مرة، يحاول الوقوف علي الظروف والأحوال التي تحيط بالمترجم والتي يحاول إخفاءها في ترجمته، فلا تبدو أنه وقع في مأزق ما أو عاقه عارض، وقد كان الأمر في أشد حالات تعقيده عند ترجمة "الليالي"، فقد واجه بيرتون نفسه انتقادات من إنجلترا الفيكتورية علي الكم الهائل من الجرأة الفاضحة في الترجمة التي اختارها بيرتون أن تكون أمينة وغير مهذبة علي الإطلاق، علي عكس ما جاءت عليه ترجمة إدوارد سعيد نفسه ل"الليالي".
إلا أنه بصفة عامة من وجهة نظر فينوتي، فإن التوجه الأيديولوجي الاستشراقي للمترجم والذي يثير الشكوك، هو في نفس الوقت توجه حميد، يؤكد فعالية ترجمة بيرتون ل"ألف ليلة" في نقض النفاق الأخلاقي، وعليه يري فينوتي أنه "لا ينبغي تجريم ألف ليلة علي أساس أخلاقي لأنها في إشاراتها الجنسية تشبه بواكير الآداب الحديثة التي تقدرها أوروبا جل التقدير".
إن المنهج الذي يعاديه فينوتي في الترجمة هو ببساطة "سهولة الفهم مع الاحتفاظ للنص المترجم بمظهر من المصداقية" أو الترجمة ك"إحلال قسري لنص يفهمه قارئ اللغة المستهدفة"، ويلخص هذا المنهج في مصطلح "التقريب" أو الترجمة التقريبية، ويذهب فينوتي إلي أبعد من ذلك، باستخدامه وصف "عنف الترجمة" التي تصب جُل اهتمامها علي الدقة في التعبير وإن جاء علي حساب محاكاة الشكل والأسلوب، ويغيب معها الانفراد الأسلوبي للكاتب الذي يترجم له، ومن ثم كما يشرح فينوتي تختزل مهمة الترجمة في مجرد "التوصيل" وحسب، وتصبح نصا من الدرجة الثانية، ونموذجاً مقلداً، وربما زائفاً، "الترجمة كمشروع اغتصاب" أو"إفضاء بنص أجنبي" كما يصدمنا فينوتي.
وفي المقابل يؤمن فينوتي ب"التغريب" في الترجمة، وتتجلي في أن يضفي مترجم شكسبير إلي الإيطالية مثلا مسحة "طلياني" علي أبطاله بحيث تصبح الترجمة قريبة من خيال القارئ الإيطالي، وهذا المذهب يعارضه تماما الدكتور عناني علي اعتبار أنه يصلح للترجمة بين اللغات الأوروبية التي تنتمي بصفة عامة إلي ثقافة متجانسة، أما هو فينحاز إلي الترجمة الأمينة الشفافة، ويقول دائما عن مشروعه في ترجمة أعمال شكسبير "سأظهره وكأنه كتب بالعربية أصلا".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.