قومى المرأة بالبحر الأحمر تطلق مبادرة معا بالوعي نحميها بمشاركة نائب المحافظ    الرئيس السيسي: طرح أراضي زراعية جاهزة على القطاع الخاص للتملك أو الإيجار    «الإسكان الاجتماعي» يبدأ إتاحة كراسة شروط «سكن لكل المصرين7»    اجتماع أوروبي طارئ لبحث مستقبل الشراكة مع إسرائيل بسبب غزة    52 شهيدا في غزة منذ الفجر.. ومسعفون يجمعون أشلاء الشهداء بأكياس بعد تناثر أجسادهم    مقتل نائب أوكراني سابق مقرب من روسيا بإطلاق نار قرب مدريد    تصعيد دموي جديد في بلوشستان يعمق التوتر بين باكستان والهند    أرقام مذهلة ل مانشستر يونايتد أمام توتنهام قبل نهائي الدوري الأوروبي    ارتكبوا 5 جرائم مشابهة.. حبس عصابة سرقة الدراجات في الشروق    أفلام موسم عيد الفطر السينمائي تحقق 217 مليون و547 ألف جنيه في 7 أسابيع عرض    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد الأعمال النهائية بمستشفى التل الكبير المركزي    محافظ القليوبية يَشهد إحتفالية ختام الأنشطة التربوية بمدرسة السلام ببنها    تحرير 151 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    «الحماية المدنية» بالفيوم تنجح فى إنقاذ "قطتين" محتجزتين بأحد العقارات    «بنها الأهلية» : إعداد كوادر شبابية قادرة على قيادة المستقبل    أول تعليق من مها الصغير بعد إعلان انفصالها عن أحمد السقا    بعثة بيراميدز تطير إلى جنوب إفريقيا استعدادا لمواجهة صن داونز في دوري أبطال إفريقيا    مباحث تموين المنوفية تضبط كيانات مخالفة لإنتاج وتوزيع منتجات غذائية    الرئيس السيسى ل الحكومة: ليه ميتعملش مصنع لإنتاج لبن الأطفال في مصر؟    وزير خارجية تركيا: الحرب الروسية الأوكرانية تشهد نقطة تحول على طريق الحل الدبلوماسي    «التضامن الاجتماعي» تشارك في احتفالية «جهود الدولة في تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة» بالنيابة الإدارية    موعد مباراة الزمالك والترجي التونسي في نصف نهائي كأس الكؤوس الأفريقية لكرة اليد    جلسة مرتقبة من مسؤولي الأهلي للتعاقد مع ثنائي البنك.. إعلامي يكشف    «بنسبة 100%».. شوبير يكشف مفاوضات الأهلي مع مدافع سوبر    بوتين في كورسك.. رمزية استعادة الأرض ودور كوريا الشمالية    لمواليد برج الحمل.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من مايو 2025    إي اف چي القابضة تحقق أداء تشغيليا قويا بدعم النمو المستمر لكافة قطاعات الأعمال    تراجع سعر الجنيه الاسترلينى بمنتصف تعاملات اليوم الأربعاء 21-5-2025    أسعار الحديد والأسمنت في السوق المصرية اليوم الأربعاء 21 مايو 2025    خلال 24 ساعة.. ضبط 49941 مخالفة مرورية متنوعة    ضبط شركة سياحية غير مرخصة بتهمة النصب والاحتيال على المواطنين    قبل أيام من حلوله.. تعرف على أبرز استعدادات السكة الحديد ل عيد الأضحى 2025    «كمموا فاه بقفازات ولاصق».. الجنايات تستكمل محاكمة 4 متهمين ب«قتل طبيب التجمع» اليوم    نائب وزير الإسكان يتفقد مصنع "شين شينج" الصيني لمواسير الدكتايل    "هندسة بني سويف الأهلية" تنظم زيارة لمركز تدريب محطة إنتاج الكهرباء بالكريمات    «حبة الكرز».. كيف علق جوارديولا على إهدار دي بروين لأسيست مرموش أمام بورنموث؟    