تغير مشهد السياسة العالمية كثيرا خلال العقد الاخير وخاصة خلال الثماني سنوات التي تولي فيها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن عرش البيت الأبيض والتي خلفت عراقاً ممزقاً وحرباً دارت رحاها في أفغانستان لم تكتب لها نهاية حتي الان. ولكن لم يكن بوش هو وحده من يحكم البيت الابيض بل هناك آخرون يحركونه من وراء الستار ومن بينهم العقل المدبر له كارل روف والذي يروي مذكراته في كتابه الجديد تحت عنوان"شجاعة ونتيجة:حياتي كمحافظ في وسط القتال" يكشف من خلاله عن الكثير من الأسرار داخل البيت الأبيض خلال فترة حكم بوش. ولد كارل روف في عام 1950 في مدينة كولورادو بالولاياتالمتحدةالأمريكية والتحق بجامعة "جورج ماسون" ومنذ السنوات الأولي لصباه كان لدي روف ولع بالسياسة وكان لديه حماسة لتأييد لحملة الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون مرشح الحزب الجمهوري ضد الرئيس الأسبق جون كينيدي عام 1960 ثم دخل روف إلي الحياة السياسية ولعب دورا مهما في ترشيح بوش الابن لمنصب محافظ تكساس وظل معه حتي دخوله قلعة البيت الأبيض ليصبح رئيس أكبر دولة في العالم. واستطاع روف أن يحظي بثقة بوش فبعد انتخابات عام 2000 أصبح روف كبير مستشاري البيت الأبيض بل ومستشاره السياسي الاول ومنذ ذلك الحين بدأ روف يحرك سياسات البيت الأبيض من وراء الستار حتي لقب بإنه "مخ بوش".وكان هو المحرك الأساسي لمعارك بوش الانتخابية منذ المنافسة علي منصب حاكم ولاية تكساس حتي الحملات الانتخابية لرئاسة البيت الأبيض. وعلي عكس ما نتوقعه من رجل خبير بأسرار وخبايا البيت الأبيض كشف روف خلال كتابه الجديد جانبا كبيرا من حياته الشخصية فكان غياب الأب هو السمة السائدة في حياة روف وانتهي الأمر بانفصال أبويه وانتحار والدته فاتسمت حياته الشخصية بالمعاناة والألم. ويزيل روف الستار عن الجدل الدائر بشان وجود أسلحة دمار شامل في العراق و الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 والذي أدي إلي الإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين ويصر روف علي انتقاد زعماء الحزب الديمقراطي لأنهم في البداية كانوا مؤيدين للحرب علي العراق وبعد ذلك تغير موقفهم وشنوا هجوماً علي قرار الحرب بل واتهموا بوش بالكذب بغرض تحقيق مصالح سياسية.. ويري روف أن الضعف في الرد علي هذه الاتهامات هو الخطأ الأكبر الذي وقع خلال سنوات بوش مؤكدا أن عليه بذل المزيد من الجهد لنفي الادعاءات بأن الرئيس بوش كذب بشأن أسلحة صدام حسين. ويصف روف بوش بإنه كان زعيما حازما في التصدي لهجمات الحادي عشر من سبتمبر التي هزت الولاياتالمتحدةالأمريكية ويصور بوش علي انه كان ضحية لمعلومات الاستخباراتية خاطئة أدت إلي اندلاع حرب العراق التي لم تحظ بشعبية كبري كما اعترف بأن عدم العثور علي هذه الأسلحة أدي إلي أضرار كبيرة بمصداقية إدارة بوش. وأشار روف إلي أن غزو العراق كان رد فعل مشروعاً تجاه سياسة صدام. ودافع عن إتباع نظام التعذيب بصب الماء علي الوجه المتبع في الاستجواب لانتزاع معلومات من المعتقلين في معتقل جوانتانامو.كما دافع في كتابه عن رد فعل الرئيس بوش علي إعصار كاترينا. فضلا عن ذلك يعد روف من أهم الأصوات التي وقفت في وجه قانون اباحة الإجهاض. وعنوان الكتاب عن رجل الشجاعة والنتيجة ويقصد روف هنا أن هذا الرجل هو الرئيس الثالث والأربعون للولايات المتحدةالأمريكية جورج دبليو بوش فمن وجهة نظره بوش كان زعيماً نادراً أكد علي أولوية الحرية والديمقراطية وفي الوقت ذاته يعترف بأن فترة ولايته لم تكن خالية من الأخطاء .فالكتاب في النهاية يعد مؤيداً للحقبة التاريخية لبوش التي تركت أمريكا غارقة في حرب العراق ومستنقع أفغانستان.