كتبت بالأمس عن بعض تفاصيل فيلم (البابا شنودة.. رحلة مؤسسة.. ومسيرة بطريرك) الذي عرضته قناة الجزيرة الوثائقية، واليوم أود أن أذكر بعض المعلومات الهامة التي يمكن رصدها، وعلي سبيل المثال: - إن مدة الفيلم محدودة، وبالتالي لا يمكن أن تستوعب تلك الدقائق مهما طالت حياة البابا شنودة الثالث بتفاصيلها الكثيرة وملامحها الدقيقة، وما يترتب علي ذلك من التركيز علي بعض المراحل، والعبور السريع فوق مراحل أخري، وإهمال بعض المراحل. ويتحكم في ذلك بالدرجة الأولي رؤية الإبداع لكاتب السيناريو.. بدون اللجوء لنظرية المؤامرة في تفسير ذلك. - إن الفيلم قد حاول تسجيل شهادات حية مع العديد من التيارات الفكرية والسياسية والإنسانية، بداية من أصدقاء دراسة البابا (يسري سدراك وفايز عبد النور) وبعض رجال الدين المسيحي (الأنبا بيشوي والأنبا بسنتي والقمص عبد المسيح بسيط والقمص صليب متي ساويرس)، ومروراً ببعض المفكرين والمثقفين (د. رفعت السعيد ود. ميلاد حنا وحسب الله الكفراوي وإبراهيم فهمي هلال ود. يحيي الجمل ويوسف سيدهم وكمال زاخر ود. رفيق حبيب وسامح فوزي ورمسيس النجار)، وصولاً لبعض رموز التيارات الإسلامية (فهمي هويدي وجمال البنا ود. كمال حبيب). وما يعني ذلك من محاولة رسم ملامح عامة لرؤية التيارات المختلفة لبطل الفيلم البابا شنودة الثالث. - يتضمن الفيلم العديد من التفاصيل التاريخية التي لا يعرف الكثير منا عنها شيئاً.. حيث تتضمن تفاصيل العلاقات والأشخاص والمواقف التي وظفها كاتب السيناريو لتكون بمثابة الخلفية التاريخية والسياق الذي برز فيه دور البابا من خلال رسم ملامح له منذ ولادته وإلي الآن. - تناول الفيلم شخصية البابا شنودة الثالث من خلال نشأته وتكوينه، ومن خلال تعليمه (آداب قسم تاريخ) والتحاقه بالضباط الاحتياط، ثم بالتحاقه بالرهبنة وبداية رسم توجه جديد للكنيسة القبطية في مصر. وهو ما أكد عليه الفيلم بأشكال متعددة خاصة لربطه بين ما يحدث في الكنيسة وما يحدث في المجتمع.. علي اعتبار أن الكنيسة هي جزء من المجتمع تتأثر بمتغيراته، وتؤثر في توجهاته. أعتقد أن فيلم (البابا شنودة.. رحلة مؤسسة.. ومسيرة بطريرك) هو واحد من أهم الأفلام التوثيقية المعروفة باسم ال Documentary التي تم إعدادها عن شخص البابا شنودة الثالث علي الإطلاق، كما أنها تعد من أصعب أنواع الأفلام لأنها من المفترض أن تلخص موضوع الفيلم في دقائق معدودة من شأنها أن ترسم للمشاهد ملامح عامة عن موضوع الفيلم، وما يترتب علي ذلك من تحديد أولويات الأحداث واستبعاد أحداث أخري في إطار يجعل تلخيص الأحداث غير مخل برسالة الفيلم ومضمونه. في تقديري.. أنه سواء اتفقنا أو اختلفنا مع الفيلم في بعض التحليلات أو بعض الآراء التي وردت فيه؛ فلا يمكن سوي أن أؤكد أنه فيلم يستحق التقدير والثناء لما يمثله من إبداع أراد به صاحبه أن يكون له سبق الدخول في جدل تناول شخص البابا شنودة الثالث. تحية تقدير لفريق عمل الفيلم صديقي العزيز عبد الله الطحاوي (صاحب الإعداد والسيناريو)، وشريف نور (الموسيقي)، والمخرج عبد الرحمن عادل.