الرسالة التي بعثها الرئيسان حسني مبارك والسوداني عمر البشير إلي نظرائهما في دول حوض النيل أدت إلي وضع حد لحالة التوتر وآجواء التشاؤم التي سادت اجتماعات وزراء الموارد المائية لدول حوض النيل في شرم الشيخ خاصة بعد تمسك دول المنبع بتوقيع اتفاقية منفردة بعيداً عن مصر والسودان. وأكد محمد نصر علام وزير الري والموارد المائية أن الاجتماعات لم تخرج بقرار صريح بوقف التفاوض مع دول حوض النيل حول الاطار القانوني للاتفاقية الجديدة وأكد أن الباب مازال مفتوحاً للتفاوض انتظاراً لرد رؤساء دول حوض النيل التي ارسلها الرئيس مبارك والبشير. وقال وزير الموارد المائية والري السوداني كمال علي محمد عقب انتهاء اجتماعات أمس الأول إن رؤساء دول المنبع سيقومون بالرد علي هذه الرسائل والمقترحات. وأعرب عن تفاؤله للوصول إلي تعاون بناء لصالح شعوب دول الحوض، موضحًا أن المبادرة المصرية السودانية لتكوين مفوضية تحقق التوازن والعدالة بين الدول، مؤكدًا أن موقف مصر وبلاده في الاتفاقية الإطارية لمياه النيل واحد، خاصة فيما يتعلق بعدم التوقيع إلا في حالة ضمان الأمن المائي والحقوق التاريخية لدولتي المصب (مصر والسودان). في السياق ذاته، ومع بزوغ فجر أمس بعد اجتماعات مغلقة شديدة السخونة استغرقت ما يقرب من 20 ساعة بشرم الشيخ بدأت في التاسعة من صباح الثلاثاء الماضي للمجلس الوزاري لدول حوض النيل الذي شهد مغادرة رؤساء وفود ونعاس وزراء وإغماءات بين الصحفيين من شدة التعب. أصدرت دول منابع النيل السبع بوروندي والكونغو الديمقراطية وأثيوبيا وكينيا ورواندا وتنزانيا وأوغندا بيانًا رسميًا مشتركًا أكد تخليها عن الاستمرار في المفاوضات حول النقاط الخلافية في الاتفاقية الجديدة وعزمها علي عدم الاعتراف إلا بقراراتهم المنفردة خلال اجتماعات كينشاسا العاصفة. حددت الدول السبع فتح باب التوقيع علي الاتفاقية اعتبارًا من 14 مايو المقبل ولمدة عام واحد فقط دون البنود الخاصة بالإخطار المسبق قبل تنفيذ المشروعات ودون بند الاعتراف بالحقوق المائية التاريخية المصرية السودانية وآلية اتخاذ القرارات بالإجماع.. وأكد وفود السبع دول رفضهم مبادرة مصر والسودان بمهلة جديدة وجولة إضافية للتفاوض وأعلنت في البيان الختامي الصحفي لها رسميًا عن إصرارها التوقيع المنفرد علي المبادرة الجديدة بدون مصر والسودان بسبب تمسكهما ببنود الأمن المائي وحقهما في الحصص القديمة، وأكد أن اجتماعات شرم الشيخ تعد آخر سلسلة من المفاوضات حول الاتفاقية الإطارية للتعاون منذ بدء إطلاق المفاوضات عام 1995 وسط تأكيدات الخبراء المشاركين بأن البيان يؤكد أنه لن تكون هناك مفاوضات أخري في أديس أبابا يوليو المقبل كما طلبت مصر والسودان. من جانبه عقد السفير رضا بيبرس نائب مساعد وزير الخارجية لشئون دول حوض النيل، مؤتمرًا صحفيًا عاجلاً أمام قاعة الاجتماعات بعد أن تم إيقاظ الصحفيين ومراسلي الوكالات والقنوات المختلفة الذين كانوا يفترشون بهو فندق الاجتماعات، أكد خلاله أن مصر رفضت التوقيع علي الاتفاقية بصيغة كينشاسا، وأن موقفنا القانوني قوي، ولن يتأثر بهذا التوقيع المنفرد ولدينا اتفاقات تم توقيعها منذ عام 1800 مع كل دول الحوض وهي اتفاقيات تحمي الحقوق التاريخية لمصر في مياه النيل كما أن اتفاقيتي 59 و29 ملزمتان، وشدد علي أن مصر ليست في حاجة إلي التحكيم الدولي لأن الاتفاقيات الموقعة تضمن حقوقها. وشدد «بيبرس» علي أن حصة مصر والسودان لن تمس ومع ذلك فإن مصر تأسف لهذا القرار والموقف الذي اتخذته دول المنبع خارج إطار المبادرة الجماعية لحوض النيل الموقعة منذ 10 سنوات بين الدول التسع.. وكشف عن نية مصر في إعادة النظر في المشروعات الجديدة التي تم الاتفاق عليها مع بعض الدول إلا أنه عاد ليؤكد أن هذا الموقف كان من حسناته أنه عزز بل أظهر قوة العلاقات المصرية السودانية مبينًا أن هذه المفوضية المزمعة للمنبع لن تتمتع بالجدارة القانونية. وأنهي حديثه بالتأكيد أن مصر لديها من الإمكانات والوسائل التي تمكنها من الرد بقوة علي أي مواقف تؤثر علي حصتها التاريخية من مياه النيل.