اختار الفنان الدكتور أحمد عبد الكريم أستاذ التصميم ووكيل كلية التربية الفنية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، «الهدهد» ليكون بطل معرضه الشخصي الخامس والثلاثين في قاعة "اكسترا" بالزمالك تحت عنوان "الهدهد والمعدية" الذي يضم 60 عملا أنجزها الفنان في آخر ثلاث سنوات، لأعمال تصويرية رمزية تتضمن فلسفة إنسانية درامية، حيث يقف "الهدهد" في معظم اللوحات علي قمم العناصر، كأنه يوجه رسالة مستقبلية للعالم، ويتصدر مقدمة "المعدية" ويعبر من الشرق إلي الغرب كرغبة في التغيير والانتقال، عن فكرة المعرض وعن الحركة التشكيلية كان ل«روزاليوسف» معه هذا الحوار. ماذا تقصد بهذا اللقاء الفني التشكيلي بين الهدهد والمعدية؟ - هذا المعرض استكمال لمسيرة أعمالي مع الطبيعة في قرية "دهشور"، تلك القرية التي تقع علي نهاية الخضرة الممتدة من نهر النيل، وتلتقي مع أول الصحراء الغربية في الاتجاه الغربي للصحراء الليبية، فطبيعة هذا المكان من تلال رملية مع خضرة ونباتات، وبحيرة الملك قارون التي تتجمع حولها الطيور المهاجرة من كل العالم في فصل الشتاء. ساعدتني كثيراً. وما تم بيني وبين طائر الهدهد يعد حوارا ولغة وفلسفة، الهدهد رمز "سيموطيقي" ورمز درامي، يحمل صفات شكلية وأناقة، ألوانه ممزوجة بمعان ورموز ودلالات تعجز عنها كائنات أخري، له شخصية.. يقف بوقار وكبرياء وحرية واستقلال، الهدهد له حضور تاريخي يطلق علية ملك الطيور، يمثل رمزا للحكمة في الحضارة الفرعونية، ورمز استشراق في الفن الإسلامي والقبطي، ورمزًا في القصص الشعبية، حيث نجده مرسوما في مقامات الحريري. أما "المعدية" فأعتبرها كيانًا رمزيا للعبور والانتقال والرغبة في التغيير، ولها معنيان عبور مادي وعبور معنوي، المعدية المادية التي تنقل البشر من مكان إلي مكان في النيل ومن الشرق إلي الغرب كوسيلة انتقال، والمعدية المعنوية أو العقلية أو الروحانية بمعني العبور الذهني، وهذا العبور لحظة ساكنة في عقل الإنسان، وكثيرا ما نعبر بأذهاننا وعقولنا وتأملاتنا إلي عالم آخر بدون حدود للزمن، ونحن جالسون أو في أحلامنا دون حركة العبور الفعلي، وهذا اللقاء يحمل أملاً في الاستقرار، وهو حالة جمالية وفلسفية جمعت بين الهدهد والمعدية. كل لوحة تحمل أكثر من اتجاه فني.. فهل هذا التنوع أضاف لمضمون العمل؟ - لا يشغلني أثناء العمل اتجاه فني محدد، فاستخدمت ألوان الأكريلك والعجائن وأضفت ملامس لتبعث مزيدًا من الجمال واستخدمت طرق الحفر والرسم وكل ما يخدم العمل، وتركت نفسي حسب توجهاتي الذاتية والحسية وإحساسي بالموضوع كمضمون وليس كمجرد شكل، أنا مرتبط جدا بالأشياء التي تحمل رموزًا ودلالات بصرية، أقيم دائماً حوارا وسيناريو إنسانيا وعاطفيا مع عناصر الطبيعة الحية والصامتة. كيف تري الحركة الفنية التشكيلية والاتجاهات المعاصرة؟ - كل الاتجاهات الفنية الموجودة في مصر موجودة في العالم كله، فالحركة الفنية في مصر لو وصفناها بالهبوط والفوضي فذلك يحدث عالمياً، ولو وصفناها بأنها جيدة ومتألقة نجد بها قلة، ولولا وجود الهبوط والفوضي لما بحثنا عن المتميزين، من استطاع من الفنانين أن يستمر علي اتجاه ومذهب فني وتطور من خلاله، فقد أفاد الفن والحركة، ومن تأرجح بين كل الاتجاهات فقد لا يستمر فنانا، الاتجاهات الفنية متواجدة وعلي الفنان أن يختار، لا أحد يرغمه علي اختيار أسلوب، والتاريخ "غربال" سوف "يصفي" من هو زائف وتافه ويحتفظ بالأصالة، فمثلا هناك أسماء ظهرت واختفت، ففي صالون الشباب الأول عام 1989 فاز بالجائزة الأولي في التصوير شخص اسمه أحمد المشد، وعندما بحثنا عنه وجدناه طالبا في كلية التجارة، واكتشفنا أن لوحته كانت موجودة في مخزن كلية التجارة جامعة القاهرة وسرقها ووضع اسمه عليها، فأين اختفي هذا المشد لا أعلم؟ فليس كل من حصل علي جائزة يعني أنه سوف يستمر. أما الاتجاهات المعاصرة مثل "الفيديو آرت" فللأسف هذه الأعمال مقبولة في الخارج وانتشرت في البيناليات بكثافة، ولكنها لا تدوم ولا تترك أثرا ومعظمها منقول من بينالي فينسيا، وانجرف الشباب إليها، فأنا أحزن عليهم وأرجو ألا نخسرهم، فهناك فنانون رائعون ولكنهم ضائعون بسبب "الضامن" الذي يحقق له الفنانون رغباته، فأصبحوا أدوات في أيدي الضامن، أما البيناليات كلها علي مستوي العالم فهي رد فعل لما يحدث عالمياً من أزمات وحروب وتلوث ودمارا، وفي بينالي الإسكندرية فوجئت بجائزة حصلت عليها فنانة تونسية، العمل الفني المقدم منها كتبت فيه علي الحائط عبارات ومفردات "شتيمة" ضد التلوث. هل هذا قصور في اللجنة؟ أم قصور في المحتوي؟ أم قصور في من دعوها للاشتراك في البينالي؟ - لا أعلم!. وأضاف: أطالب رئيس قطاع الفنون التشكيلية الفنان محسن شعلان بإضافة فعالية إنسانية مهمة جدا ولو أسبوع في السنة من خلال عقد مؤتمر تحت عنوان "نحو رومانسية الحركة الفنية"، بمعني التصالح وإيقاف النزاعات غير المفهمومة، فذلك سوف يساهم في إعادة التواصل بين الأجيال وبين الفنانين وبين النقاد، ولنأخذ المعدية ونتخطي ونعبر الخلافات لنصل إلي بر أمان نفسي وفني.