إذا كنت تعمل طبيبا أو معلما أو موظفا بالسجل المدني أو محاسبا ببنك أو في إدارة المرور أو في أي وظيفة تتعامل فيها مع الناس وتكتب أسماءهم أو تسأل عنها ستري العجب.. فعالم الأسماء مليء بالعجائب والطرائف، منها ما يضحك ومنها ما يبكي.. وقطعا ينبغي ألا تنظر لأي شخص من خلال اسمه أو تصنفه تبعا لهذا الاسم لأنك بذلك قد ترتكب خطأ فادحا. وأول ما لفت نظري لهذا العالم الغريب أستاذ اللغة العربية في مدرستي حين كان يسأل التلاميذ الصغار عن أسمائهم ولما يسمع اسما (أعجميا) أو غير معروف لديه، كان يعلق قائلا: (الاسم مسئولية الآباء تجاه الأبناء).. ولم أكن أفهم جيدا ما يقصد حينها، ولكنني أدركت فيما بعد أن الرجل كان يعني أن اختيار الاسم غير المناسب - من وجهة نظره - ما هو إلا جريمة يعاقب عليها من اختاره وليس من يحمله، أي الآباء وليس الأبناء.. كما كان يعني بقوله هذا أنه ينبغي عليه أن يتعامل مع التلميذ صاحب الاسم بعدل لأن اسمه ليس من اختياره. وهي وجهة نظر بها بعض المنطق لأننا نحمل أسماءنا دون أن نختارها، وبالرغم من أنها أكثر ما يخص كل واحد منا وأبرز ما يميزه إلا أننا لا اختيار لنا فيها، اللهم إلا إذا بدل شخص اسمه.. وهنا ينقسم الناس إلي من يعتز باسمه ويشكر والديه علي اختياره، ومن يستاء من اسمه وتواتيه الشجاعة ليغيره، أو يتقبله ويعيش به غير راض عنه.. لذا تجد الكثيرين من الآباء والأمهات ينشغلون بتسمية الابن أو الابنة بمجرد علمهم بأنهم سيرزقون بطفل.. ومن أشهر المواقع التي تتم زيارتها عبر الانترنت مواقع الأسماء ومعانيها وأصولها اللغوية.. كما أن هناك كتبًا معنية بالأسماء واختيارها أيضًا. ونظرًا لأن الآباء هم الذين يقومون بالاختيار، تكون النتيجة غير مضمونة من ناحيتين: الأولي في رضا الأبناء عن أسمائهم، والثانية في انطباق صفة الاسم علي من سمي به.. فمنذ عدة أعوام كان الطلاب يقدمون أنفسهم في بداية العام الدراسي بالجامعة ووجدتها تقول إن اسمها (مصر).. وسألتها عن سبب الاختيار فقالت إن والدها وطني يحب مصر.. وفي إحدي المحاضرات اللاحقة كان الطلاب يناقشون الهجرة خارج مصر وكانت (مصر) أول من أعلنت رغبتها الواضحة في أي فرصة للخروج من مصر! أما (سندريللا) فكانت أيضًا من المفاجآت التي قابلتها في الجامعة وقد دعتها والدتها بهذا الاسم لأنها كانت تحب قصة سندريللا الفتاة رقيقة الحال التي تزوجت الأمير في نهاية قصة عذابها علي يد زوجة أبيها.. ولكن (سندريللا) الطالبة كانت من عائلة كبيرة ولم تكن تعرف المهانة ولا الذل.. وتعجبت كثيرا من اختيار والدتها لهذا الاسم الذي يعني (الشخص المهمَل من الجميع)! ولا تنتهي طرائف الأسماء بل تحتاج إلي مجلدات لذكرها.. ولكن ارتباط الإنسان باسمه أو استياءه منه هو علامة هامة في توازنه النفسي وعلاقته بالمجتمع في كل مرة يقوم فيها بتقديم نفسه بأول ما يميزه ألا وهو اسمه.. لذا وجب علي الآباء التفكير في ذلك ومراعاة حسن الاختيار من أجل خاطر أبنائهم.