أثارت الحملة التي يقوم بها في الولاياتالمتحدة منذ أسابيع أنصار الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش على محامين من وزارة العدل دافعوا عن معتقلي جوانتانامو، موجة تنديد حتى بين المحافظين أنفسهم الذين قارنوها بالحملة على الشيوعية. ويقول أنصار الإدارة السابقة إن هؤلاء المحامين ليسوا في الواقع إلا من أنصار الإرهاب يعملون من داخل الإدارة الأمريكيةالجديدة. وجاء في فيديو دعائي وضعته على الانترنت الأسبوع الماضي جمعية "حافظوا على سلامة أمريكا" اليمينية المتشددة التي تتزعمها ليز تشيني ابنة نائب الرئيس الأمريكي السابق: "من هم هؤلاء المسئولون الحكوميون؟ لماذا هذا التكتم مع من يتقاسمون قيمهم مع القاعدة؟". وكانت هذه القضية قد بدأت قبل ثلاثة أشهر حين طلب شوك جراسلي السيناتور الجمهوري من اريك هولدر وزير العدل أن يزوده بلائحة موظفي إدارته الذين دافعوا فرادى أو جماعيا عن أشخاص متهمين بالإرهاب وخصوصا عن معتقلي جوانتانامو. وفي المجموع مثل نحو 700 محام مدني وعسكري أمريكي مئات من معتقلي جوانتانامو منذ أن منحتهم المحكمة العليا هذا الحق في عام 2004. ومع تولي الرئيس الأمريكي باراك اوباما السلطة أصبح أحد هؤلاء نيل كاتيال الذي كسب في عام 2006 أمام المحكمة العليا قضية لمعتقلي جوانتانامو ضد إدارة بوش، العضد الأيمن للممثلة الجديدة لإدارة أوباما في المحكمة العليا. ولم تخف الوزارة أبدا هذا الأمر بل إنها أشارت إلى اسمه وإلى اسم محامية سابقة لدى منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في رسالة مفصلة للكونجرس. وأكدت فيها أن 7 آخرين من موظفيها مثلوا معتقلين باسمهم الشخصي أو ضمن هيئة دفاع جماعية دون كشف هوياتهم. وهؤلاء المحامين الذين يدافعون عن الحكومة أمام المحاكم، يتنحون عن أي قضية تتعلق من بعيد أو قريب بتجاربهم السابقة كما هو شأن أي محام في أي مجال قضائي، بحسب ما أوضحت الوزارة. بيد أن رد الوزارة لم يرض جميع الجمهوريين الذين أكدوا عبر السيناتور جراسلي أن للأمريكيين "الحق في معرفة من يقدم المشورة لوزارة العدل والرئيس" بشأن قضايا الأمن القومي. واحتدم الجدل من خلال تدخل صحف كل فريق فيه وصدور مقالات من الجانبين تعرب عن القلق من حملة ظالمة شبيهة بتلك التي نظمها السيناتور جوزيف مكارثي قبل خمسين عاما ضد الشيوعيين والتي عرفت بالفترة المكارثية. واعتبر 22 قاضيا سابقا تابعين لإدارات جمهورية بينهم كنيث ستار النائب العام الذي كان قد أطلق في عام 1998 إجراءات إقالة الرئيس الأسبق بيل كلينتون، في نص مشترك أن الاتهامات بحق المحامين ظالمة ومشينة. وجاء في هذا النص إن "مطالبة وزارة العدل بعدم استخدام محامين متميزين دافعوا عن معتقلين يساوي تحقير وطنية أشخاص تبنوا مواقف نزيهة من قضايا مثيرة للجدل". وأشاروا إلى جون ادامز احد مؤسسي الولاياتالمتحدة الذي دافع في عام 1770، باسم المجموعة الوطنية، عن جنود بريطانيين. وقال ديفيد ريفكين الذي كان مستشارا لإدارة بوش وأحد الموقعين على النص، لوكالة الفرنسية: "في نظامنا القضائي يتمثل عمل المحامي في تمثيل موكله بهمة أمام المحاكم حتى إن كان الموكل مكروها". وأضاف بأسف إن ما يجري "مكارثية مخيبة" مؤكدا انه حتى إذا "كان ذلك وسيلة سياسية جيدة لمهاجمة الإدارة، فإنه أمر خاطئ".