عادت شهرزاد تحكي حكاياتها من جديد بعد أن صدرت طبعة ثانية من "ألف ليلة وليلة" في ألفي نسخة تقريبا مزيلة بأحكام القضاء بعدم المصادرة، لكن الضجة المثارة حول الكتاب التراثي لم تتوقف حتي بين الشباب من غير المهتمين بالقراءة. قد يكون البعض قد قرأ "ألف ليلة" من قبل، وفي طبعات أكثر تحررا من طبعة قصور الثقافة، لكن ما حدث مع طبعة الهيئة دفع الكثيرين للبحث عنها ومحاولة الحصول عليها، فهذا يتحدث إلي صديقه الذي يعمل بالهيئة، وآخر يطلب من بائع الصحف أن يحجز له نسخة إذا نزلت للأسواق، الكل كان يبحث عن "ألف ليلة.." خلال الأيام الماضية، بعد أن نفدت طبعتها الأولي خلال 48 ساعة من صدورها حسب تصريحات المسئولين في الهيئة، وخلال نصف ساعة بحسب البائع في منفذ الهيئة الذي قال: "جت الكتب قدامي من هنا وخلصت في أقل من نصف ساعة"، وعندما سألت بائعا علي سور الأزبكية عن طبعة قصور الثقافة من "ألف ليلة"، قال لي: لو تهمك اعتبرها موجودة، وعندما سألته عن السعر، ذكر لي ثلاثة أضعاف ثمنها الأصلي، معتبرا أن ذلك مجاملة "عشان أنا زبون كويس". تذكرت حالة التلهف علي اقتناء"ألف ليلة" عندما أعلن الدكتور أحمد مجاهد عن إصدار الطبعة الثانية، وعلي مقهي مجاور ل"روزاليوسف" جسد هذه الحالة من التأهب صديق لايحب القراءة حيث قال :"مش هروح إلا لما اشتري نسخة"، وفي اليوم التالي أخبرني أنه اشتراها فعلا من بائع الصحف، ولكن بعشرة جنيهات للجزء بدلا من 6 جنيهات وهو سعرها الأصلي. الغريب أنني تعرضت للموقف نفسه في اليوم التالي، بعد أن حاولت التأكد مما قاله الصديق، فذهبت إلي نفس البائع، وقال لي عندما أبديت استنكاري من السعر الجديد: "والله يا أستاذ أنا اشتريتها من الهيئة بتمانية جنيه، أنت عارف يا أستاذ أنها مطلوبة وسعرها في العالي، ولو مش عاوز خلاص"، لكن لأن وجود النسخة في ذلك الوقت بمثابة العثور علي كنز سوف تدفع المبلغ الذي يطلبه منك البائع وتشكره، ونتساءل هل تمارس الهيئة العامة لقصور الثقافة أي دور رقابي علي منافذ البيع، هل تعلم الهيئة كم من النسخ تخرج من منافذها إلي باعة سور الازبيكة وغيرهم؟. فيما مضي كان بعض المؤلفين أو دور النشر الخاصة تحديدا التي تريد أن تروج لنفسها، إما أن تصدر كتابا تعلم أنه سيتم مصادرته، أو تطلق الشائعات حول كتابها الجديد، فيظل القراء في انتظار صدور الكتاب، أو في حالة بحث عنه إذا كان مصادرا، ويدفع أي ثمن يطلب منه، وفي النهاية المستفيد من الأمر هم " تجار الكتب" الذين يدركون حدود اللعبة جديدا، بل هم من محترفيها، وفي حالة ألف ليلة وليلة لا الناشر في حاجة إلي الترويج لنفسه، ولا العمل، ولا المؤلف لأنه غير معروف، ويبقي السؤال لمصلحة من تباع "الليالي" في السوق السوداء.