"لم يكن هناك تعذيب.. هؤلاء المحققون الأمريكيون ليسوا الا أمريكيين وطنيين لم ينتهكوا قيمنا لكنهم لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم والا حاكمتهم وزارة العدل" هكذا يبدو منطق المحافظين الجدد في الدفاع عن عمليات التعذيب في معتقل جوانتانامو ابان عهد جورج بوش، الا أن هذه التبريرات لم تنته برحيل بوش عن البيت الأبيض.. بل انها اكتسبت بعدا جديدا بمضي الوقت يتمثل في الهجوم الشرس علي الرئيس باراك أوباما إلي حد اتهامه بأنه يدعو الارهابيين لتنفيذ عمليات جديدة بسياساته غير المجدية. في كتابه الجديد بعنوان "مغازلة كارثة: كيف أبقت السي آي ايه أمريكا في أمان وكيف يدعو باراك أوباما لهجوم جديد"، يقول مارك تايسن كبير كتاب خطب الرئيس السابق بوش ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد والمطلع علي معلومات مخابراتية حساسة وغاية في الأهمية عن العناصر الارهابية المنتمية لتنظيم القاعدة "ان المحاولة الفاشلة لتفجير طائرة ديترويت عشية عيد الميلاد كان من الممكن أن تتحول لسيناريو ثان لهجمات سبتمبر تدمر ولاية ديترويت بأكملها".. أما أسباب الاخفاق الأمني في نظره فهي سياسات أوباما لمحاربة الارهاب اذ يقول تايسن ان الرئيس الديمقراطي يعمل علي قتل العناصر الارهابية أكثر من اعتقالها لاستجوابها واستخراج معلومات مهمة منها، مشيرا إلي انه خلال العام الأول لأوباما تم القضاء علي برنامج المخابرات المركزية الأمريكية لاعتقال واستجواب الارهابيين لاستخراج معلومات عن هجمات يجري الاعداد لها واستبدل بتصعيد في عمليات قتل زعماء الارهاب. ويضيف في كتابه ان برنامج الاعتقال والاستجواب كان له الفضل في منع وقوع عمليات ارهابية ضد الولاياتالمتحدة من خلال التحقيق مع 100 ارهابي تم اعتقالهم بموجب هذا البرنامج. يقول تايسن: "هناك خطورة متزايدة في تكرار هجمات الحادي عشر من سبتمبر لأننا لم نعد نحقق ونعتقل كبار أعضاء تنظيم القاعدة" مستشهدا بصحيفة "واشنطن بوست" التي أكدت أنه لم ترد تقارير عن أي عمليات اعتقال تمت علي مستوي كبير خلال العام الماضي. الكتاب لم يكن ينبغي أن يصدر كما يردد المؤلف في كل ندوة تعقد له وآخرها كان في مؤسسة "التراث" اليمينية الأمريكية، وذلك لأسباب تتعلق بالأمن فهو يشرح في الكتاب عمليات اعتقال كبار العقول الارهابية مثل خالد شيخ محمد العقل المدبر لهجمات سبتمبر وحتي لا يحصل الارهابيين علي دليل لمقاومة عمليات التحقيق، لكن الأهم هو السبب الذي دفع تايسن لاصدار هذه المعلومات علنا في كتاب.. وهو الرئيس باراك أوباما. اللافت أن الكتاب حظي باشادة من ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي السابق الذي لم يفتر هجومه المتواصل علي أوباما كلما سنحت الفرصة، وبالطبع يجد تايسن في اشادة تشيني ترويجا هائلا لكتابه في أوساط المحافظين الجدد الذي ينتمي لهم خاصة وأن تشيني يبدو من خلال كلماته وكأنه يجعل حقيقة التحقيقات مع الارهابيين وما حدث في معتقل جوانتانامو حكرا علي تايسن والتيار الذي ينتمي اليه، قائلا "مارك تايسن يعرف بطرق يعرفها القليلون كيف كان المحققون الذين أبقوا هذه الدولة آمنة بعد الحادي عشر من سبتمبر أبطالا ولديهم مبررات أخلاقية. اذا كنت تريد أن تعرف ما جري فعلا وراء الأحداث في مواقع التحقيقات التابعة لل"سي آي ايه" أو في معتقل جوانتانامو.. فانه يجب عليك ببساطة أن تقرأ هذا الكتاب".