تثبيت دعائم الاستقرار    بعد زواج 26 عاماً.. أحمد السقا يعلن انفصاله عن مها الصغير    وزير الثقافة يستقبل ولي عهد الفجيرة لبحث آليات التعاون الثقافي وصون التراث ويصطحبه في جولة بدار الكتب بباب الخلق    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    فتاوى الحج.. دليلك في حالة المرض    الرئيس السيسى يشهد فيلما تسجيليا عن جهود الدولة فى زيادة الرقعة الزراعية    اليوم العالمي للشاي.. قصة اكتشافه وأساطير متعلقة به في الثقافة الصينية    استخراج جسم معدني خطير من جمجمة طفل دون مضاعفات بمستشفى الفيوم الجامعي    محافظ أسيوط يتفقد مدرسة النيل الإعدادية ويكرم المتفوقين رياضيًا – صور    بالصور- محافظ أسيوط ينقل مريضة بسيارته الخاصة لاستكمال علاجها    هل يجوز سفر المرأة للحج بدون مَحْرَم؟..الأزهر للفتوى يجيب    محمود الخطيب يرد على تساؤلات من أين يأتي الأهلي بأمواله؟    أحمد سيد زيزو في جلسة تصوير برومو مع الأهلي    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    مقتل رقيب إسرائيلي من الكتيبة ال82 خلال معارك في غزة    المستشار محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية اجتهاد وليس كتابا مقدسا.. لا شيء في العالم عليه إجماع    ملحن آخر أغنيات السندريلا يفجّر مفاجأة عن زواج سعاد حسني وعبدالحليم حافظ سرا    الإيجار القديم.. محمود فوزي: الملاك استردوا استثماراتهم.. الشقة كانت تُباع بألف وتُؤجر ب15 جنيهًا    رئيس الجامعة الفرنسية ل"مصراوي": نقدم منحا دراسية للطلاب المصريين تصل إلى 100% (حوار)    بمكونات سهلة وسريعة.. طريقة عمل الباستا فلورا للشيف نادية السيد    «منصة موحدة وكوتا شبابية».. ندوة حزبية تبحث تمكين الشباب وسط تحديات إقليمية ملتهبة    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الغضب».. غياب بطعم الحضور.. وحضور يُشفي من الغياب!

تعامل فيلم (personal effects) أو كما عرض تجاريًا في إحدي الصالات المصرية تحت عنوان (الغضب) مع منطقة المشاعر والأحاسيس الإنسانية فأبدع وأمتع. الفيلم أمريكي كتب له السيناريو وأخرجه «ديفيد هولاندر» ولكنه عمل مختلف يذكرك علي نحو ما بالأفلام الأوروبية وتحديدًا الفرنسية التي تقدم لمسات وتحليلات تهز المشاعر للعواطف وللانفعالات، والصعوبة هنا أن الفيلم - الذي يبدو كمشهد واحد طويل متصل - يتعامل مع إحساسين معقَّدين ومرتبطين ولكنه ينجح في نقلهما بامتياز: الأول هو الشعور بالفقد عندما يغيّب الموت شخصًا عزيزًا فيتحول العالم إلي فراغ، والثاني هو الإحساس بالحب الذي يحوّل العالم إلي أطياف مُلَّونة. الفقد والحب هما وجهان لعملة واحدة، والفيلم يقدِّمهما بهذا المعني من خلال تفصيلات غاية في الدقة والعذوبة، ربما كادت مشاهد ما قبل النهاية أن تدمِّر كل شيء، ولكننا عدنا أخيرًا إلي شاطئ السلامة لنستمتع بأحد أجمل وأرق أفلام العام الأجنبية، وليستمر الجدل بين فقدان الحياة واستعادتها من جديد من خلال الحب.
