أشعر بالحزن والأسي عندما أجد أفرادًا أو أحزابًا معارضة تبيت افتراض سوء النية في الدولة والمسئولين ويعينها علي ذلك بعض الصحف والفضائيات الخاصة التي كثيرًا ما تقلب الحقائق رأسًا علي عقب وتكيفها وفق أهواء وأجندات موضوعة بأهداف لا تمت إلي مصلحة الدولة بأي صلة تذكر اللهم في الشكل الظاهري فقط الذي يخدع المتابعين لهذه الصحف والمشاهدين لتلك الفضائيات. فسوء النية المبيت بدا جليا عندما أعلنت الدولة عن مد العمل بقانون الطوارئ لمدة عامين قادمين رغم أنها أعلنت أيضًا إلغاء تطبيقه علي كل المجالات باستثناء الإرهاب والمخدرات فقط وأنا أتساءل هنا لمصلحة من المطالبة بعدم تطبيق قانون الطوارئ والقوانين الرادعة علي الإرهاب والمخدرات التي بلغت العقوبات فيهما إلي درجة الإعدام في بعض الدول؟ ولا ينبغي هنا أن نلقي بالا إلي من يقولون أن الدولة تمد قانون الطوارئ لمواجهة الجماعات غير الشرعية حيث لو كانت الدولة تفكر بهذا المنطق لكان بوسعنا أن نري تطبيقا آخر لهذا القانون بخلاف الذي عهدناه في السنوات الماضية والتي طبق خلالها علي الإرهابيين وتجار المخدرات وإن كنت أري أنه يجب أن يطبق أيضًا علي الإرهاب الفكري الذي نتعرض له كمجتمع ولكن الأكيد فإن حالة الطوارئ لا تطبق إلا علي الإرهاب المسلح. وفي إيطاليا كان هناك في فترة ما جماعة مسلحة تطلق علي نفسها اسم «الألوية الحمراء» ترتكب جرائم القتل سواء كانت سياسية أو غير ذلك وكذلك كانت هناك عصابة «بادا ماينهوف» الألمانية المتخصصة في اغتيال رجال الأعمال والسياسيين وكل من يخالف الفكر الشيوعي رغم أن ألمانيا «الشيوعية» كانت ترفض دخولهم إليها بسبب تطرفهم الفكري غير القابل للتعديل وأنا شخصيًا كنت في فترة ما متطرفا إلي جانب العدالة وأغالي بشكل كبير في حبي للحركات اليسارية واعترف بهذا التعاطف الذي استمر إلي أن شاهدت المتطرفين في ألمانيا يضربون أفراد الأمن فأدركت وقتها أنه يجب أن تكون هناك إجراءات أكثر ردعا لكل من تسول له نفسه مواجهة الشرعية بالسلاح. وعلي أثر هذه الوقائع سنت ألمانيا قانون الطوارئ الخاص بها لردع هذا التطرف والتعامل معه بكل حزم معه ولا يمكن أن أقتنع أن ألمانيا بكل ديمقراطيتها تغفل حق المواطن في التعبير عن الرأي والحياة بتحرر وحرية كما يقال الآن في مصر حول تقليل قانون الطوارئ من مساحة الحرية واعتقد أن الأمر لا علاقة له بالحريات الدليل علي ذلك أنه مع وجود عقوبات رادعة لجرائم القتل فإن ذلك لم يمنع من ارتكاب هذه الجرائم وبصور بشعة ومع ذلك لا يمكن أن يحكم علي تلك القوانين بالفشل لأننا لا نعلم ماذا كان يمكن أن يحدث لولا وجود هذه القوانين والشيء بالشيء يذكر في قانون الطوارئ فمن أدرانا ماذا سيحدث لو ألغي هذا القانون كلية واطمأن الإرهابيون وتجار المخدرات.. أعتقد أن ذلك من شأنه أن يهدم دولا وليس دولة واحدة.