ولأن الفيلم يعتمد بشكل كامل علي تلك اللمسات، فإن هناك صعوبة حقيقية في أن تقدم عنه للقارئ صورة متكاملة، علي سبيل المثال: يمكن أن تتحدث عن بطلة الفيلم - وهي سيدة في منتصف العمر، ويمكن أن تنقل كلمات دعوتها لبطل الفيلم - وهو شاب في الرابعة والعشرين من عمره، لكي يحضر معها مناسبة أحد حفلات الزفاف، ولكن ما لا تستطيع أن تنقله تعبيرات وجهها وتعبيرات وجهه. كلماتهما تقول إن حضورهما الحفل نوعٌ من العمل، ولكن الوجوه تقول إنهما كاذبان. هذا فقط مجرد نموذج للطريقة التي تعامل بها السيناريست المخرج في موضوعه، وقد نجح تمامًا في توظيف اللقطة الكبيرة المقرَّبة لإشباع لحظاته الإنسانية في كثير من المشاهد، وانطلق الممثلون ليعبِّروا ليس فقط عن المعاني المباشرة، ولكن عن المعاني العميقة، فأضافوا وتوحَّدوا مع شخصياتهم، ووصل إلينا كل شيء لأن ما يصدر من القلب يصل إلي القلب.
ثنائية الفقد والحب موجودة عند بطلي الفيلم: «ليندا» (ميشيل فايفر) التي قتل زوجها «لاري» بالرصاص، والتي تعاني من صدمة ابنها المراهق البدين «كلاي» - وهو الأصمّ الأبكم - من هول الحادث، والاثنان ينتظران حكم القضاء علي القاتل، «ليندا» - كما ستقول عن نفسها - تعودت علي الانتظار طوال حياتها، ومشاعرها تجاه زوجها الراحل لا تخرج إلاّ في صورة دموع أثناء حضورها حفلات الزفاف التي تعمل في مجال تنظيمها لحساب إحدي الجمعيات. علي الجانب الآخر، يعاني «والتر» «آشتون كوتشنر» من قصة أخته الوحيدة «آني» التي قتلت في إحدي الحانات. شاب عملاق يمارس المصارعة وتفوق فيها لينضم إلي المنتخب، ويعمل في الترويج لمبيعات أحد محلات الدجاج، حيث يرتدي بدلة صفراء علي هيئة دجاجة، ويعرض علي المارة تجربة أصناف الطعام ليتلقي عبارات السباب.
لكن كل شيء تغير بعد مصرع أخته. أصبح جزء كبير من وقته يقضيه في المحكمة يستمع إلي محامي المتهم بقتل أخته يصفها بالعاهرة، يعود إلي المنزل ليرعي ابنة أخته الصغيرة ويحاول تعويضها. ويتعامل مع أمه العجوز بأقل قدر من الكلمات، الأم تحاول أن تخرجه من حالته وتدِّعي التماسك، ولكننا سنكتشف كم هي هشَّة وضعيفة عندما تنهار وهي تبيع أسطوانات الابنة الراحلة، وتحاول استردادها بعد أن دفع المشتري نقوده. ومرة أخري، لا يمكن وصف هذه المشاهد، وإنما لابد أن تراها لتصلك هذه المشاعر النبيلة.
في المحكمة وفي جلسات الفضفضة النفسية تلتقي «ليندا» مع الشاب المصارع الخجول الذي لا يشرب ولا يرقص ولا يدخن، والذي تصفه هي - فيما بعد - بأنه «دجاجة حزينة»، ولأنها تنظم حفلات الزفاف ستدعوه لمرافقتها لمجرد أن يسيطر عليها عندما تبكي إذ تتذكر زوجها الراحل، ولأنه يلاحظ معاناة ابنها وسوء تكيفه مع ظروفه النفسية، فإنه يتبني فكرة أن يجعله يتدرب معه علي المصارعة.
الحب يبدو هنا كما لو كان الدواء الوحيد المتاح لتعويض الاحساس بالفقد والغياب، رغم أنه تعويض غير كامل.
الحب سينمو «رغم فارق السن - بين «ليندا» و«والتر»، ابنة الأخت الصغيرة ستجد في «والتر» ما يعوض غياب الأم، و«كلاي» سيجد فيه بديلاً عن الأب الغائب، وسيتأكد هذا المعني عندما تعطي «ليندا» مسدس الأب الفارغ الذي يحمله «كلاي» ل«والتر»، وفي خلفية الأحداث ظلال المحاكمة لقاتل «آني» ولقاتل «لاري» وينسج السيناريو عدة مشاهد بارعة سواء بين «ليندا» و«والتر» أو بين «والتر» و«كلاي» أو بين «والتر» وأمه العجوز وابنة أخته الطفلة، كلها تركز علي أننا نموت بالفقد ونحيا - ولو مؤقتاً - بالحب. ورغم أن «والتر» وهو عمود الفيلم «الأساسي » ضخم البنيان» إلا أنه «طيب القلب» - يحب أخته الراحلة، وينتظر أن يحدد موقفه من المتهم بقتلها وفقاً للحكم. في الجزء الأخير من الفيلم يصدر الحكم بإدانة قاتل «لاري» في حين يبرئ المحلفون قاتل «آني». يقرر «والتر» أن ينتقم لأخته فيهاجم المتهم بعد تبرئته، وفي مشهد آخر جيد يبكي الرجل مؤكداً أنه لم يقتلها أبداً، بل دافع عنها ضد آخرين حتي النهاية، ورغم ذلك يظل «والتر» فاقداً اتزانه، وهنا يقع بعض الاضطراب في تصرفاته حيث يقرر الابتعاد عن «ليندا» وابنها «كلاي»، ويزيد الاضطراب عندما يقرر «كلاي» أن يحمل مسدس والده ليقتل الرجل المتهم بقتل شقيقة «والتر»، الغريب أن «والتر» نفسه تراجع عن قتله، ويقود هذا الاضطراب في النهاية إلي إطلاق كلاي النار علي المتهم البريء فيصيب «والتر»، واستهدف السيناريو بهذا المشهد المفتعل تماماً أن يذهب «كلاي» إلي السجن، وأن يعود «والتر» مصاباً إلي «ليندا» أي أن ما استعادته «ليندا» بالحب بعودة «والتر» فقدته بذهاب ابنها «كلاي» إلي السجن لتستمر ثنائية الفقد والحب حتي النهاية. المعني جميل، ولكن التجسيد الدرامي، ضعيف ومفتعل ولا يليق بفيلم يغزل أحداثه علي مهل وبذكاء وبتفصيلات إنسانية مؤثرة.
لكن التجربة عموماً أكثر من جيدة. هناك مشاهد بأكملها قدمت بإتقان وبراعة من خلال مشخصاتية وموهوبين. وبصفة خاصة كانت المفاجأة بالنسبة لي في أداء آشتون كوتشنر الذي لم يثبت فقط أنه مشخصاتي بارع ولكنه قدم أيضاً أحد أفضل أدواره. لقد كنت أراه مجرد ممثل وسيم طويل عريض يصلح لمسلسلات «السيت كوم» أو للأفلام الخفيفة، ولكننا هنا أمام ممثل شديد الوعي امتزج مع شخصية «والتر» فأصبح جزءاً منها وأصبحت جزءاً منه، لم تفلت منه لحظة واحدة أعقد المشاعر والأحاسيس من الخجل إلي الغضب إلي الانتقام إلي الشعور بالعطف والحب: بل إنه قدم لمسات كوميدية جيدة في مشهد السيطرة علي بكاء «ليندا»، أما ميشيل فايفر» فقدمت أيضاً كل مشاعر السيدة العاشقة في منتصف العمر، بالإضافة إلي أحاسيس الأم التي تخاف علي ابنها الوحيد، والزوجة التي تحولت إلي أرملة بعد حادثة عبثية، وبالطبع فإن المخرج «ديفيدهولاندر» وقيادته لممثليه كانت وراء إجادة الجميع بمن فيهم الممثل الذي لعب دور المتهم البريء بقتل الأخت «آني» الذي ظل صامتاً طوال مشاهد المحكمة، ولكنه الصمت البليغ الذي يتجاوز الكلام.
غلبت علي الفيلم الدرجات الرمادية مع لقطات قليلة كانت الألوان فيها أقرب إلي الدفء من الواضح أنه لا شيء عند صناع الفيلم يعوض غياب الأحباب الذين ننتظر عودتهم.. دون ملل!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.